Ok

En poursuivant votre navigation sur ce site, vous acceptez l'utilisation de cookies. Ces derniers assurent le bon fonctionnement de nos services. En savoir plus.

Blog - Page 2

  • خير الدين بربروس

    BARBAROS_HAYREDDIN_PASA.jpg

    خير الدين بربروس (1472-1543)


    اسمه" خضر بن يعقوب" ، واشتهر بلقب " بربروس "، أي ذو اللحية الشقراء.

    وأطلق عليه السلطان سليم الأول لقب "خير الدين".

    ولد في حدود 1472 بجزيرة ميديللي وكان الأصغر في أربع اخوة : اسحاق وعروج وإلياس ومحمد.

    والده هو يعقوب وهو إنكشاري أو سباهي من فاردار. أما والدته كاتالينا المسيحية فقيل أنها كانت أرملة قس.

    عمل الأخوة الأربعة كبحارة ومقاتلين في البحر المتوسط ضد قرصنة فرسان القديس يوحنا المتمركزين في جزيرة رودس. قتل إلياس في معركة واسر عروج في رودس الذي مالبث أن فر إلى إيطاليا ومنها إلى مصر. استطاع عروج أن يحصل على مقابلة مع السلطان قنصوه الغوري الذي كان بصدد إعداد أسطول لإرساله إلى الهند لقتال البرتغاليين . أعطى الغوري عروج سفينة (مركزها الإسكندرية) بجندها وعتادها لتحرير جزر المتوسط من القراصنة الأوربيين.

    حوالي 1505 استطاع عروج الاستيلاء على 3 مراكب واتخذ من جزيرة جربة (تونس) مركزا له ونقل عملياته إلى غرب المتوسط.

    طبقت شهرة عروج الآفاق عندما استطاع بين العامين 1504 و 1510 إنقاذ الآلاف من مسلمي الأندلس (Mudejar) ونقلهم إلى شمال أفريقيا. في عام 1516 استطاع تحرير الجزائر ثم تلمسان مما دفع أبو حمو موسى الثالث إلى الفرار. تآمر أبو زيان ضده فقتله وأعلن نفسه حاكما على الجزائر. استشهد عروج (وعمره 55 عاما) في معركة ضد الإسبان الذين كانوا يحاولون إعادة احتلال تلمسانوخلفه أخوه الأصغر خير الدين (خضر).

    استطاع خير الدين صد الجيش الإسباني الذي حاول احتلال الجزائر في 1529. في عام 1531 استولى على تونس مجبرا الملك الحسن بن محمد الحفصي على الفرار.

    في عام 1533 عين السلطان العثماني خير الدين قائدا عاما (باش قبودان) للأسطول العثماني.

    في عام 1535 طلب الحسن الحفصي مساعدة الإسبان فأرسل شارل الخامس حملة استطاعت الاستيلاء على تونس في نفس العام.

    في عام 1538 سحق خير الدين أسطول شارل الخامس في معركة بريفيزا (بريفيزا) التي أمنت سيطرة العثمانيين على شرق المتوسطلمدة ال 33 عاما المقبلين.

    في عام 1541 أقصى أحمد بن الحسن الحفصي أباه عن حكم تونس لتبعيته للإسبان.

    في عام 1544 عندما أعلنت أسبانيا الحرب على فرنسا طلب فرانسوا الأول ملك فرنسا المساعدة من السلطان سليمان العثماني. أرسل السلطان سليمان خير الدين على رأس أسطول كبير و تمركز في مارسيليا التي تنازل عنها الفرنسيين للعثمانيين لمدة 5 أعوام. نجح خير الدين في دحر الإسبان من نابولي والساحل الفرنسي.

    على منوال أخيه عروج قام خير الدين بإنقاذ 70.000 مسلم أندلسي (Mudejar) مستخدما أسطول من 36 سفينة في 7 رحلات ووطنهم في مدينة الجزائر مما حصنها ضد الهجمات الإسبانية.

    . بعد حياة حافلة بالجهاد والغزو توفي خير الدين في تموز 1546 عن عمر 65 عاما في قصره المطل على مضيق البوسفور بالآستانةودفن في تربته التي أعدها بنفسه في ساحل باشكتاش بإستانبول، وخلفه ابنه حسن باشا في حكم الجزائر.

  • حدث في مثل هذا اليوم 1/9 ـــ 11/ رمضان

    حدث في مثل هذا اليوم 1/9 ـــ 11/ رمضان


    *ميلادي*
    > سنة 1920 - تأسيس دولة لبنان وإعلان الجمهورية



    > سنة 1939 - في الساعة الرابعة وخمس وأربعين دقيقة فجر هذا اليوم بدأت الحرب العالمية الثانية بغزو ألمانيا لبولندا


    > سنة 1957 - الاتحاد السوفيتي يطلق أول صاروخ عابر للقارات.


    > سنة 1961 - عقد في يوغسلافيا مؤتمر بلغراد للدول المحايدة.


    > سنة 1968 - فجرت فرنسا قنبلتها الهيدروجينية الأولى في تاهيتي


    > سنة 1969 - قيام ثورة الفاتح في ليبيا بقيادة العقيد معمر القذافي، وإلغاء الملكية في ليبيا وإعلان الجمهورية لأول مرة


    > سنة 1971 - قيام اتحاد الجمهوريات العربية بين مصر وليبيا وسوريا


    > سنة 1971 - إعلان استقلال دولة قطر


    *هجري*
    > سنة 9هـ ــ قدم وفد من ثقيف على رسول الله مُحَمّد (صلى الله عليه وسلّم) فأسلموا. وكان سيدهم عروة بن مسعود قد جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) مُنْصَرَفَهُ من حنين والطائف وقبل وصوله إلى المدينة أسلم وحسن إسلامه وأستأذن الرسول (صلى الله عليه وسلّم) في الرجوع إلى قومه ليدعوهم إلى الإسلام، فأذن له وهو يخشى عليه، فلما رجع إليهم ودعاهم إلى الإسلام رموه بالنبل فقتلوه ثم ندموا. ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب الرسول (عليه الصلاة والسلام)، فبعثوا وفدهم هذا اليوم معلنين إسلامهم، فقبل منهم الرسول ذلك وبعث معهم أبا سفيان صخر بن حرب والمغيرة بن شعبة لتحطيم أصنامهم.


    > سنة 13هـ ــ انتصر المسلمون في موقعة البويب في العراق، أرسل الفرس جيشاً بقيادة مهران بن بازان، عبر الفرس الجسر إلى موضع يُسمى البويب. والتقى المسلمون معه في قتال عنيف، كانوا بقيادة المثنى. وقد نصر الله المسلمين نصراً أعاد إليهم ثقتهم في أنفسهم بعد هزيمة موقعة الجسر. وقتل في المعركة خلقٌ كثير منهم مسعود بن حارثه، أخو المثنى.


    > سنة 95هـ ــ استشهد سعيد بن جبير على يد الحجاج بن يوسف الثقفي.


    > سنة 129هـ ــ ظهور دعوة بني العباس في خراسان بقيادة أبي مسلم الخراساني.


    > سنة 343هـ ــ رحل الفقيه العلاّمة أبو عبد الله القرطبي، كان عالماً في اللغة والتاريخ، ومن أشهر مؤلفاته كتاباً في شعراء الأندلس، بلغ فيه الغاية، كان القرطبي من أشهر أدباء عصره تواضعاً، وحباً للعزلة، كان له شعرٌ جميل، منه قوله:


    يقولون البياضُ لبستُ حزنٍ بأندلسٍ فقلتُ من الصوابي
    ألم ترني لبست بياضَ شعري لأني حزنتُ على الشبابيِ



    > سنة 597هـ ــ رحل العماد الكاتب الوزير العلاّمة أبو عبد الله مُحَمّد بن حامد الأصبهانيّ، ولد سنة تسع عشرة وخمسمائة بمدينة أصبهان، تفقه ببغداد على ابن الرزّاز، وأتقن الفقه والخلاف والعربيّة، ثم تعانَى الكتابة والترسل والنظم، ففاق الأقران. وحاز قصب السبق. وصنّف التصانيف الأدبية وخُتم به هذا الشأن.


    > سنة 624هـ ــ وفاة جنكيز خان: توفي تيموجين بن يسوكاي بهادر، المعروف بجنكيز خان، مؤسس إمبراطورية المغول، وواحد من أقسى الغزاة الذين نكب بهم تاريخ البشرية، وارتكب من المذابح ما تقشعر لهولها الأبدان.


    > سنة 655هـ ــ رسالة هولاكو إلى الخليفة المستعصم بالله: كتب القائد المغولي هولاكو رسالة إلى الخليفة العباسي المستعصم بالله يدعوه للاستسلام والخضوع والحضور لحضرته وإعلان ذلك.


    > سنة 702هـ ــ رحل في مدينة بعلبك بلبنان الشيخ الإمام العلاّمة شرف الدين أبو الحسن اليونيني البعلبكي، اسمه أبو الحديث، تفقه، كان عابداً، عاملاً كثير الخشوع، دخل عليه شخص وهو بخزانة الكتب، فجعل يضربه بعصا على رأسه ثم بالسكين فبقي مريضاً أياماً إلى أن توفي في مثل هذا اليوم ودُفن بباب بطحا، تأسف الناس عليه لعلمه وعمله وحفظه الأحاديث وتودده إلى الناس وتواضعه وحسن سمته ومروءته.


    > سنة 986 هـ ــ انتصار العثمانيين على الصفويين في معركة “شماهي”: انتصر العثمانيون على الصفويين في معركة “شماهي” في القفقاس، وقد خسر الصفويون في هذه المعركة 15 ألف قتيل، وجاءت هذه المعركة في إطار حروب طاحنة بين الجانبين للسيطرة على زعامة العالم الإسلامي.




    منقول

  • les vieux dossiers : l'affaire Mahmoud BenAyad

    L'affaire Mahmoud Ben Ayad est une affaire judiciaire tunisienne qui dure de 1857 à 1876 et découle des détournements de fonds publics de Mahmoud Ben Ayad, de son complice, le directeur de la trésorerie Nessim Samama, et surtout du grand vizir Mustapha Khaznadar.

    250px-Mustapha_Khaznadar.JPG

    L'affaire est l'un des exemples les plus frappants de la mauvaise gestion des deniers publics par des ministres corrompus et des proches du pouvoir. Tous ces détournements et gestions irresponsables ont conduit l'État tunisien à la faillite et à une dépendance financière vis-à-vis de l'Europe, l'une des causes de l'instauration du protectorat français en Tunisie. Plusieurs hommes politiques de l'époque ont relaté les principaux évènements de cette affaire, dont Ibn Abi Dhiaf et le général Husseïn.

    Mahmoud Ben Ayed (محمود بن عياد), né en 1805 à Tunis et décédé en 1880 à Constantinople. Il est issu d'une famille de marchands de la bourgeoisie tunisoise, d'origine djerbienne, qui s'intègre en 1740 à la cour beylicale et constitue une dynastie de caïds et de fermiers généraux. Son père est un grand personnage en vue à la cour du bey de Tunis, Ahmed I Bey, mais dont le crédit ne tarde pas à baisser.

    200px-Ahmed_Bey_1.jpg

     

    Dès 1840, Mahmoud Ben Ayed parvient à se hisser aux plus haut postes de l'État tunisien. Il y accapare une grande partie des fermes fiscales de l'État et plusieurs caïdats lui sont cédés. Il se rapproche d'Ahmed I Bey et, surtout, de son principal ministre, Mustapha Khaznadar. Il place son complice, Nessim Samama, comme directeur de la trésorerie. On apprend plus tard que c'est à partir de cette époque que Ben Ayed transfère ses détournements vers l'étranger et sollicite la nationalité française pour se placer sous la protection du consul de France ou s'expatrier lui-même.

    En 1857, le nouveau bey de Tunis Mohammed, face aux déficits du trésor tunisien, met en place une commission spéciale pour apurer les comptes de Ben Ayed. Elle est composée du comte Guiseppe Raffo, Italien au service du bey comme ministre des affaires étrangères, de Mustapha Saheb Ettabaâ, ancien ministre qui jouit d'une réputation « d'honnêteté et de justice proverbiale » selon Léon Roches (consul français de l'époque), du premier secrétaire beylical et homme de confiance de Mohammed Bey, et enfin du ministre et général Husseïn.

    Très vite, la réalité des sommes détournées devient faramineuse : on parle de plus de vingt millions de piastres tunisiennes, ce qui correspond quasiment à la dette de l'État tunisien envers les banques étrangères. À cette époque, Ben Ayed est déjà en France. Comme le recours à la force est impossible, le gouvernement envoie plusieurs émissaires, dont les généraux Husseïn et Rachid, pour tenter de le ramener en Tunisie mais rien n'y fait ; celui-ci mène alors grand train à Paris, Alphonse Daudet le surnommant le « nabab de Paris » et finit ses jours à Constantinople.

    La commission ne peut toutefois affronter Mustapha Khaznadar, qui reste jusqu'en 1876 l'homme le plus influent et le plus puissant du régime. Le général Husseïn tente plusieurs fois de le dénoncer ainsi que le nouveau grand vizir Mustapha Ben Ismail, jugé tout aussi corrompu, à l'opinion tunisienne et au bey, dont il est très possible qu'il ait connu les agissements de ses ministres. Mais Husseïn se voit contraint de démissionner en 1863 et de quitter la Tunisie. Il faut attendre une autre commission, mise en place en 1876 par Sadok Bey en raison des difficultés financières grandissante de l'État, pour voir les enquêtes reprendre. Présidée par Kheireddine Pacha, la seconde commission met en évidence le rôle de Khaznadar dans le détournement de près de deux millions de francs de l'époque et conclut également que ce ministre avait été le principal instigateur des détournements à l'époque de Ben Ayed.

  • قصة إسلام العالم الفرنسي "موريس بوكاي" Dr Maurice Bucaille


    BUCAILL1.JPG



    ولد موريس بوكاي من أبوين فرنسيين وتربى في أحضان الديانة النصرانية، وتخرج من كليه الطب من إحدى جامعات فرنسا حتى أصبح أشهر جراحي فرنسا آنذاك ..وبدأت القصة :

    اشتهرت فرنسه بشغفها للآثار والتراث القديم وفى عهد الرئيس الفرنسي الاشتراكي (فرانسوا ميتران) أرسلت هيئة الآثار الفرنسية إلى هيئة الآثار المصرية فى طلب مومياء (فرعون مصر) إلى فرنسا لإجراء اختبارات وفحوصاتأثرية لمعرفة الكثير من الحقائق حول جثمان الفرعون ..

    فتم نقل جثمان أشهر طاغوت عرفته مصر والأرض كلها.. وهناك وعلى أرض المطار اصطف الرئيس الفرنسي منحنياً هو ووزراؤه وكبار المسئولين في البلد عند سلم الطائرة ليستقبلوا فرعون مصر استقبال الملوك وكأنه مازال ذلك الطاغية حيا..! وكأنه إلى الآن يصرخ على أرض مصر ويقول: (أنا ربكم الأعلى)!

    ولما انتهت مراسم الاستقبال الملكي لفرعون مصر على أرض فرنسا حملت مومياء الطاغوت بموكب لا يقل حفاوة عن استقباله وتم نقله إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي.. ليبدأ بعدها أكبر علماء الآثار في فرنسا وأطباء الجراحة والتشريح دراسة تلك المومياء واكتشاف أسرارها, وكان رئيس الجراحين والمسؤول الأول عن دراسة هذه المومياء الفرعونية هو البروفيسور "موريس بوكاي".

    وقام كل عالم من هؤلاء الجراحين كل واحد في مجاله أما الدكتور "موريس بوكاي" رئيس البعثة فقد شغله شيء آخر وهو كيف مات هذا الداهية الطاغية وكيف احتفظ بجثمانه طوال تلك السنوات؟؟!
    2652739011_3d5615db62.jpg?v=0
    وبينما هو يقوم بالفحوصات والتحاليل والكشف بالأشعة التليفزيونية وقعت المفاجأة كالصاعقة عليه..

    ياترى ما تلك المفاجأه؟!

    لقد وجد بقايا ملح عالقة بجثمانه فاكتشف ما لم يكتشفه أحد ظناً منه أنه مات غريقا؟

    ولقد كان هناك أمر غريب شغل باله وهو كيف بقيت هذه الجثة دون باقي الجثث الفرعونية المحنطة أكثر سلامة من غيرها رغم أنها استخرجت من البحر؟!

    وبدأ التقرير... كان "موريس بوكاي" يعد تقريراً نهائياً عن ما كان يعتقده اكتشافاً جديداً في انتشال جثة فرعون من البحر وتحنيطها بعد غرقه مباشرة, حتى همس أحدهم في أذنه قائلاً: لا تتعجل فإن المسلمين يتحدثون عن غرق هذهالمومياء...

    ولكنه استنكر بشدة هذا الخبر واستغربه فمثل هذا الاكتشاف لا يمكن معرفته إلا بتطور العلم الحديث وعبر أجهزة حاسوبية حديثة بالغة الدقة، وأن هؤلاء المسلمون لم تصل إليهم تلك الحاسوبات بعد.

    فقال له أحدهم: إن قرآنهم الذي يؤمنون به يروي قصة عن غرقه وعن سلامة جثته بعد الغرق ..
    فازداد تعجبه وقال: كيف يكون هذا وهذه المومياء لم تكتشف أصلاً إلا في عام 1898 ميلادية أي قبل مائتي عام تقريباً, بينما قرآنهم موجود قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام؟!

    جلس "موريس بوكاي" ليلته محدقاً بجثمان فرعون.. يفكر بإمعان عما همس به صاحبه له من أن قرآن المسلمين يتحدث عن نجاة هذه الجثة بعد الغرق.. بينما كتابهم المقدس "إنجيل متى ولوقا" يتحدث عن غرق فرعون أثناء مطاردته لسيدنا موسى عليه السلام دون أن يتعرض لمصير جثمانه ألبتة.. وأخذ يقول في نفسه: هل يعقل أن يكون هذا المحنط أمامي هو فرعون مصر الذي كان يطارد موسى؟!
    وهل يعقل أن يعرف محمدهم هذا قبل أكثر من ألف عام وأنا للتو أعرفه؟!

    لم يستطع "موريس" أن ينام وطلب أن يأتوا له بالتوراة, فأخذ يقرأ في "سفر الخروج" من التوراة قوله "فرجع الماء وغطى مركبات وفرسان جميع جيش فرعون الذي دخل وراءهم في البحر لم يبق منهم ولا واحد" ..

    وبقي "موريس بوكاي" حائراً حتى الإنجيل لم يتحدث عن نجاة هذه الجثة وبقائها سليمة بعد أن تمت معالجة جثمان فرعون وترميمه, أعادت فرنسا لمصر المومياء بتابوت زجاجي فاخر يليق بمقام فرعون!

    ولكن "موريس" لم يهنأ له قرار ولم يهدأ له بال منذ أن هزه الخبر الذي بتناقله المسلمون عن سلامة هذه الجثة!
    فحزم أمتعته وقرر أن يسافر إلى المملكة السعودية لحضور مؤتمر طبي يتواجد فيه جمع من علماء التشريح المسلمين..

    وهناك كان أول حديث تحدثه معهم عما اكتشفه من نجاة جثة فرعون بعد الغرق.. فقام أحدهم وفتح له المصحف وأخذ يقرأ له قوله تعالى: ( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )[يونس:92]. وظهر النور ونطق الشهادتين..

    رجع "موريس بوكاي" إلى فرنسا بغير الوجه الذي ذهب به.. وهناك مكث عشر سنوات ليس لديه شغل يشغله سوى دراسة مدى تطابق الحقائق العلمية والمكتشفة حديثاً مع القرآن الكريم, والبحث عن تناقض علمي واحد مما يتحدث به القرآن ليخرج بعدها بنتيجة قوله تعالى: ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ )[فصلت:42] .


    كان من ثمرة هذه السنوات التي قضاها الفرنسي موريس أن خرج بتأليف كتاب عن القرآن الكريم هز الدول الغربية قاطبة ورج علماءها رجاً, لقد كان عنوان الكتاب ( القرآن والتوراة والإنجيل والعلم .. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة).. فماذا فعل هذا الكتاب؟!
    bible-quran-and-science.jpg
    من أول طبعة له نفد من جميع المكتبات! ثم أعيدت طباعته بمئات الآلاف بعد أن ترجم من لغته الأصلية (الفرنسية) إلى العربية والإنكليزية والأندونيسية والفارسية والصربكرواتية والتركية والأوردية والكجوراتية والألمانية ..!
    لينتشر بعدها في كل مكتبات الشرق والغرب, وصرت تجده بيد أي شاب مصري أو مغربي أو خليجي في أميركا فهو يستخدمه ليؤثر في الفتاة التي يريد أن يرتبط بها! فهو خير كتاب ينتزعها من النصرانية واليهودية إلى وحدانية الإسلام وكماله ..

    ولقد حاول ممن طمس الله على قلوبهم وأبصارهم من علماء اليهود والنصارى أن يردوا على هذا الكتاب فلم يكتبوا سوى تهريج جدلي ومحاولات يائسة يمليها عليهم وساوس الشيطان..
    وآخرهم الدكتور "وليم كامبل" في كتابه المسمى ( القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم ) فلقد شرق وغرب ولم يستطع في النهاية أن يحرز شيئاً..

    يقول "موريس بوكاي" في مقدمة كتابه: ( لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية, فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير إلى هذا الحد من الدقة بموضوعات شديدة التنوع, ومطابقتها تماماً للمعارف العلمية الحديثة, وذلك في نص قد كتب منذ أكثر من ثلاثة عشر قرناً..

  • وذكر فإن الذكرى تنفع ...

    مقتطفات من "لمحات من تاريخ أمريكا الاستعمارى"

     

    خصوصية النشأة والتطور

     

    نشأت الولايات المتحدة الأمريكية تاريخياً – كمجتمع – على قاعدة إخلاء الأرض وإبادة السكان الأصليين (الهنود الحمر) ، وتطورت – كدولة رأسمالية صناعية متقدمة – على قاعدة استثمار ظروف استغلالية شديدة الخصوصية سواء على مستوى الموارد الاقتصادية – أراضي وخيرات العالم الجديد – أو على مستوى استغلال قوى العمل المجانية ، عمل الزنوج العبيد المجلوبين من قارة أفريقيا بعد تحويلها إلى مورد للعبيد على أيدي الرأسمالية الأوربية – .

    هكذا وفرت ظروف فريدة للولايات المتحدة الأمريكية فرصة تاريخية لتكوين مركز رأسمالي حديث شديد الثراء، والذي واصل نموه وفقاً لقوانين التطور الرأسمالي وصولاً إلى سيطرة الاحتكارات بما أستتبعه من طموح التوسع والسيطرة والعدوانية بالقضاء على كل سعي نحو تحقيق الندية مع الآخر.

    وَصَمَـتْ النشأة التاريخية سلوك السياسة الأمريكية منذ ظهورها عالمياً وفرضت قانونها الموضوعي : " قانون إنكار الآخر، إما بإبادته وجوداً أو اختزاله إلى مجرد محل للتصرف"(1)، تلك السياسة التي ارتكزت على الفلسفة البراجماتية (العملية) والتي عرفها العالم عبر الفكر الأمريكي المرتبط إرتباطاً وثيقاً بهذه السياسة، الفكر الذي ينكر تاريخية العالم والظواهر وينتصر للقوة المادية ويعلى مبدأ البقاء للأقوى .

    كما لم يكن ظهور رايات الحرية وحقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية ومساعدة الشعوب الضعيفة والدين ، كظهير للسياسة الخارجية الأمريكية أمراً حديثاً، بل يجدها المتتبع لتاريخ علاقة الولايات المتحدة بالعالم – منذ بدايات القرن 19 – عباءات فجة متلونة لتلك السياسة الجامحة نحو السيطرة والإخضاع.

    مبدأ "منرو" وإحتجاز الأمريكتين :

    مع أول ظهور لها خارج حدودها – بعد الاستقلال السياسي والتكون المستقل لرأسمالية مركزية هادفة للتوسع وجوباً في الأسواق الخارجية – نظرت السياسة الأمريكية إلى الدول الناشئة في أمريكا الجنوبية باعتبارها المزرعة الخلفية لاقتصادها التي يجب أن تنفرد وحدها باستثمارها في إطار هيمنتها على ما عرف "بالجامعة الأمريكية" أو نصف الكرة الغربي، وعلى هذا الأســاس ظهــر مـبـدأ : "منرو" (1823) الذي  يتكون جوهره من شقين : الأول هو عزلة الولايات المتحدة عن المشاكل العالمية وخاصة ما يخص القارة الأوربية، والثاني هو ما يعطيها – وحدها – الحق في التصرف في مشاكل الأمريكتين وعدم قبول التدخل الأوربي. والحقيقة أن الجديد في مبدأ "منرو" هو ما يخص الأمريكتين لأن ما يخص العلاقة مع أوروبا أقدم من إعلان المبدأ. وقد تمسكت الولايات المتحدة بعنصري المبدأ معاً عندما كانت محدودة القوى وتعانـي مشاكلهــا الداخليــة وخاصــة الحـرب الأهلية (1861 – 1865)، ومع إحساسها بقوتها في النصف الثاني من الــقــرن 19 أخــذت تطبق المبدأ على أساس جزئه الثاني فقط ( تفردها بشئون الأمريكتين). رفعت الولايات المتحدة شعار الحرية لدول أمريكا الجنوبية وضرورة تحررها من الإحتلال الأسباني وغيره من الاستعمار القديم وتكوين جمهوريات بها على غرار النموذج الأمريكي، بينما في واقع الحال عملت على القضاء على ثورات التحرير بتلك الدول أو إستيعاب حدودها الثورية وفرضت حكومات موالية مثلت الركائز الاجتماعية لسياسات توسعها على الصعيد الإقتصادي، كما ظهرت القوة المسلحة وسيلة أساسية لفرض الهيمنة الأمريكية إما عبر الضم بالقوة والحروب أو التهديد بهما، وعلى سبيل المثال لا الحصر.

    -    أسفرت الحرب الأمريكية في المكسيك (1846 – 1848) بعد إنتصار الولايات المتحدة العسكري عن ضم أراضي "تكساس" "وكاليفورنيا" ونيومكسيكو المكسيكية إلى حدود الولايات المتحدة، ويا للصدفة السعيدة أن يظهر الذهب في كاليفورنيا بعد أسابيع قليلة من الضم .

    -    نجحت الولايات المتحدة (1894) بعد أن هددت باستخدام القوة في إبعاد بريطانيا ثم ألمانيا بعد ذلك (1902) عن التدخل في "فنزويلا" ثم إخضاعها وتحويلها إلى منطقة نفوذ أمريكي (جاء هذا فور اكتشاف الذهب بفنزويلا عام 1894).

    -    أسفرت الحرب الأمريكية – الأسبانية (1898) عن الهيمنة الاقتصادية على "كوبا" وفرض نظام موالي شديد الديكتاتورية : حكم باتيستا، (لم يطلب ثوار كوبا في ثورتهم ضد الحكم الأسباني التدخل الأمريكي، لكن الاستثمارات الأمريكية في كوبا قد انخفضت بشدة بعد اندلاع الثورة)، أضف إلى ذلك احتلال الولايات لجزيرة "بورتوريكو" وجزر "الفلبين" الواقعين تحت الحكم الأسباني وجعلت منهما مواقع إستراتيجية في عملية تكوين القوة البحرية الأمريكية في البحر الكاريبي وآسيا.

    -    استولت الولايات المتحدة على "بنما" 1912، كما استولت على شريط من أراضي "كولومبيا" يمتد من المحيط الأطلنطي إلى المحيط الهادي حيث رأت أن ذلك هو الوسيلة المناسبة التي يمكن بها إنشاء القناة .

    قال الرئيس الأمريكي "ثيودور روزفلت" في تعليقه على الاستيلاء على بنما وأراضي من كولومبيا.

    " لو أنني اتبعت الطرق التقليدية المحافظة لكان ينبغي أن أرفع للكونجرس مذكرة رزينة تتألف في الغالب من مائتي صفحة، ولكانت المناقشات مازالت تجري حتى اليوم. إستوليت على منطقة القناة وتركت الكونجرس يناقش ، وبينما تجرى المناقشة يسير العمل في القناة"(2) .... نكتفي بالنص دون تعليق!

    وبنجاحها في فرض مبدأ "منرو" ألحقت الولايات المتحدة دول أمريكا الجنوبية – كأطراف تابعة لها ، فهيكلت اقتصادياتها لتلبية احتياجات اقتصاد الولايات المتحدة في تطوره وصولاً لمرحلة الاحتكارات والإمبريالية (تحويلها إلى مورد للمواد الخام الزراعية ثم التعدينية – أيدي عاملة رخيصة – سوق كبيرة لتصرف منتجاتها واستثماراتها ؛ رأس مالها الفائض – .....)، فاحتجزت بذلك التطور الذاتي المستقل لتلك الدول رغم تمتعها بكل المقومات الاقتصادية والثقافية المؤهلة لنهوضها والمشروطة باكتمال وعي وتنظيم ثوراتها القادرة على الإنسلاخ من تبعيتها لأمريكا سياسياً واقتصادياً . وقد أدت هذه التبعية إلى فشل مشاريع التنمية الأمريكية الصنع بها وإلى تدهور أوضاع شعوبها (فقر – بطالة – صراعات مسلحة – ....)، فقط يمكن أن نسجل فائدة جلبها الاستثمار الأمريكي لشعوب تلك الدول – في إطار مشاريع : الجامعة الأمريكية، التحالف من أجل التقدم وغيرهما .... – وهي توفير شركات النظافة العالمية لصناديق قمامة حديثة تسهل البحث عن طعامٍ لفقراء تلك المجتمعات.

    وكذلك يمكن أن نسجل للمثقفين الراغبين في خدمة الولايات المتحدة باعتبارها راعية الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم تدخلات الولايات المتحدة سياسياً وعسكرياً في أمريكا اللاتينية – التي لم تنقطع – لإقامة ودعم نظم حكم ديكتاتورية عسكرية بل والإطاحة بنظم أخرى أتت بها الانتخابات أو الثورات الشعبية (لكنها مناوئة للنفوذ الأمريكي في بلادها)، حدث هذا – على سبيل المثال – في كوبا في بداية القرن العشرين ، كما حدث في غواتيمالا ، وشيلي بعد أن دبرت المخابرات المركزية انقلاباً أسقط حكومتها الاشتراكية المنتخبة برئاسة "سلفادور الليندي" وأقامت بدلاً منها (1973) نظاماً عسكرياً ( نظام السفاح بينوشيه) تفنن في ممارسة التعذيب وتدمير الحريات الديمقراطية وحتى المؤسسات الليبرالية، كما حدث في نيكاراجوا عندما دعمت بالمال والسلاح عصابات "الكونترا" لإعاقة حكومة جبهة "الساندانستا" والتي قادت الثورة الشعبية ضد عميل أمريكا "سوموزا"، ولازال مسلسل الإحاطة بحكومة الرئيس "شافيز" في فنزويلا مستمراً.

    ظهور الإمبريالية الأمريكية هو أحد قوانين الرأسمالية :

    بعد أن نظمت الولايات المتحدة الأمريكية شئونها الداخلية وبعد أن تكونت كدولة رأسمالية صناعية متقدمة تتمتع بوفرة الموارد الطبيعية وسوق داخلي حيوي وموقع جغرافي متميز (على الأقل منعزل عن توترات الحروب وفظائعها الخاصة بالعالم القديم)، لم تتطلع تلك الدولة الفتية حقيقةً إلى التفاعل مع العالم بروح ومضمون الشعارات المرفوعة من نخبها الحاكمة : "الحرية وحق تقرير المصير للشعوب ومساندة الأمم الضعيفة والرسالة الحضارية والأخلاقية لأمريكا"، فوقائع تاريخ الولايات المتحدة عالمياً منذ البداية تؤكد التوجه الاستعماري المحموم بغية المزاحمة والتوسع ثم الهيمنة وإخضاع الشعوب، وأن الحروب والقوة المسلحة أو التهديد بهما كانت الوسيلة الثابتة والدائمة لتحقيق ذلك. والسؤال : ما هو الجوهري الذي شكل دافع السباق الدامي هذا بدلاً من المساهمة في تحقيق السلام العالمي؟ .... خرجت الولايات المتحدة بعد الحرب الأهلية – ونتيجة لها – مجتمعاً رأسمالياً متطوراً امتلك أسس الترابط والاعتماد المتبادل بين قطاعات الإنتاج المختلفة عبر ثورة صناعية عملاقة استفادت – كما ورد سابقاً – من ظروف استثنائية فريدة. وبينما يتواصل فيها نمو القوى المنتجة اعتماداً على التوسع في السوق الداخلي وتصدير المنتجات والسيطرة على قطاعات التجارة في دول أمريكا اللاتينية ، والنمو المتزايد للصناعة الكبيرة وتسارع حركة تركيز وتمركز رأس المال وصولاً إلى نشأة مرحلة سيطرة الاحتكارات كأمر حتمي لتطور رأسمالية عصر المنافسة الحرة اصطدم نمو الاقتصاد الأمريكي - كأي نظام آخر يبلغ هذه المرحلة - بتناقضاته الداخلية ؛ فقد "تطورت تناقضات الرأسمالية تطوراً عميقاً من جراء سيطرة الاحتكارات، خاصة التناقض بين الطاقة المتنامية على الإنتاج والقدرة المحدودة نسبياً على الإستهلاك، ومن ثم ظهور فائض رؤوس الأموال عن فرص الاستثمار وكذلك التناقض بين الملكية الخاصة الرأسمالية – التي ضاقت كثيراً قاعدتها الاجتماعية مع نمو الاحتكار – وبين الطبيعة الاجتماعية أو الجماعية للعمل "(3) . إن ذلك هو ما دفع – موضوعياً – إلى التوجه نحو تعميق التوسع الخارجي للرأسمالية الاحتكارية الأمريكية كمخرج وحيد لتوظيف فائض رأس المال – ناهيك عن السيطرة على الموارد الأولية – وتأجيل تناقضات الرأسمالية داخلياً. وقد استلزم هذا التوسع للاحتكارات الأمريكية – كغيرها من الاحتكارات الدولية الأخرى - في بعض دول العالم التي لم تكن قد تطورت بعد وتحولت إلى مراكز متقدمة قيام الحكومة الأمريكية بإخضاعها – عسكرياً في الأساس – ثم قيامها " بإعادة تشكيل البنية الاقتصادية الاجتماعية ما قبل الرأسمالية، الإقطاعية أو غيرها التي كانت موجودة في الدول المستعمرة أو الخاضعة "(4) – الأطراف – بالشكل الذي يحقق أفضل شروط للتراكم ويسهل نزح القيم منها إلى المركز ويفقدها إمكانية التطور الكيفي وامتلاك أسس تطور معتمد على الذات . وفوق هذا ، فقد اختُصت الرأسمالية الاحتكارية الأمريكية بسمة إضافية هي حداثتها وفتوتها وطابع تكونها عن نظيرتها الأوروبية، حيث شكل فائض رؤوس الأموال مع فائض القوة (الذي ساهمت في تكونه إلى حد كبير ظروف وملابسات الحربين العالميتين الكبيرتين الأولى والثانية) عنفوان الإمبريالية الأمريكية في العالم والتي أُفتتح عصرها منذ مطلع القرن العشرين بإعلان ما سمي بسياسة "الباب المفتوح".

     

    " تحدث بلطف واحمل عصا غليظة "...... ثيودور روزفلت

     

    سياسة الباب المفتوح وأساليب أخرى :

    المقصود بمبدأ الباب المفتوحّ ، الذي دعا إليه سكرتير الخارجية الأمريكية "جون هاي" في عهد "ماكنلي" والذي استمر وزيراً للخارجية في عهد "ثيودور روزفلت" ، هو الضغط (بكل الوسائل) من أجل إجبار الدول الكبرى – أقطاب الاستعمار القديم – وفي إطار جدل الصراع والتنسيق بينها وبين القوة الأمريكية الصاعدة – على الإقرار بحق الولايات المتحدة في امتيازات متساوية – اقتصادية وتجارية – في المستعمرات أو الدول الخاضعة لنفوذها . وكان من الدوافع الأساسية لإعلان المبدأ والسعي لتحقيقه :

    1-    الضغط الذي شكله ممثلو الاحتكارات الأمريكية على السياسة الأمريكية من أجل "إتباع سياسة أكثر حزماً في الشرق".

    2-        ظهور القوة البحرية الأمريكية ( الأسطول القوي ) والذي كانت لها اليد الطولي في تنفيذ المبدأ.

    3-    الصراع على الشرق الأقصى عامةً وعلى الصين خاصة بين الدول الاستعمارية والخوف الأمريكي من ضياع فرص الاستثمار والخوف الأمريكي من ضياع فرص الاستثمار والتجارة فيها.

    والحقيقة أن تحركات الولايات المتحدة صوب الشرق الأقصى سبقت إعلان مبدأ "الباب المفتوح" بسنوات تصل إلى نصف قرن، فتحت التهديد باستخدام القوة رضخت الحكومة الصينية لمطالب أمريكا ووقعت معاهدة "وانجيسيا" عام 1844 التي منحتها تسهيلات وامتيازات مثل تخفيض التعريفة الجمركية على البضائع الأمريكية وفتح موانئ الصين أمام التجارة الأمريكية …. إلخ، كما تحالفت الولايات المتحدة مع بريطانيا وفرنسا في استخدام القوة ضد الصين واحتلال بعض مدنها مما أضطر حكومة الصين " التايبنج" إلى توقيع معاهدة "تينتس" عام 1858 والتي نصت إضافة إلى قبول منح الامتيازات السابقة على فرض غرامة حربية كبيرة على الحكـومة الصينـيــة والموافـقـة على مشروعية تجارة الأفيون (!)(5). ومنذ هذا التاريخ فقدت الصين هيبتها كدولة وفُتح الباب لتقسيم الصين إلى مناطق نفوذ متعددة، عادت بعدها الولايات المتحدة تزاحم للفوز بنصيب كبير في تلك الكعكة الشهية، وقدمت مبدأ "الباب المفتوح" الذي أقرته دول الاستعمار القديم عام 1900. ولكي يتبين العالم حقيقة مفهوم هذا المبدأ بعيداً عن تضليل الصياغات الأمريكية لمشروعاتها كان عليه أن ينتظر صدور وثيقة أمريكية في أبريل 1944 قدمتها وزارة الخارجية بعنوان "السياسة النفطية والولايات المتحدة" – التي عالجت مفهوم "حرية الوصول إلى المصادر" – والتي أوضحت وجوب أن تكون حرية الوصول إلى المصادر متكافئة للشركات الأمريكية في كل مكان ، وغير متكافئة بالنسبة لغيرها من الشركات. لقد سيطرت الولايات المتحدة على إنتاج نصف الكرة الغربي وتجب المحافظة على هذا الوضع، في حين يجب تنويع السيطرة في الأماكن الأخرى، وهذه السياسة "سوف تشمل المحافظة على الوضع المطلق السائد حالياً، وحماية الامتيازات القائمة التي هي في متناول الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الإصرار على مبدأ الباب بالمفتوح الذي يوفر فرصاً متساوية للشركات الأمريكية في المناطق الجديدة"(6) .

    منذ "الباب المفتوح" إذن انطلق قطار الإمبريالية الأمريكية مخترقاً العالم ، ماراً بكل محطات الشر والوحشية، ملتهماً ما بها – قديمة وجديدة – ليشرعها في وجه شعوب المعمورة ومستقبلها سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإنسانياً:

    أ  ) القوة المسلحة الغاشمة – الهجومية وليست الدفاعية – كانت بداية أو نهاية كل خطوة لها لإخضاع شعب أو منطقة من العالم : وقد رأينا – أعلاه – كيف قامت الولايات المتحدة – مبكراً (1898) بافتتاح عصر إمبراطوريتها خارج نصف الكره الغربي بضم جزر "الفلبين" – في جنوب شرق آسيا – بالقوة والقضاء على ثورتها الداخلية وفرض حكماً أجنبياً على شعب مسالم من أجل البحث عن "أسواق جديدة وارض بكر تستثمر فيها هذه الأموال، وهذه الأراضي التي استولت عليها الولايات المتحدة هي أسهل منالاً من غيرها واربح إستثماراً وأضمن لمصالح الأمريكيين" (7)

    ومنذ ما قبل هذا التاريخ في إلحاق أمريكا الجنوبية بدائرة نفوذها، وحتى قصف "هيروشيما" و "نجازاكي" بالقنبلة النووية (1945) (وفقاً لمفهوم أمريكي ظهر وقتئذ وهو إختصار زمن المذابح(!) ) وما تلاه من انفرادها بالقوة المسلحة الأكثر تدميراً ، لعبت الولايات المتحدة الدور الأهم في جرجرة العالم إلى جحيم سباق التسلح والعسكرة الدفاعية وفرض شعوراً عاماً بإستحالة تحقيق السلام العالمي خارج مفهوم الخضوع والانصياع لأمركة العالم أي بالاستسلام العالمي لأمريكا .

    ب) عقد الصفقات مع الدول الاستعمارية الأخرى لاقتسام الأسلاب والغنائم (المستعمرات ومناطق النفوذ ) : جاءت هذه الوسيلة في زمن التكوين الإمبريالي للولايات المتحدة وزمن المزاحمة الاستعمارية وقبل أن يتم حسم تفوقها العسكري (تحديداً) الحاسم – في المنظومة الإمبريالية – مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ونعرض لبعض الأمثلة :

    *    نالت الصين نصيبها من تلك الصفقات، فبعد أن أخرجت الثورة البلشفية (أكتوبر 1917) روسيا من أتون الحرب العالمية الأولى – بإعتبارها حرباً إمبريالية لتقسيم المستعمرات – وبعد أن زالت بذلك الجبهة الشرقية من أمام الألمان خشى الحلفاء من إنضمام اليابان إلى جانب ألمانيا، فبادرت الولايات المتحدة – في عهد ويلسون – بعقد إتفاقية "لانسنج إيش" مع اليابان التي أقرت بمطالب اليابان في الصين ومنحها إستغلال إقليم "شانتنج" الخاضع للنفوذ الأمريكي.

    ** ذاقت الشعوب العربية مرارة تلك الصفقات عندما إعترفت الولايات المتحدة لبريطانيا وفرنسا بمعاهدة سان ريمو (1920) والتي تم بمقتضاها تقسيم البلاد العربية ومناطق البترول إلى مناطق للنفوذ بينهما، في مقابل حصول الولايات المتحدة بمشاركتها في اتفاقية الخط الأحمر 1928 على حصة في بترول الموصل.

     

    جـ) إتباع أسلوب "المعونات والمساعدات " الاقتصادية والفنية : وقد اعتمدته الولايات المتحدة – علنا – سواء من خلال مذهب "ترومان" – النقطة الرابعة – أو نظرية "ملء الفراغ" التي أعلنها إيزنهاور (يناير 1957) أو ما قبل هذا وتلك – دون إعلان – في إطار ما عرف بسياسة الإحتواء . فقبل أن تفرز الحرب العالمية الثانية بزوغ القوة الأمريكية كقيادة مهيمنة للعالم الرأسمالي ، أفرزت موجه كاسحة للثورة العالمية بشقيها : الاشتراكية والتحرر الوطني ، وبات تحويل الإستقلال السياسي الذي حصلت عليه معظم دول العالم الثالث إلى استقلال وطني كامل (سياسي واقتصادي ) أمراً ممكناً جداً إذا ما استطاعت القواعد الشعبية في تلك البلدان المشاركة الفاعلة في النضال السياسي – مدعومة بالثورة الاشتراكية العالمية – وكونت حلفاً سياسياً وطنياً وديمقراطياً وشعبياً يضرب الإمبريالية في أضعف حلقاتها ( المستعمرات ومناطق النفوذ) ويخرج تلك الدول من إطار منظومة الرأسمالية العالمية ، وهي منظومة إمبريالية بالضرورة . ولهذا قادت أمريكا الإمبريالية العالمية في صرف توجهات دول العالم الثالث الاستقلالية في اتجاه تبعية من نوع جديد (*) باستخدام سلاح المساعدات والمعونات المشروطة بشروط سياسية وعسكرية واقتصادية (إلى جانب أسلحة أخرى في مقدمتها الإرهاب العسكري). وقد مثلت هذه الوسائل نقطة البدء في تراجع حركات التحرر الوطني في معظم تلك البلدان ثم انكسارها وهزيمتها في نهاية ستينيات وسبعينات القرن العشرين. كذلك استخدمت الولايات المتحدة ثالوثاً (سمي دولياً) خاضعاً لسيطرتها – بشكل خاص ولسيطرة رأس المال الدولي ككل بشكل عام – وهو : صندوق النقد الدولي (1944)، البنك الدولي للإنشاء والتعمير (1944)، الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة الدولية (الجات)(**) (1948)، ليكونوا رؤوس الحربة لرأس المال الدولي المهيمن في حصار وإجهاض محاولات دول تحاول "فك الارتباط" مع التبعية والتخلف، ولتمهيد التربة اقتصادياً وإجتماعياً ومؤسسياً للتوسع والهيمنة على من قبل الخضوع. (***)

    د  ) قيادة الأحلاف الرجعية ضد ثورات الشعوب ومحاولاتها للتطور المستقل (شرطي الاستعمار العالمي ) : فإلى جانب إنشائها وقيادتها لمنظمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو) والذي إستهدفت منه – إلى جانب مشروع "مارشال" – تقويض الثورات الاشتراكية في دول أوروبا الغربية ، نذكر على سبيل المثال فقط بعضاً من أحلاف أخرى سارعت أمريكا بتكوينيها لحصار وتقويض ثورات العالم الثالث التحريرية ومنها :

    ·    حلف جنوب شرق آسيا (السيتو) والذي ضم ثمان دول هي :- الولايات المتحدة – بريطانيا – فرنسا – أستراليا – نيوزيلندا – باكستان – تايلاند والفلبين – لتطويق أتساع نطاق الثورات في شرق آسيا بقيادة الصين الشعبية .

    ·    حلف بغداد (1955) الذي عرف بحلف المعاهدة المركزية والذي ضم في البداية بريطانيا – العراق – تركيا – باكستان – إيران – والولايات المتحدة بعضوية غير كاملة. ولما انسحبت منه العراق بعد ثورتها عام 1958 انضمت إليه الولايات المتحدة بشكل كامل (حلف السنتو ) وذلك لمواجهة تنام حركة التحرر الوطني العربية وفي منطقة الشرق الأوسط بقيادة مصر.

    هـ)  إستخدام المخابرات المركزية الأمريكية للقيام بما سمي " بالعمليات القذرة" : تدبير الانقلابات وإغتيال وخطف الساسة والقادة ، وحتى العلماء ، المناوئين لسياستها (إرهاب الدولــة) ، ولنتذكر فقــط: الانقلاب الذي أطــاح بحكومة مصـدق الوطنـيــة في إيران، الانقلاب الذي أطاح بحكومة سلفادور الليندي الاشتراكية في شيلي ، محاولة الإطاحة بفيدل كاسترو في كوبا، محاولات إغتيال عبد الناصر ، إغتيال جيفارا، إغتيال العالمة المصرية سميرة موسى، .........

    و  ) شن الحروب الوحشية (بدم بارد) وإتباع سياسة الأرض المحروقة والمحروثة بالرعب الأمريكي : فقد رأت الولايات المتحدة أن لا مفر من اعتماد هذه السياسة لكسر إرادة الشعوب – والدول – الرامية إلى التطور الذاتي المستقل خارج منظومة التبعية ولضمان بقاء تلك الدول خاضعة لإحتياجات المراكز الرأسمالية الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وقد شهدت الفترة من نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى هزيمتها في فيتنام – وبعدها – أسوأ فظائع أقترفت في العالم ، من حربها ضد كوريا (1950 – 1953) (*) إلى حروبها ضد الهند الصينية ( فيتنام – لاوس – كمبوديا).

    لم تستهدف القاذفات الأمريكية فقط قصف القرى والمدن المكتظة في تلك الدول وحصد أرواح الملايين، ولم تستهدف فقط إحداث المجاعات والموت البطئ لتلك الشعوب بضرب السدود وإغراق الأرض لوقف زراعات الأرز( الغذاء الحياتي للآسيويين )(**) بل حرصت أكثر على تبوير الأراضي الزراعية (إصابتها بالعقم) باستخدام الملوثات بواسطة قاذفاتها المدمرة مصادرةً على مستقبل شعوب تلك المناطق بعد إحرازها النصر .

    أما بالنسبة للمنطقة العربية فإضافة إلى دخول القوات الأمريكية إلى لبنان في عام 1958، عام  1982 ، والاعتداء على ليبيا 1986 والاعتداء على السودان 1997 وحرب تدمير العراق 1991 والاعتداءات المتكررة التي لم تتوقف لنحو أثنى عشر عاماً على العراق قبل غزوه واحتلاله بالكامل عام 2003، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل المسئولية الأولى عن الحروب العدوانية التوسعية التي شنتها إسرائيل على البلاد العربية ابتداء بحرب 1948، وهي في حقيقتها حروب خاضها الكيان الصهيوني بالأصالة عن نفسه وبالوكالة عن أمريكا الاستعمارية التي قدمت له كل صور المساندة والدعم العسكري والسياسي والاقتصادي ولا نستثنى من ذلك العدوان الثلاثي عام 1956.

    وستتناول دراستنا – لاحقاً – حقيقة وأهداف تلك العدوانات العسكرية والحروب من زاوية المصالح الاستراتيجية الأمريكية في العالم وعلاقاتها بوجود الكيان الإسرائيلي وتثبيته وتوسعه في منطقتنا العربية .

     

    ز ) إفساد العالم وتشويه الروح والذهنية الإنسانية وتسويق أحط نماذج الحياة للبشر (وخاصة الفكر الاستعماري الطابع) : ويجري ذلك إعتماداً على – وكنتيجة التالي:

    *   وضع الشعوب في حالة شاملة من القهر العسكري والسياسي والاقتصادي والثقافي والإصرار على ثبات تلك الحالة وتعميقها بإعلاء مبدأ القوة المادية الحاسمة (العسكرية أساساً) في حكم العالم ومن ثم إشاعة اليأس من التغيير أو حتى من إمكانياته في المستقبل ، خاصة مع قدوم مرحلة من الجزر في الحركة الثورية العالمية (الثمانينات والتسعينيات) وفقدان الجماهير الكادحة للرؤية والثقة الضروريتين لمواجهة ممكنة لهذا الجبروت وهزيمة سياساته ومنطقة.

    ** ربط مصائر ضحايا البطش والنهب الاستعماري بمصير صانعهما، فلا يقاومونها، تماماً كما يربط الخاطف المختطفين والسارق بالإكراه مصير المنهوبين بمصيره فيشل مقاومتهم. وكأمثلة قليلة من بين الأمثلة العديدة التي يحتاج حصرها إلى عدة مجلدات نجد أن :

    -    اختلاق فزاعة العدو السوفيتي سابقاً واختلاق فزاعة الإرهاب الدولي والإسلامي المهدد للحضارة بالدمار اليوم ( والذي كان ولايزال نتاجاً ثانوياً لإرهاب الدولة الاستعمارية) لخلق إجماع سياسي وفكري بين صانعي البطش والنهب وبين ضحاياهما يكرس ويخفي الاندماج المفضوح الذي فاحت رائحته الكريهة بين الدولة الأمريكية ومؤسستها العسكرية وبين أصحاب الشركات الاحتكارية ويبرر ميزانيات التسلح الباهظة كما يبرر أمام شعوب العلام قاطبة التوسع الاستعماري الجديد تحت مظلة "الحرب على الإرهاب".

    -    إيقاف المعمورة دائماً على حافة هاوية التدمير الشامل في حرب عالمية نووية وجرثومية وكيماوية يقعد الدول الكبرى الأخرى عن تحديها ويكرس الشعور بالخوف والعجز لدى الشعوب المضطهدة.

    -    اتخاذ التخلف الاقتصادي الاجتماعي الثقافي للبلاد التابعة أو الخاضعة للسيطرة الاستعمارية – الذي كان ولايزال نتاجاً، وبصورة رئيسية، لهذه السيطرة – ذريعة لاستمرار إخضاعها والتدخل في شئونها الداخلية وفتح حدودها وسياساتها وثقافاتها أمام حركة العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية، بحجة عجزها عن الاعتماد على أو تطوير نفسها بعيداً عن توجهات وتوجيهات الدول الصناعية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية .

    -    توظيف الارتباط الحادث تاريخياً بالفعل بين التوسع الاستعماري (الإمبريالية) وبين ارتفاع الأجور والمكتسبات الاقتصادية للعمال والفئات الكادحة في أمريكا وكذلك الدول الاستعمارية عامة لإشاعة الوهم بين صفوفهم بأن ذلك هو طريقهم الوحيد للحفاظ على مستوى معيشتهم وتحسينه، وذلك لخلق وضع من التوافق بين المستغِلين وبين المستغَلين، بين تجار الحروب وبين وقودها من أبناء الشعوب الأمريكية والأوربية وشعوب كافة الدول الاستعمارية يشل مقاومتها للاستعمار والحروب الاستعمارية .

    إذن على العالم أن يفهم أن له مصلحة أكيدة من تشكيل وإعادة تشكيل القوة الأمريكية القادرة – وحدها – على إنقاذ البشرية .

    *** إلقاء مسئولية وتبعة الإجتياحات الأمريكية لمناطق العالم المختلفة على ضحــايــاهــا (!)، فالمناؤون لم يفهموا بعد – كما يزعم الاستعماريون الأمريكيون – المسئولية الأخلاقية لأمريكا تجاه تطوير العالم من جانب ، كما يجب – من وجهة نظر أمريكا – التعامل مع تجاوزات المجازر البشرية لتلك الإجتياحات بكل وسائلها على أنها أخطاء لابد منها ويمكن – على أي حالة – الاعتذار عنها من جانب آخر (!) . وإذا كان النموذج الأمريكي – المستند على العملقة والمدعوم بماكياج الديمقراطية الزائفة – هو المثل الأعلى الذي علينا أن تقتدي به ، فإن اعتقاد أحد بوقوف أمريكا – بقيادتها للإمبريالية العالمية – وراء الكثير من صور المعاناة يكون بالضرورة أمراً خاطئاً ، وحين يجد البعض ضرورة مناقشة السياسات الأمريكية في العالم فإن لهم أن يجتهدوا لكن داخل دائرة النهج الأمريكي المهيمن : في الحكم وإدارة شئون الحياة والغايات.

    إذن تقوم الآلة العسكرية السياسية الاقتصادية الفكرية لأمريكا – عبر فرض قهراً عسكرياً واقتصادياً وسياسياً على شعوب العالم خاصة الثالث – بفرض قهراً فكرياً نقطة ارتكازه هو سيادة مبدأ "التكيف" – بوعي أو بدون وعي – مع المبادئ الجديدة "للعقلانية الأمريكية" ومع أحد تجلياتها الأساسية وهي كيف تتحول الوسيلة (التي شكلت تاريخ البشرية السابق ) إلى غاية على حساب الغايات الحقيقية النبيلة . ( الاقتصاد غاية ، السلعة غاية، الاستهلاك غاية، ...) فتنحط روح الإنسان وتصبح إستعمارية التكوين والمنطق .

    من يحكم أمريكا ؟

    عبر الوسائل السابقة ومنذ نهاية الحرب العالمية الأولى ، واصلت الولايات المتحدة الأمريكية إستكمال إحتياجاتها ومقوماتها لتكون القوة الأقوى في العالم . وبعد أن ظهر أن " الإمبراطورية البريطانية لن تعود كما كانت في السابق ...... أنه قد يتحتم على الولايات المتحدة أن تحل محلها "(8) .

    وقد خرجت من الحرب العالمية الثانية وهي كذلك لتستخدم هذا التنوق في تنسيق نظاماً كونياً يتيح في المحصلة النهائية، القدرة المتواصلة على تعميق التوسع الاستعماري على حساب شعوب العالم كضمان وحيد لإستمرار أسس النظام الرأسمالي العالمي الذي تلعب فيه الدور المحوري . وكان بديهياً أن تستند في تنسيق هذا النظام على سيطرة (إستثنائية في شموليتها) لأصحاب الشركات الاحتكارية الأمريكية على السلطة الاجتماعية (فهم المشكلون للقاعدة الاقتصادية الاجتماعية لرأس المال الأمريكي – الدولي صاحب المصلحة الأولى في تعميق هذا التوسع)، كما واكب عملية تركز وتمركز رأس المال – الشديدة والمتواصلة –  في الولايات المتحدة استفحال تأثيره المباشر في سياسة الدولة واندماجها بأجهزتها، بل حتى برموزها المنتخبة اندماجاً مباشراً في الاحتكارات، وغدت الدولة الأمريكية النموذج الأكثر اكتمالاً لسيطرة الرأسماليين الاحتكاريين على السلطة السياسية، وإستبعاد ممثلي الطبقات الوسطى – ناهيك عن المنتجين المباشرين – من أية مشاركة حقيقية في الحياة السياسية . وليس أدل على ذلك من مراجعة خريطة الأحزاب والقوى السياسية في الولايات المتحدة، فأمريكا – مثلاً – تنفرد عن كل العالم الرأسمالي (المتقدم والمتخلف) بعدم وجود أحزاب كبيرة جماهيرية عمالية واشتراكية أو حتى اشتراكية إصلاحية ممثلة في الكونجرس، وإنما بوجود حزبين سياسيين لا تعدو الإختلاف بينهما فوارق هامشية تتعلق بدور الدولة في الرعاية الاجتماعية والسياسة الضريبية(*) .

    وهما – بإعتبارها طرفي حزب الملكية الرأسمالية الوحيد – وجهان لعملة واحدة ويتمسكان – ويتشابهان تماماً – بسياسة خارجية واحدة. إن أمريكا دولة الحزب الواحد، على الأقل في السياسة الخارجية ، وفي الداخل الأمريكي ، استطاعت الإمبريالية الأمريكية بفضل ثراء وتطور قواها الإنتاجية و عبر هيمنتها الكاسحة على مصادر الثروة العالمية أن تحقق من فوائض الأرباح – الاستثنائية بالمعنى الاقتصادي – ما يخفف كثيراً حدة التوترات الاجتماعية – رغم تعاظم تناقضات النظام، إلا أن هذا التخفيف لم يكن ممكناً بلوغه الا بفضل عمليات " التكييف" الاجتماعي والثقافي – الغير مسبوقة تاريخياً – للشعب الأمريكي (**)، لدعم وتأييد الدولة ( ودعايتها) أو في أسوأ الظروف الانصراف التام عن شئونها وتدابيرها.

    والحقيقة أن مؤسسات الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية قد نجحت – عبر قرن من الزمان ويزيد – في تجييش كتل ليست قليلة – فاعلة ومؤثرة – أكاديميين في الغالب – في أنحاء العالم ، سواء ممن ارتبطوا عضوياً بمؤسساتها، أو دون إرتباط يذكر، عبر تلقينهم دين الدولة الأمريكية المدعوم بإعلام جبار – تفوق على غيره بشكل حاسم – في التلاعب بالقيم وفي قدرات وذكاء التسويق وإذكاء الرغبات الاستهلاكية. ويقوم هذا التلقين بتشكيل بنيتهم الذهنية على أساس ضرورة إخفاء الحقائق التاريخية التي تسوق حتماً إلى التعامل العقلاني مع حقيقة ودور الدولة الأمريكية في سياساتها العالمية والدور الذي تلعبه – على كل المستويات – في حجز وتعطيل تطور مجتمعات العالم (خاصة الفقيرة والمتخلفة) بنهب خيراتها وثرواتها وإشعال الحروب والصراعات الدموية في أركان المعمورة الأربعة من أجل أرباح شركاتها الاحتكارية . ولذلك تحتل مهمة" صناعة العقول" أحد أهم أركان الأمن القومي لدى مؤسسات الحكم الأمريكية ، لحجب الوجه العاري لإستراتيجيتها وسياساتها وممارساتها الكونية، وإفقاد شعوب العالم وقيادتها الفكرية والسياسية لمنهج المواجهة الصحيح لقضاياها وحملها على قبول الأمر الواقع – في الغالب – وطرائق أخرى كثيرة أحياناً أخرى لأبعادها عن طريق : الجبهة العالمية المتحدة ، الطريق الممكن والقريب ، لمواجهة خطر الإمبريالية الأمريكية وإستراتيجيتها التوسعية على مستقبل العالم .


    وهم اللوبي الصهيوني

     

    نصيب منطقتنا العربية من عمليات تزييف الوعي تلك لم يقل عن نصيبها من عدوانية الإستراتيجية الأمريكية تجاهها .

    فعلى الرغم من وضوح المخططات الأمريكية – وتحقيق تلك المخططات – للإستيلاء على ثروات المنطقة (خاصة البترول) منذ مطلع القرن العشرين ، ودورها المعلن والثابت نحو إنشاء وتثبيت وتوسيع الكيان الإسرائيلي في قلب تلك المنطقة ، وشن الحروب المدمرة – إعتماداً على إسرائيل أو بنفسها – ووقوفها بالمرصاد لكل محاولة ولو متواضعة لتعظيم ثرواتنا ومواردنا الوطنية والقومية ، وتطويق وملاحقة حركة التحرر الوطني العربية والثورة الفلسطينية، وتكبيل المنطقة مبكراً بالقواعد العسكرية وفرض التبعية السياسية والاقتصادية عليها، ودعم بنية التخلف وإعادة إنتاجها،..... وحتى إحتلال العراق وحلولها قوة إقليمية بنفسها في المنطقة – نقول على الرغم من كل ذلك فإن جبهة وطنية واسعة ووطيدة لمواجهة خطر التهديد الأمريكي لم تظهر للوجود أصلاً ، ناهيك عن صحة رؤيتها وبرنامجها، حتى بعد أن أصبحت الإمبريالية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية العدو الرئيسي للشعوب العربية بعد وراثتها لمكانة الإمبريالية البريطانية والفرنسية . وإذا تركنا جانباً الدور الذي لعبته أنظمة الحكم العربية والطبقات المسيطرة في القيام بدور الركائز الاجتماعية للإمبريالية لتسهيل نجاحاتها ومنع وتخريب محاولات قيام مثل تلك الجبهة باعتبار بداهة هذا الدور ( موقع الشريك الصغير أو الخادم المباشر للإمبريالية)، فإننا لابد وأن نعزو عدم قـيــام الجبـهــة الوطنية المنشودة إلى فشل القوى الشعبية والوطنية والقومية – رغم محاولاتها – في التوصل إلى رؤية صحيحة للمواجهة الناجزة للإمبريالية ، المواجهة المستندة إلى القواعد الشعبية من الجماهير العربية وفعاليتها المبدعة بإعتبارها صاحبة المصلحة الأولى والأخيرة في هزيمة السياسات الاستعمارية في المنطقة وتحقيق الاستقلال الوطني كمقدمة أساسية للتقدم والديمقراطية.

    أحد أهم وأخطر المفاهيم التي أقامت الحواجز الكثيفة طويلاً بين الحقيقة العارية للمخططات الأمريكي الاستعمارية في منطقتنا وبين فهم الشعوب العربية لهذه المخططات واستيعابها لها ، هو أن المؤسسات الصهيونية العالمية وجماعات الضغط (اللوبي) الصهيوني في الولايات المتحدة هي التي تشكل وتحدد – أساساً – السياسة الأمريكية تجاه المنطقة العربية وأن صانع القرار الأمريكي هو صانع ثانوي . وقد روج عدد ليس بالقليل من المفكرين والساسة العرب ، أن المؤسسات الصهيونية تلك ومنذ ما قبل تأسيسها لدولتها على أرض فلسطين وحتى الآن قد نجحت في توجيه السياسة الأمريكية وتوظيفها لتأييد مشروعها الاستيطاني وتثبيته وتوسعه. كما نجحت في تشكيل السياسة الأمريكية المعادية للعرب، وكذلك قدرتها – عبر تغلغلها في مؤسسات الحكم الأمريكية – على التأثير الكبير في الإنتخابات الأمريكية ومن ثم تحديد سياسة تلك المؤسسات – رغماً عنها – في إتجاه تحقيق التأييد والدعم لإسرائيل ، والكراهية والعداء للعرب. يخلص هذا المفهوم – وبالترجمة العامية له – إلى أن الولايات المتحدة – عبر تاريخ علاقاتها بالعرب – كانت ولا تزال دمية تحركها جماعات الضغط الصهيوني. لاشك أن سيادة هذا المفهوم في الرأي العام العربي هو – على أقل تقدير – أمر نافع لمؤسسات الحكم الأمريكية إذ يوفر لها " هامشاً من البراءة المغلوبة على أمرها"(9). ويلقى هذا المفهوم بتبعاته السياسية على تشويش الفكر السياسي العربي الوطني ليحرفه بعيداً عن طريق المواجهة مع أمريكا على النحو التالي :

    1)    إذا كانت جماعات الضغط الصهيوني تحدد للسياسة الأمريكية في المنطقة العربية خطواتها على أرضية أن لدي " دولة إسرائيل" إمكانية أفضل من العرب لتحقيق "المصالح" الأمريكية في المنطقة ، فهذا أمرً يمكن تبديله على أي حال لصالح العرب إنطلاقاً من نفس الأرضية التي تنطلق منها تلك الجماعات (اللوبي)، أي خدمة المصالح الأمريكية في المنطقة ؟!!

    2)    الصراع الذي يحدث مع الولايات المتحدة والتي تُظهر فيه عداءها السافر للمصالح العربية هو دائماً صراع عارض وليس صراعاً مقيماً ، صراع لا يجيد فيه الطرف العربي " إدارة اللعبة " ! ، كما يزيد الهوة بينه وبين الولايات المتحدة .

    3)    التوقف عن إرجاع أسباب تخلف مجتمعاتنا العربية إلى " شماعة" الاستعمار بل التوقف عن إعتباراً أمريكا إستعماراً ، فالاستعمار (الإمبريالية ) قد إنتهى من العالم برحيل قواته ونيل الدول لاستقلالها السياسي منذ خمسينيات القرن العشرين وعلينا أن نتوجه إلى الداخل لإصلاحه ...... (كيف ؟!) .

    4)    الحل في إضعاف تأثير مؤسسات الصهيونية في السياسة الأمريكية تجاه العرب ، وهو ينطلق من إتباع حزمة من السياسات المترابطة فيما بينها هي :

    أ  ) العمل الدؤوب – دون حد أقصى – لإستمالة الولايات المتحدة إلى الصف العربي إنطلاقاً من تعاظم مصالحها معنا وليس مع إسرائيل .

    ب) إعتماد إستراتيجية (خيار الشراكة) مع أمريكا و (خيار السلام) مع إسرائيل كأساس لترضية خواطر الولايات المتحدة وإنهاء هذا الإلتباس التاريخي الذي جعل سياساتها تتخبط في المنطقة من جراء الغمامة الصهيونية التي ترتديها.

    جـ) الإقرار دائماً بأن أوراق اللعبة (أوراق الصراع بيننا وبين إسرائيل) تملكها وحدها الولايات المتحدة، واعتمادها طرفاً محايداً فاصلاً في هذا الصراع.

    د  ) تكثيف الجهود لتشكيل وتفعيل اللوبي العربي في الولايات المتحدة لقطع الطريق على اللوبي الصهيوني للانفراد بالقرار الأمريكي لصالحة.

    هكذا نرى كيف أن حلفاء الإمبريالية الأمريكية داخل بلادنا العربية إستخدموا هذا المفهوم الخطر – ولازالوا – لتوفير بيئة سياسية مناسبة لتمرير مشروعات التبعية والاستسلام الكامل للعدو الأمريكي بعيداً عن رفض الشعوب وغضبها، كما إستخدموه – ولازالوا – ليوفر لهم آخر ورقة توت أمام شعوبهم وهم يطرحون ويمارسون "العلاقات الخاصة" مع الصديق " الأمريكي في ظل سفور عدوانيته وفجوره ونهبه وتهديده للشعوب العربية .

    لقد راج هذا المفهوم ( أي اعتبار الولايات المتحدة إزاء المنطقة العربية دمية يحركها اللوبي الصهيوني في اتجاه الانحياز إلى إسرائيل ) أكثر وشغل الرأي العام العربي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتداعياتها من تصاعد وإشتداد نعرات العداء الأمريكي للعرب والمسلمين، وإعلان الرئيس الأمريكي عن بدء بلاده حرباً صليبية ضد المسلمين والذي سارع بسحبه مع استمرار اختصاص المسلمين بالإرهاب ورصدهم أساساً في مهمة "الحرب على الإرهاب" ، الأمر الذي بررته أبواق دعاية الحكومات العربية وصحافتها ومثقفيها المتأمركين بقيام ونجاح اللوبي الصهيوني بإستغلال الجرح الأمريكي بعد العاصفة لتوجيه السياسة الأمريكية صوب إعلان الحرب على العرب والمسلمين . وخرجت تلك الأصوات والأقلام تدعوا المجتمعات العربية والإسلامية إلى بذل الجهود للفت إنتباه الإدارة الأمريكية لسماحة الإسلام وضرورة تغيير مفهومها عن الإسلام والمسلمين إلى آخر تلك الدعوات لحرث البحر (!). تناسى هؤلاء المتأمركون أن تاريخ الإدارات الأمريكية "الحاني" على الإسلام والمسلمين لازال ماثلاً أمام ذاكرة الأجيال الحالية من شعوبنا فالسياسية الأمريكية – وهي في أوج عدائها لاستقلال وتقدم المجتمعات العربية والإسلامية ودعمها المطلق لإسرائيل – هي التي مكنت الدولة السعودية " الثيوقراطية" (*) من الحكم ومن قيادة العالم الإسلامي والتي ساهمت في تأسيس مؤتمره ، وهي التي بنت أحلافها في المنطقة على أساس دول هذا العالم مثل باكستان وإيران الشاه وتركيا والسعودية ومصر بعد كامب ديفيد . كما أنها هي التي تحالفت ودعمت تيار الإسلام السياسي في المنطقة وفتحت بلادها لمؤتمراتهم وحملات التبرعات من أجل دعواتهم إلى أن شهد العالم حملات "الجهاد " الإسلامي في أفغانستان بتنسيق ودعم أمريكي رئيسي ، إذن فما الذي تغير ؟

    المتغير هو ما تراه السياسة الأمريكية والقرار الأمريكي صالحاً ومناسباً لإستراتيجيتها في المنطقة في أزمنة متغيرة وفي أوضاع دولية وعربية متغيرة أيضاً بعيداً عن ترَّهات تأثيرات اللوبي الصهيوني أو غيره . فمع وجود هذا اللوبي ذاته ، لكن مع تصاعد حركة تحرر وطن عربية لها طابع شعبي وراديكالي علماني وقومي عربي في المنطقة العربية وفي ظل توازن الردع أيام الحرب الباردة ، وجدت السياسة الأمريكية في تيار الإسلام السياسي حليفاً لها لإضعاف إرادة وطموحات تلك الحركة فوظفته – تحت شعارات محاربة الشيوعية والسوفيت والعلمانية (!) – لخدمة مصالحها. أما وقد إنهار – الاتحاد السوفيتي ومعه النظام العالمي القديم ، وتراجعت حركات التحرر الوطني إلى مستوى الانكسار وتمكن الكمبرادور (وكلاء وشركاء رأس المال الأجنبي) المرتعد بألوانه المختلفة من حكم المجتمعات العربية ، وغابت الجماهير المسيسة عن المساحة ، وإخراج الولايات المتحدة لإستراتيجيتها الجديدة الخاصة بالسيطرة على العالم وتعميق التوسع الإمبريالي تحت قيادتها المنفردة إلى حيز التنفيذ ، فقط كان بديهياً أن تكون مجتمعات العالم الإسلامي – بحكم أهميتها الإستراتيجية – هي نقطة الإنطلاق والمرتكز لتحقيق تلك الإستراتيجية. وكان لابد من تغيير خريطة تحالفاتها في المنطقة، فلم يعد هناك مجال لهذا التحالف غير المقدس بينها وبين تيار الإسلام السياسي ، وهذا أيضاً ما أدركته قيادات هذا التيار من تجاهل وتهميش لدوره فراحت تنقلب على حليف الأمس(**). هذا ما جعل الصياغة المناسبة لمشروع الاجتياح الأمريكي للمنطقة هو "الحرب على الإرهاب "... الإسلامي أساساً .

    الحلول الأمريكي محل بريطانيا وفرنسا في العالم العربي

    أمريكا تدخل المنطقة وتحصد أكبر غنيمة في التاريخ

    نعود ثانية لتتبع سريع لمسار تاريخ علاقات الولايات المتحدة الأمريكية بالمنطقة العربية، كي نرصد الخط العام لحقيقة العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية في إطارها . فالتاريخ دائماً يفض سكينة ونوم أعدائه، وفيه لشعوبنا بوصلة هادية للطريق .

    دخلت المنطقة في دائرة اهتمام الولايات المتحدة الشديد، منذ بدايات القرن العشرين ، مع ظهور مؤشرات تمتع منطقة الخليج بمخزون هائل من البترول. تزامن ذلك مع ما أظهرته خبرة الحرب العالمية الأولى من خطر اعتماد الولايات المتحدة ودول الغرب الصناعي على أحتياطيات البترول الأمريكي لتلبية الاحتياجات المتزايدة عليه، وضرورة الحصول (السيطرة) على مصادر خارجية.

    على صعيد آخر أدركت الولايات المتحدة الأمريكية أن قيادة المنظومة الرأسمالية العالمية تتوقف – إلى حد كبير – على من يفرض سيطرته على مصادر إنتاج البترول الخارجية.

    وكما شكلت قناة السويس في مصر حالة نزاع طويل بين أقطاب الاستعمار القديم لفرض السيطرة عليها وتأمينها، شكل البترول العربي حالة مماثلة لكن في ظروف تطور جديد للرأسمالية العالمية كان أهم قسماته نمو مضطرد للرأسمالية الاحتكارية الأمريكية أمام تراجع تدريجي لقوى الرأسمالية الإحتكارية الممثلة بدول الاستعمار القديم – بريطانيا وفرنسا – الأمر الذي سهل على الولايات المتحدة قيامها – في بادئ الأمر – بمزاحمة بريطانيا في إستغلال موارد البترول العربي ، ثم تقاسمها، ثم هيمنتها شبه الكاملة عليها .

    ومنذ عام 1928، نجحت الولايات المتحدة في الحصول على نصيب (25%) في إستغلال بترول الموصل، وواصلت التغلغل منذ عام 1931 بدءاً بالبحرين، ثم المملكة السعودية (1935 – 1939) بالحصول على إمتيازات البحث والاستغلال، وشهدت الفترة   (1940 – 1945) تطوراً نوعياً بدخول الحكومة الأمريكية بثقلها إلى جانب شركاتها والضغط على حكومات دول ومشيخات الخليج بكل الوسائل لزيادة الروابط السياسية والعسكرية والاقتصادية معها للمحافظة على إمتيازات البترول في المنطقة بما في ذلك إنشاء أول قاعدة جوية أمريكية بالسعودية عام 1945. أما المرحلة من (1945 – 1950) فقد شهدت توسعاً ضخماً وسيطرة شبه كاملة على بترول الخليج العربي إنطلاقاً من السيطرة على المملكة السعودية ثم إيران ثم مشيخات الخليج، واعتبار الإدارات الأمريكية المتتابعة أن هذه المنطقة مرتبطة بالأمن القومي الأمريكي . نجحت الولايات المتحدة إذن في الوثوب إلى المنطقة العربية منذ بدايات القرن العشرين إنطلاقاً من منطقة الخليج العربي البترولية عبر إزاحة بريطانيا برفق أولاً ثم بغلظة. وحسبما جاء في كلمات وزارة الخارجية الأمريكية اعتبرت المملكة السعودية " المصدر الهائل للقوة الإستراتيجية وأحد أعظم الجوائز المادية في التاريخ العالمي"، فجعلت تلك المنطقة – منطقة الخليج العربي – من أهم مناطق نفوذها في العالم وقاعدة تغلغلها في بقية أجزاء الوطن العربي بعد ذلك. وقد إعتمدت الولايات المتحدة في ذلك على عدة سياسات وآزرها عدة عوامل نوجزها في :

    (1)    الصعود المضطرد – نتيجة لأسباب تاريخية ذكرنا بعضها بإختصار – للرأسمالية الأمريكية – على الصعيدين الاقتصادي والعسكري – وتفوق مركزها النسبي عن باقي مراكز المنظومة آنذاك بريطانيا وفرنسا وغيرهما. ظهر هذا في قدرة الشركات الأمريكية عبر دعم حكومتها على شراء أسهم الشركات البريطانية العاملة في مجال النفط في العرق ثم السعودية ثم إيران .

    " باعت شركة ي . جي. سي البريطانية إمتيازها في البحرين إلى أيسترن قولف الأمريكية عام 1927 – نجحت شركة ستاندارد أويل كاليفورنيا (سوكال) في إبرام اتفاقية التنقيب عن البترول مع حكومة المملكة السعودية عام 1933 في حين تم فسخ ابن سعود للعقد مع شركة ي. جي. سي لعدم التزامها بشروط العقد"(10).

    (2)    اعتبرت الحكومات الأمريكية أن مسألة نفط الخليج تقع في إطار إستراتيجيتها للتوسع في العالم، فدخلت بثقل إلى جانب شركاتهما عبر سياسة "الباب المفتوح" للضغط على بريطانيا لقبولها في مناطق إنتدابها في الشرق الأوسط، وقد وصل أمر التدخل هذا قيام وكالة المخابرات الأمريكية بتدبير ودعم إنقلاب عسكري إطاح بالرئيس مصدق والذي وقع للتو اتفاقاً بين إيران والاتحاد النفطي الأمريكي، والذي أنهى التجربة الديمقراطية الإيرانية وأدى إلى مزيد من التراجع البريطاني في أبعاده الأخرى .

    كتبت النيويورك تايمز في تعليقها على ما حــدث في إيــران في افتتاحيتها (6أغسطس 1954) تقول :

    " تملك الدول النامية ، الغنية بالمصادر الأولية ، الآن درساً بيناً عن الثمن الباهظ الذي يتوجب عليها دفعه إذا ما تمادت في تعصبها الوطني، ولعناً نفرط في الأمل إذا إعتقدنا أن التجربة الإيرانية سوف تمنع قيام مصدق آخر في دولة أخرى، لكن هذه التجربة قد عززت موقع الزعماء العقلانيين ذوي الرؤية البعيدة"(11).

    (3)    اعتمدت الولايات المتحدة في إنجاح هذا الضغط – إلى جانب عوامل أخرى – على الصفقات الاستعمارية التي كان معمولاً بها بين الدول الاستعمارية لتسوية مسائل تقسيم الغنائم في العالم الثالث سواء قبل الحرب العالمية الأولى أو بعدها، فكان قبول الولايات المتحدة لإتفاقية "سان ريمو" عام 1920 وصمتها من قبل على معاهدة "سايكس بيكو" عام 1916 الخاصتين بتقسيم الغنائم ( الدول العربية وامتيازات البترول) بين بريطانيا وفرنسا أثناء وبعد الحرب العالمية الأولى ، في مقابل سماح بريطانيا للولايات المتحدة بقيام شركة "ستاندرد" بإستغلال بترول الموصل ثم السماح لها بالإمتيازات في التنقيب والإستغلال في مناطق الإحساء وعسير بالسعودية. كما أدت هذه الصفقات إلى تجاهل الولايات المتحدة لحقوق الشعوب العربية في الاستقلال رغم إعلان الرئيس "ويلسون" مبادئه الأربعة الأربعة عشر وأهمها حق الأمم في تقرير مصيرها في الاستقلال عام 1918.

    (4)    تسللت الولايات المتحدة إلى المنطقة بروح سياسة ملء الفراغ التي أُعلنت بعد ذلك بسنوات (1957)(*) ، وهي السياسة التي عملت على إحلال النفوذ الأمريكي في مستعمرات بريطانيا وفرنسا (وغيرهما من الدول الاستعمارية) الآخذتين في التحلل والضعف:

    أ  ) بدأت الولايات المتحدة في الحصول على موطئ قدم في منطقة الخليج العربي منذ عام 1900 عن طريق إرسال بعثات تبشيرية حددت نشاطها في الأمور الثقافية والتعليمية والطبية كمصدر رئيسي للمعلومات عن المنطقة وكوسيلة للاتصالات بآلاف العامة من الناس. وقد قام هؤلاء المبشرون بتمهيد الأجواء لرجال أعمال الزيت الذين لحقوا به بعد ذلك، بدأ ذلك بأطراف شبه الجزيرة العربية: العراق ، مشيخات: البحرين –الكويت، ومسقط ومن خلالها تم الإتصال بداخل شبه الجزيرة العربية وبإبن سعود.

    ب) الأهم من ذلك في إعلان المبادئ لويلسن وما خص الشعوب المستعمرة منها في تأكيد حق تقرير المصير" بحيث لا تصبح تلك الشعوب تباع وتشتري على موائد السياسة شأنها في ذلك شأن السلع سواء بسواء" ، وما مثلته من ركيزة سياسية لطمأنة تلك الشعوب – ومنها الشعوب العربية – لسياسات الولايات المتحدة عالمياً وقبولها لها بل والترحيب بها كنصير قوي لحقهم في الإستقلال. ولأنه ليس لها أطماع سياسية مثل دول الاستعمار القديم !! فقد فضل "بن سعود" مثلاً إقامة وتوطيد العلاقات التجارية مع أمريكا، فكان 43% من واردات المملكة من أصل أمريكي ، كما كان يفضل منح امتياز استغلال البترول للشركات الأمريكية. وقد رأينا توجه قيادات الوفد المصري السياسية أثناء ثورة 1919 وقد تأثر بما جاء بإعلان المبادئ هذا بخصوص إستقلال الشعوب وحق تقرير مصيرها، فحددت خطها السياسي للوصول على الجلاء عبر "التفاوض" مع الإنجليز أملاً في واعتماداً على التأييد الأمريكي لهذا الحق. وقد كشف الواقع – سريعاً – عن حقيقة هذا الإعلان كرأس حربة لمشروع التغلغل الأمريكي في العالم وخاصة في الوطن العربي عندما وضُعت قضايا الاستقلال للشعوب العربية على موائد السياسة: سايكس بيكو 1916، وسال ريمو 1920، الوفاق الأمريكي – البريطاني 1924 والتي باركتها الولايات المتحدة والرئيس ويلسون شخصياً (!) في ما تم من تلك الصفقات أثناء ولايته.

    اغتصاب فلسطين بوابة الحلول الاستعماري الأمريكي في المنطقة :

    بات ملحاً على السياسة الأمريكية – بعد تحقيق وثوبها إلى منطقة الخليج العربي – أن تعمل على حماية وتأمين مصالحها في البترول : من المنافسة الاستعمارية الضارية عليه من جانب والأهم من شعوب المنطقة العربية (!) من جانب آخر، خصوصاً وأن ملامح نهضة وطنية ديمقراطية ونهضة أخرى ترفع لواء القومية العربية قد بدت تلوح في الأفق . وكانت الفكرة الاستعمارية وراء تبني المشروع الصهيوني في فلسطين جاهزة . ولم يكن إقتراب الولايات المتحدة من ساحة فلسطين مطلع القرن العشرين خجولاً – كما يتصور البعض – بل كان فاعلاً أساسياً لكن من وراء حجاب ، هذا الحجاب تمثل في أن بريطانيا – بالفعل – كانت صاحبة "تصريح بلفور" في 2 نوفمبر 1917 الذي دعى " لتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين" والذي كان بمثابة أول خطوة رسمية كبيرة ترعى نشوء المشروع الصهيوني، كما أن الولايات المتحدة لم ترث فكرة المشروع عن بريطانيا بل تبنته منذ اللحظات الأولى لولادته كما أكدت أحداث التاريخ المهجور رسمياً (!):

    ·    عُرض التصريح قبل أن يعلن على الرئيس الأمريكي " ويلسون" الذي أقره، ثم قررت دول الحلفاء الرئيسية – الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا – أن تعهد لبريطانيا بالإنتداب على فلسطين وأن تكون حكومة الإنتداب مسئولة عن وضع تصريح " بلفور" موضع التنفيذ، كما إعتمد الكونجرس تصريح بلفور بقرار مشترك في 20 يونيو 1922، ثم أعيد تأكيد ذلك في ديسمبر 1924 بمقتضى الوفاق الأمريكي البريطاني بشأن الانتداب على فلسطين. وعلى حد قول "كليفورد" مستشار الرئيس الأمريكي "ترومان" في إستعراضه للسياسة الأمريكية تجاه قضية فلسطين منذ تصريح بلفور "لقد أكد كل رؤساء أمريكا بعد ذلك على جوهر هذا التصريح إبتداءاً من هاردنج حتى ترومان مروراً بكوليدج وهوفر وفرانكلين روزفلت"(12) .

    ·    في عام 1922، وبمبادرة من الولايات المتحدة وبعد ممارسة الضغوط على أعضائها وافقت عصبة الأمم على تصريح بلفور، وكلفت بريطانيا بعد أن جعلتها بصفتها منتدبة على فلسطين بتنفيذ التصريح.

    فإذا أضفنا إلى ذاكرة التاريخ المتأمرك أن الحركة الصهيونية نشأت وتبلورت وواصلت عملها – منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى قرب منتصف القرن العشرين – في أوربا الغربية واتخذت بريطانيا مركزاً لنشاطها، ولم يبدأ قادة الصهيونية التفكير في نقل نشاطهم السياسي إلى أمريكا إلا في عقد الأربعينيات وبالتحديد مع عقد مؤتمر "بلتيمور" عام 1943، فيكون لنا الحق في التساؤل الآتي : هل كانت تلك المواقف الأمريكية المبكرة، الواضحة والثابتة، نحو غرس كيان صهيوني إستيطاني في قلب منطقة توجد فيها منابع بترول الخليج وقناة السويس وحركات تحرر وطني مشتعلة قد ترى في الدولة السوفيتية الناشئة دعماً أصيلاً ومبدئياً لحقوقها وتطلعاتها في الإستقلال والتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي – نقول هل إنطلقت تلك المواقف الأمريكية من تأثير أصوات الناخبين اليهود واللوبي الصهيوني على القرار الأمريكي ؟ والذي لم يتواجد بعد في الولايات المتحدة إلا عام 1941 بنقل "بن جوريون" مركز "الوكالة اليهودية" والنشاط السياسي الصهيوني إلى الولايات المتحد، والذي لم يتبلور إلا بمؤتمر "بلتيمور" 1943؟!

    الحقيقة أن زعماء المشروع الصهيوني عندما وجدوا في الولايات المتحدة قائداً – قادماً بقوة – لرأس المال الدولي المهيمن على حساب بريطانيا التي أيقنوا زوال شمس إمبراطوريتها، وعندما وجدوا تبني رأس المال الأمريكي ممثلاً في دولته – في إطار سعيه لقيادة الرأسمالية العالمية – لمشروعهم الذي سترتكز عليه إستراتيجيته في المنطقة العربية، نقلوا نشاطهم السياسي إلى الولايات المتحدة .

    فبريطانيا وقد تفاقمت تناقضاتها، باتت عاجزة عن الاستمرار في حكم مستعمراتها العربية بنفس الأسلوب القديم لأسباب نوجزها في :

    أ  - تراجع مركزها النسبي (إقتصادياً ثم عسكرياً ) في العالم الإمبريالي نتيجة إنهاك قواها في الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية .

    ب- دورها الظاهر في خلق قضية فلسطين، ناهيك عن قيامها بطعن أصدقائها العرب (!) – الحكام – من وراء ظهورهم باقتسام الدول العربية بينها وبين فرنسا في "سايكس بيكو " واقتسام امتيازات البترول في معاهدة "سان ريمو للزيت". الأمر الذي أشاع حالة عامة مستعصية على الحل من الاستياء والغضب العربي تجاهها والذي قد يؤدي إلى تصاعد الحركات الوطنية العربية ضد المخططات الاستعمارية برمتها في المنطقة.

    ولهذا فقد ذهبت بريطانيا في محاولة منها لتهدئة الحكومات العربية إلى إصدار الكتاب الأبيض عام 1939 الذي عمل أساساً على الحد من حق شراء الأراضي العربية وتملكها من قبل اليهود والحد من الهجرة، كما نصحت الولايات المتحدة من أن ردود الفعل العربي تجاه قضية فلسطين قد تصيب الخطط الأنجلو – أمريكية بالمنطقة بالفشل، وناشدتها القيام بالدور الأساسي لإيجاد الصيغة الملائمة لقضية فلسطين واثبات صداقتها للعرب. والولايات المتحدة من جانبها إستقرت على الاستخفاف بالمعارضة العربية لخطط إغتصاب فلسطين، إعتماداً على : سيطرتها على أنظمة وحكام الخليج وربط مصالحهم بسياستها، وعلى تغلغلها إقتصادياً وثقافياً في بلدان عربية أخرى ( العراق بالمساعدات ومصر بالتأثير السياسي والثقافي)، وعلى تقديرها أخيراً للضعف السياسي لتلك المعارضة .

    وعلى ذلك نستطيع القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد تولت أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية – الدور الأساسي في اغتصاب فلسطين :

    1)    ضغطت لتشكيل لجنة أمريكية – بريطانية مشتركة لتقصي الحقائق، أصدرت في عام 1946، في عهد ترومان، عدة توصيات تفتح الباب على مصراعية أمام الهجرة الصهيونية وتلغى ما جاء بالكتاب الأبيض.

    2)    نجحت في الضغط على سلطات الانتداب في فلسطين للسماح بتهجير 100 ألف يهودي فوراً من شرق أوروبا إلى فلسطين، وقام ترومان بحث رئيس الوزراء البريطاني على فتح باب الهجرة اليهودية.

    3)    قامت الإدارة الأمريكية بنشاط محموم في أروقة الأمم المتحدة وخارجها (في منازل مندوبي الدول !) خلال عرض مشروع التقسيم بالجمعية العامة حتى حصل على الأغلبية المطلوبة، وقد إعترف الرئيس "ترومان" نفسه بممارسة هذه الضغوط لكن من الناحية غير الرسمية.

    4)    بعد صدور قرار التقسيم ورفض العرب له وإحساس بعض الدول التي صوتت لصالحه بخطأ موقفها وخطأه، ظهرت محاولات جادة لعرض القضية على محكمة العدل الدولية، تحطمت بوقوف الولايات المتحدة – بكل ثبات- ضد عرض أية مسألة تتعلق بفلسطين على تلك المحكمة ، وهددت بإستخدام الفيتو في مجلس الأمن في حالة تقديم طلب للمجلس بعرض قضية التقسيم على المحكمة: " أليس في ذلك اعتراف صريح بعدم قانونية التقسيم، وإلا فما وجه التخوف من عرض الموضوع على المحكمة ؟"(13)

    5)    تدخلت الحكومة الأمريكية لدى بعض الحكام العربي ( الوصي على عرش العراق، الملك فاروق في مصر وغيرهما) وطالبتهم بالعمل على "تهدئة الأوضاع" وعدم السماح بعبور المتطوعين من أراضيهم إلى فلسطين ومنع إرسال جيوشهم إلى فلسطين، كما طالبت من ( محمد علي جناح ) حاكم باكستان أن يستخدم نفوذه مع الدول العربية لإقناعها بعدم القيام بأي إجراء من"شأنه تقويض النظام القائم في منطقة الشرق الأوسط الذي قد يؤدي في النهاية إلى صراع دولي يضر بشعوب المنطقة في المقام الأول"، ومن ذلك ألا يستخدم العرب القوة لمنع تنفيذ التقسيم وألا يشجعوا استخدام القوة، كما تدخلت لمنع تأسيس "حكومة عموم فلسطين" يوم إنتهاء الانتداب ، واعتبرت أن المقاومة العربية ضد تنفيذ التقسيم "عدواناً صريحاً" ومناهضاً لالتزامات الدول العربية بميثاق الأمم المتحدة، وهددت بعرض موضوع مساعدة العـمــل الفدائي في فلسطين وتقديم السلاح له على مجلس الأمن. وقد حققت هذه الضغوط أهدافها بإلتزام الحكام العرب بعدم تدخلهم في فلسطين حتى 15 مايو 1948(اليوم المعلن لإنتهاء الانتداب) الأمر الذي أدى إلى تغير في ميزان القوى في فلسطين. وكان من نتائج ذلك على سبيل المثال – وقوع مذبحة دير ياسين 9 أبريل 1948 وسقوط حيفا في أيدي العصابات الصهيونية 26 أبريل 1948 بعد انسحاب القوات البريطانية منها.

    6)    جاء اعتراف الولايات المتحدة " بدولة إسرائيل" لحظة إعلانها تماماً ( السادسة بتوقيت واشنطن مساء يوم 14 مايو 1948 ) وقد جاء الاعتراف وقت إنعقاد جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث قضية فلسطين وبالتحديد مناقشة المشروع الأمريكي للهدنة(!)، مما أضطر مندبو الدول المجتمعة لأن يعدلوا من المشروع قليلاً لكي يكون صالحاً كمشروع لهدنة لما سيقع في اليوم التالي (15 مايو 1948 إعلان إنتهاء الانتداب البريطاني ) وتمت الموافقة عليه برقم 186 !!

    سيكون من المفيد تماماً التوقف عند المناقشات والاختلافات التي سادت أروقة المؤسسات الأمريكية الحاكمة – في حينه – وخاصة بين وزارة الخارجية والبيت الأبيض (مستشاري الرئيس ترومان)(14)، حيث سعت وزارة الخارجية إلى تأجيل الإعتراف ولو قليلاً حتى يتم إعلانه إستناداً إلى إقامة دولة ديمقراطية في فلسطين وهي (إسرائيل) كمبرر له أمام العالم، أيضاً وضعت الخارجية خططاً بديلة لتنفيذ مشروع التقسيم بالقوة، كلها تؤدي إلى التقسيم إلتفافاً ، قبل مشروع الوصاية(*) ومشروع الهدنة قبل 15 مايو 1948، بينما دفع مستشارو الرئيس في إتجاه الاعتراف الفوري والذي فاز في النهاية. وبالرجوع لتلك المناقشات نجد أن الإختلافات فيها كانت ثانوية تماماً بالنسبة للهدف الرئيسي وهو إقامة الدولة اليهودية في فلسطين وكانت قائمة على أساس الإختلاف في تقدير الموقف الناجم عن الإعتراف الفوري بالنسبة لرد الفعل العربي وتعرض الخطط الأمريكية بالمنطقة ككل للخطر . فبينما كان تقدير وزارة الخارجية هو صعوبة السيطرة على رد فعل الحكومات العربية والإسلامية وكذلك الشعوب العربية والإسلامية وتعرض المصالح الأمريكية الحيوية في المنطقة للمناوأة ، رأي المكتب البيضاوي أن حالة العرب تعاني الضعف والإنشقاق (حالة مصر) إضافة إلى حاجتهم للدولار الأمريكي ( حالتي السعودية والعراق).

    فكيفية تأمين المصالح الحيوية للولايات المتحدة – إذن – كانت وراء الرؤي المختلفة داخل مؤسسات الحكم الأمريكي في هذه الحالة – وأي حالة أخرى بهذا الخصوص – والتي إستقرت – ضمن الإطار العام للسياسة الأمريكية تجاه فلسطين منذ دعمها لتصريح بلفور – على سرعة تمكين الدولة الصهيونية واعتبارها عنصراً أولياً في رسم وتخطيط إستراتيجيتها في المنطقة العربية ووضعها هي وكافة المؤسسات الصهيونية كأداة في الآلة الأمريكية الحاكمة . ليبحث معنا المؤرخون في تاريخ السياسة الأمريكية في المنطقة عن وجود إتجاهات وأصوات داخل مؤسسات الحكم الأمريكية نادت بعدم مشروعية قرارا التقسيم أو بأن كياناً صهيونياً عنصرياً في قلب المنطقة العربية سيؤدي إلى زعزعة السلام والأمن الإقليمي والعالمي – ناهيك عن تعارض أساس هذا الكيان الديني مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان(**) – أو بضرورة إدانة العدوانات الإسرائيلية على الشعوب العربية وانسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها دون قيد أو شرط.

    كل ما سيجدوه – ووجدناه نحن منذ البداية – هو تقديرات متباينة لتوجهات سياسية لإنجاح عمليات التوسع والهيمنة الأمريكية على ثروات المنطقة وإنجاح عمليات تأمينها والتي بدأت بالطريق – الذي أوضحناه بإيجاز أعلاه – لغرس إسرائيل وإغتصاب فلسطين . من هذه القاعدة التاريخية يأتي دور لجماعات الضغط (اللوبي) الصهيونية في دولة قيادة الإمبريالية العالمية – في مراحلها المختلفة – تلعبه لتفضيل وسيلة دون أخرى للوصول إلى الهدف المشترك . وقد يحدث – أحياناً – إختلافً مع قرارات الولايات المتحدة – كما سنرى فيما بعد – في إطار رؤية الأخيرة الأكثر إتساعاً لضرورات تأمين أوضاع المنظومة الاستعمارية ككل في المنطقة، هذا الاختلاف لم نلمسه إلا بدرجة الاختلاف الذي قد يحدث داخل دوائر المؤسسات الصهيونية نفسها – داخل إسرائيل وخارجها – أو الذي يحدث بين مؤسسات الحكم الأمريكية ( البيت الأبيض ، البنتاجون ، الخارجية ، وكالة المخابرات،...).

    الثابت والمتغير في السياسة الأمريكية :

    منذ إغتصاب فلسطين، واصلت الولايات المتحدة – بوتائر أعلى – قيادة الإمبريالية العالمية في تحمل عبء النفقات الهائلة لتعزيز الكيان الصهيوني، وكانت نقطة إنطلاق السياسة الأمريكية منذ ذلك الحين – والذي شهد مداً لحركة التحرر الوطني العالمية ومنها العربية – هي إنهاك واحتواء وهزيمة تلك الحركة كشرط أساسي لإلتهام المنطقة في إطار جموحها للتوسع، وإذا حاولنا رصد وتطبيق قانون الثابت والمتغير على السياسة الأمريكية تجاه منطقتنا نجد أن:

    الثابت : استمرار وتشديد السيطرة الاستعمارية الأمريكية وضمان أمن إسرائيل كمحور أساسي في نظام هذه السيطرة وأداة أساسية من أدواتها من خلال تثبيتها وتقديم كل أنواع الدعم التي تضمن تفوقها على سائر الدول العربية مجتمعةً .... لماذا؟

    1-    لا جديد في القول أن الدول الاستعمارية ومنذ الحملة الفرنسية على مصر والشام قد أكتشفت أهمية المنطقة العربية في ذاتها وفي كونها مفتاح السيطرة على الهند والشرق الأقصى وكذلك أفريقيا، أضيف إلى تلك الأهمية الاستراتيجية حفر قناة السويس، ثم اكتشاف احتواء المنطقة على أكبر إحتياطي للبترول في العالم ، وفوق ذلك أدركت أهمية وإمكانية وجود قوة إقليمية في المنطقة تقوم بدور الحارس والمخفر الأمامي لمصالحها الاستعمارية في المنطقة خاصة إذا اضطرت قواتها العسكرية المحتلة لدول المنطقة للجلاء عنها تحت ضغط حركة التحرر الوطني، هذه القوة الإقليمية البديلة لقوات الاستعمار ، بريطانيا كان أم فرنسياً أم أمريكياً ، هي إسرائيل .

    2-    اعتمدت الإمبريالية الأمريكية في استمرار السيطرة على المجتمعات العربية على ركائز أو فئات اجتماعية في الداخل . فحتى الاستعمار القديم المقترن بالاحتلال العسكري كان استمراره مستحيلاً بدون اعتماده على تعاون أو تأييد شيوخ القبائل في إمارات الخليج أو كبار الملاك الزراعيين في مصر . أما بعد جلاء الاحتلال الأجنبي وحصول الدول العربية على استقلالها السياسي وفشلها في تحقيق الاستقلال السياسي أو الاقتصادي الكامل، وبالتالي استمرار السيطرة الاستعمارية، فقد أعتمد استمرار السيطرة الأجنبية – بعبارة أخرى عدم اتباع سياسة تطور سياسي واقتصادي معتمد على الذات – على سيطرة طبقات أو فئات اجتماعية على الاقتصاد والدولة في بلادنا ، وتقوم هذه الفئات بدور الوكيل أو الوسيط أو الشريك الأصغر للاستعمار في داخل بلادنا ، وعلى حساب جماهير الشعب واستقلال البلاد السياسي والاقتصادي . وإذا نظرنا إلى أهم البلاد العربية في الوضع الراهن وفي مقدمتها مصر لوجدنا أن الركيزة الاجتماعية الأساسية الحالية للإمبريالية العالمية والأمريكية خاصة هي طبقة الرأسمالية الكبيرة من وكلاء وشركاء رأس المال الأجنبي وكافة الوسطاء المحليين وكبار المستفيدين من تخلف وتبعية بلادنا الاقتصادية والسياسية ، وهي ما يطلق عليه مصطلح الرأسمالية الكمبرا دورية . وقد تفاقم الطابع الكمبرادوري للبرجوازيات المصرية والعربية وكاد أن يصبح كمبرادوريا صرفاً مع الانفتاح علي والاندماج المتزايد في الأسواق العالمية بحكم سيطرة الاحتكارات الدولية على هذه الأسواق.

    وهذا بالضبط هو ما جعل دور هذه الفئات كركيزة للتبعية أو السيطرة الاستعمارية الأجنبية شديد التعرض لإحتمالات الانهيار عبر ثورات وطنية شعبية، فهي عاجزة عن الإستجابة لمطالب الشعب في إقامة نظم حكم ديموقراطية، علاوة على عجزها عن تحقيق المطالب الوطنية والقومية. لذلك فإن الاستعمار العالمي والأمريكي خاصة أعطى – وسيعطى دائماً – كل ثقله لإقامة إسرائيل وضمان تفوقها وقدرتها على القيام بالدور الأساسي في تأمين أستمرار وتوسع المصالح الاستعمارية ، وسيستمر ذلك إلى الوقت الذي تستطيع فيه شعوبنا أن تلحق الهزيمة النهائية والحاسمة بالاستعمار الأمريكي وإسرائيل .

    3-   الصهيونية السياسية – من جانبها – إرتكزت على المشكلة اليهودية وظاهرة معاداة السامية ، وهي إفراز تاريخي لتطور رأس المال الغربي وعجزه عن تحقيق الديمقراطية الحقيقة والمساواة لشعوبه، وإعتماده في السيطرة على تناقضات الداخل على التمييز العنصري واضطهاد الأقليات . كما إرتبطت الصهيونية في نفس الوقت بمشروع التوسع الإمبريالي – باعتباره المشروع الأكثر إنسجاماً مع مشروع نهب مباشر واستيطان قسري – الذي تبناها في مراحله المختلفة (بداية الضمور السريع لبريطانيا – بداية الصعود السريع لأمريكا) منذ نشأتها . هل يمكن لأحد تصور وجود إسرائيل ناهيك عن استمرارها وتفوقها دون هذا التبني؟ خلق الاستعمار في قلب المنطقة كياناً مصنوعاً هو بمثابة القاعدة العسكرية المتقدمة له، جيشاً كبيراً رغم تمايز قوامه بين قادة وضباط وجنود وسياسيين وصحفيين وكتاب ومدرسين وأطباء ومهندسين وأكاديميين وعاملين في المصانع والحقول جاءوا جميعاً – ولا يزالوا يجيئون – إلى ارض فلسطين من أجل صراع وجود هَوسي تخفت فيه إلى حد بعيد قوانين الصراع الاجتماعي المؤدية إلى التغيير الاجتماعي من داخله(*).

    4-   تلاقي مشروع إقامة الدولة الصهيونية في فلسطين وفقاً – وبالضرورة – لمبدأ إحلال السكان – بإبادة الأصليين أو تهميشهم – مع العقدة التاريخية لدى المجتمع الأمريكي الخاصة بنشأته التاريخية عبر إبادة شعب كان يتمتع بحضارة إنسانية رفيعة ، لم يرتكب ذنباً سوى أن المحيط العظيم قد عزله عن تطور الحياة المادية التقنية الحديثة ومنها وسائل الحرب الحديثة ، ذلك جعل التعاطف الأمريكي – في القسم الأغلب من فئاته – مع المشروع الصهيوني – وفي ظل غياب وعي جماهير الشعب الأمريكي بمصالحة في تصفية الإمبريالية الأمريكية – أمراً نفسياً أو ذهنياً بنيوياً .

    نعود للتاريخ ، حيث بادرت الولايات المتحدة عام 1950 وأصدرت مع بريطانيا وفرنسا " التصريح الثلاثي" والذي أكد مضمونه على حماية إسرائيل وتأكيد حدودها التي وصلت إليها عبر إتفاقية الهدنة وليس حدود التقسيم عام 1974. كذلك إنهالت المساعدات الاقتصادية والعسكرية وطبعاً السياسية على إسرائيل وقادت الولايات المتحدة ترتيب منظومة الدعم الغربي لها بما فيها الهيئات الواقعة تحت النفوذ الأمريكي (كالبنك الدولي)، كما هذا الدعم شكل المساعدات الحكومية وغير الحكومية .

    عموماً شهدت الفترة من 1948 إلى 1967 تحضير إسرائيل عسكرياً لإحتمال اللجوء إليها، ما لم تنجح أساليب الولايات المتحدة في كسر إرادة الشعوب العربية وإجبارها على الانصياع الكامل دون نقيصة للهيمنة الأمريكية المباشرة على مقدراتها، في ظل وضع دولي تميز بالصراع النشيط بين قوى الثورة الاشتراكية والوطنية العالمية وبين الإمبريالية العالمية. ولم يحدث أي تغير يعتد به في السياسة الأمريكية تجاه البلاد العربية، أهدافا وحتى أساليباً، منذ عام 1948 وحتى الآن. فلا يعدو المتغير في هذه السياسة الأمريكية تبادل أو تتابع أو تزامن عدة محاور أو أساليب عدوانية ثابتة لفرض الاستعمار أو التبعية الاستعمارية وكسر إرادة مناوئيها وتتلخص في :

    -         سياسة الأحلاف العسكرية .

    -         برنامج المساعدات ( برنامج المعونة الفنية والاقتصادية )

    -         التغلغل الثقافي .

    -         سياسة ملء الفراغ.

    -         الضغوط الاقتصادية والمؤامرات والعمليات القدرة .

    -         الحروب .

    ترويض حركة 23 يوليو

     

    سياسة ترويض حركة 23 يوليو وموقع "إسرائيل" منها :

    بعد توسع إستثماراتها وهيمنتها وتأمينها – نسبياً – لمصالحها في البترول العربي، ركزت السياسة الأمريكية على مصر ، فعملت على إستقطاب ثورتها عام 1952 (رفضت تدخل بريطانيا ضدها وقت نجاح حركة 23 يوليو منعاً لتدهور الموقف)، وهدفت إلى إنضمام مصر إلى مشروع "منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط" التي كانت بصدد تشكيلها في المنطقة والتي كانت قد طرحته على الحكومة المصرية عام 1951 ورُفض لأسباب تتعلق بإشتداد الحركة الوطنية والمقاومة المسلحة في منطقة القناة. زار وزير الخارجية الأمريكية (دلاس) القاهرة في مارس 1953 لإعادة طرح إنضمام مصر لمشروع منظمة الدفاع تلك على أن تكون هي محور تشكيله ، فرفض عبدالناصر" على أساس أن الدفاع عن الشرق الأوسط لابد أن يستند أساساً إلى دول المنطقة نفسها ...".

    وقد تحدث (دلاس) معقباً على رفض "عبدالناصر " معتبراً أن منظمة الدفاع عن الشرق الأوسط هي فكرة للمستقبل أكثر منها ممكنة التحقيق فوراً. وتوجه إنتباه الولايات المتحدة صوب ما أسموه (بلاد النطاق الشمالي)، فتبنت وشاركت بريطانيا تكوين حلف بغداد عام 1955 كبديل أو اسم آخر لمنظمة الدفاع عن الشرق الأوسط شمل : العراق – تركيا – إيران – بريطانيا – إضافة إلى مشاركة أمريكا في أعمال لجانه العسكرية والسياسية(*) والمنوط به مقاومة المد الشيوعي ، والمد التحرري الذي لعبت فيه مصر دوراً مهماً (مؤتمر باندونج). فقد عارضت مصر – مع الهند وغيرها – حلف بغداد وكشفت أبعاده الاستعمارية المعادية لشعوب المنطقة. ونتيجة لذلك فقد أعطت أمريكا إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة قطاع غزة (فبراير 1955) لإثبات ضعف قدرات مصر أمام يدها الطولي وإكراه مصر على الإنضواء تحت لواء حلف بغداد.

    وبخلاف محاولات الولايات المتحدة لجرجرة مصر للتورط في حلف بغداد أو التوقف عن كشف أبعاده الاستعمارية، شهدت الفترة من 1953 وحتى 1956 محاولات موازية لجرجرتها للإعتراف بالكيان الصهيوني وإقامة العلاقات معه كمقدمة لإقرار عربي بقيام إسرائيل. وقد طالبت مصر عام 1955 شرطاً لذلك هو إقامة دولة فلسطينية وفقاً لقرار التقسيم لسنة 1947 فرفضت أمريكا ذلك(**). والحقيقة أن الفترة منذ قيام حركة 23 يوليو وحتى عام 1955 لم تسجل أي تقارب لمصر مع دول الكتلة السوفيتية، بل على العكس حيث كان رأي القادة السوفييت فيها منذ قيامها أنها حركة رجعية مرتبطة بالأمريكان، كما لم تسجل أي تصعيد عسكري أو سياسي للنظام المصري ضد الكيان الصهيوني إلى أن بادرت "إسرائيل" بضرب قوة مصرية في قطاع غزة، في الوقت التي شهدت فيه تلك الفترة وجوداً أمريكياً في المنطقة بقيادتها الفعلية (مع بريطانيا) لحلف بغداد. وكذلك وجودها العسكري في البحر المتوسط عبر تنفيذها فكرة أسلحة الطوارئ(***)، إضافة إلى سيطرتها على منطقة الخليج سياسياً واقتصادياً ووجود قاعدة جوية لها بالسعودية، ووجودها العسكري وامتيازات البترول ( بالمشاركة مع بريطانيا) في ليبيا، كما كان الحزام المطوق للعرب كاملاً: تركياً، إيران الشاه، هيلاسيلاسي أثيوبيا .

    كل هذا الحضور الأمريكي المكثف في المنطقة لم يجعل لإسرائيل دوراً هامشياً أو ثانوياً، بل كانت هي المرتكز الأساسي للسياسة الأمريكية للضغط على مصر لقبول متطلبات هيمنتها : دفعها إلى مهاجمة قطاع غزة، تقديم المساعدات العسكرية لها لتعويض صفقة الأسلحة التشيكية لمصر حرصاً على منع حدوث توازن للقوى العسكرية، اشتراط إعتراف مصر بإسرائيل دون شروط أساساً لتقديم أي مساعدات عسكرية أو اقتصادية للحكومة المصرية.

    ثلاثة عصافير بموقف أمريكا من العدوان الثلاثي :

    مثل العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، والدور الذي لعبته الولايات المتحدة فيه نجاحاً مضافاً لسياسة التغلغل الأمريكية في المنطقة على كل الأصعدة بظهورها كقوة عظمى معادية للاحتلال وإخفائها لتبنيها ورعايتها الكاملة والمستدامة للمشروع الصهيوني منذ بدايته، فعظمت الاتجاهات السياسية في العالم العربي – ولا تزال – التي ترى إمكانية كسب الولايات المتحدة لصالح قضايا العرب ( العصفور أو المكسب الأول ). وقد رأت أمريكا في توقيت العدوان الثلاثي وتركيبته أمراً معيقاً لسياستها التي بدأت من قبل أن تعلن عنها والتي عرفت (بملء الفراغ)، إذ رأت في العدوان تثويراً للحركة الوطنية المصرية والعربية (خاصة إتساع القاعدة الشعبية للكفاح المسلح ضد العدوان) بما يؤدي إلى فشل سياسة الاحتواء التي أعتمدتها لخلخلة وإضعاف البرنامج السياسي لتلك الحركة، وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع الولايات المتحدة وسياستها في المنطقة من جهة، كما رأت أن نجاح العدوان يعيد إحياء محاولات بريطانيا لإستعادة قواعدها ومكانتها المفقودة في المنطقة العربية الأمر الذي رأته أمريكا مخالفاً لاستراتيجيتها والخاصة بإصرارها على قيادة الحلف الغربي وأن تكون تحركات أعضاء هذا الحلف من خلالها من جهة أخرى (المكسب الثاني).

    وبقفزة على سيناريو الأحداث فقد إنتهى العدوان وتم الانسحاب الثلاثي من بورسعيد وسيناء (بريطانيا وفرنسا ثم إسرائيل) بعد إنذار سوفيتي عنيف وبعد مطالبة أمريكية بالانسحاب وبعد تسوية سياسية تم فيها حصول إسرائيل على مكسبين هما:

    -         حرية الملاحة في خليج العقبة (فقد أعلن أن مياه الخليج دولية).

    -         وضع قوات طوارئ دولية في شرم الشيخ وغزة.

    لعبت الولايات المتحدة في تلك التسوية الدور الأساسي واستخدمت فيها أوراق ضغط للوصول إليها تمثلت في :

    1-  إستمرار إحتلال إسرائيل لشرم الشيخ وغزة حتى مارس 1957 ولم يتم الانسحاب إلا بعد الإعلان عن تدويل خليج العقبة والاتفاق مع مصر على تشكيل قوات طوارئ دولية .

    2-  الاستمرار في تجميد الحكومة الأمريكية للأموال المصرية التي كانت قد جمدتها في 31 يوليو 1956 إثر تأميم قناة السويس، كما رفضت في 7 يناير 1957 طلب تزويد مصر بالغذاء والأدوية لمواجهة الأوضاع السيئة بسبب العدوان، كما رفضت الأفراج عن 27 مليون دولار من أموال مصر لشراء قمح.

    وقبل أن تنسحب إسرائيل من غزة وشرم الشيخ صرح إيزنهاور :

    "  أنه بات مقتنعاً بان مياه الخليج مياه دولية وأنه ليس من حق أية دولة أن تمنع المرور الحر فيه وأنه سبق أن أعلن أن الولايات المتحدة على استعداد لممارسة هذا الحق بنفسها .... "

    وعلى ذلك وضعت تلك التسوية أول خطوة لتحقيق مفهوم التوسع الإسرائيلي دون إحتلال الأرض نفسها بالإضافة إلى تحقيق هدف إسرائيل المعلن في القضاء على مراكز الفدائيين في غزة ومراكز الجيش المصري في خليج العقبة وذلك بجعل مشكلة حماية إسرائيل من الفدائيين مشكلة دولية (المكسب الثالث) .

    وقد أعلن " بن جوريون " بعد الإنسحاب أنه " ليس المهم الإستيلاء على المضايق وإنما المهم تأمين الملاحة حتى ولم تكن إسرائيل موجودة هناك". بنفس المعنى وفي الأسبوع التالي لتقديم الطلب الأمريكي بالإنسحاب (!) طرح الرئيس إيزنهاور فكرته عن ضرورة التخلص من عبدالناصر وتأكيد حق إسرائيل في المرور في خليج العقبة وقناة السويس وعدم السماح لمصر بحكم قطاع غزة وإقامة نوع من وصاية الأمم المتحدة عليه .

    خلاصة الأمر وعلى عكس ما شاع – ولايزال – من أن الموقف الأمريكي قد ساعد مصر في إنهاء إحتلال قوات العدوان الثلاثي للأراضي المصرية، نجد أن الرؤية الأمريكية في تأمين مصالحها في المنطقة ثم إستكمال تغلغلها تمهيداً لسيطرتها الكاملة (في مواجهة موقف شعبي مصري مستعد للمقاومة الشعبية المسلحة وموقف سوفيتي لم تعرف المنطقة مثيلاً لها من قبل ومن بعد)، كذلك الرؤية الأمريكية في استخدام إسرائيل في التوقيت وبالطريقة التي تناسب تحقيق تلك الرؤية كانت الدافع لهذا الموقف المركب.

    يبقى أن نذكر بأنه قد أعيد إنتخاب إيزنهاور رغم عن أصوات الناخبين اليهود ودور اللوبي الصهيوني المزعوم (!).

    التنمية بالتوجيهات الأمريكية تجهض حركة التحرر:

    تقدمت الولايات المتحدة في عام 1957 بمشروع إيزنهاور وهو ما عرف بنظرية ملء الفراغ التي (دعت إلى "التعاون" مع أي دولة أو مجموعة من الدول في منطقة الشرق الأوسط ومساعدتها على تنمية إقتصادها مما يحقق صيانة "إستقلالها" الوطني وتقديم مساعدات تسهل استخدام القوات المسلحة الأمريكية لضمان وحماية السلامة الإقليمية والاستقلال السياسي للدول التي تطلب مثل هذه المساعدات ضد العدوان المسلح من أي دولة تسيطر عليها الشيوعية الدولية)، وقد وافق الكونجرس الأمريكي على مطلبي إيزنهاور بتخويله سلطة استخدام القوة في الشرق الأوسط إذا دعت الضرورة، وكذلك تقديم ما قيمته 200 مليون دولار كمساعدات عاجلة لدول المنطقة . وعندما رفضت مصر هذا المشروع تعاملت معها أمريكا بسياسة العصا والجزرة ، وتعامل نظام عبدالناصر مع أمريكا بمستويين: معارضة السياسة الأمريكية في المنطقة ورفض مشاريع الهيمنة السياسية والعسكرية من جانب وقبول تطوير العلاقات الاقتصادية معها ناهيك عن إزدهار العلاقات الثقافية والتعليمية دون تأثر بالأوضاع السياسية من جانب أخر . وقد مثل هجوم عبدالناصر على عبدالكريم قاسم والشيوعيين في العراق رداً على موقفهم الناقد للوحدة المصرية السورية التي تمت أوائل عام 1958 بصورة إندماجية صادرت الحريات السياسية والنقابية في القطرين وأغفلت الفوارق الاقتصادية والثقافية القائمة بينهما، والداعي إلى وحدة عربية فيدرالية – نقول مثل هذا الهجوم نقطة تقاطع مع السياسة الأمريكية في المنطقة ، إذ رأت في الخلاف بين مصر والعراق وبين عبدالناصر والشيوعيين فرصتها الذهبية بالعمل على توسيع شقة هذا الخلاف وبإظهار حضورها وإستعدادها للتدخل العسكري (إنزال القوات الأمريكية في لبنان بعد قيام الثورة العراقية في يوليو 1958 ) لوقف مد الحركة الوطنية الثورية. كما أدى إعلان الوحدة بين مصر وسوريا كخطوة على طريق المشروع القومي الناصري وسعي أمريكا لتعميق الخلاف بين القوى الوطنية في مصر والمنطقة إلى إتباع أمريكا سياسة الملاينة مع نظام عبدالناصر لإحتواء أثار نجاح وإستمرار الوحدة حتى ذلك الوقت، وإحتواء تطور مجمل الحركة الوطنية العربية، فقامت أولاً بالإفراج عن الأرصدة المصرية التي كانت قد جمدتها بعد تأميم قناة السويس ، ونجحت في جرجرة نظام عبدالناصر في إقامة وتطوير العلاقات الاقتصادية معها على حساب دعم الاستقلال الوطني والاقتصادي إنطلاقاً من الاعتماد على الذات وتعظيم الموارد الاقتصادية والإنتاج بمنظومة توجهات وأهداف وطنية شعبية وليس بتوجهات وأهداف المنظومة الرأسمالية العالمية . فقبل النـظام التعامل من خلال برنامج النقطة الرابعة لترومان ومع قانون فائض الحاصــلات الأمريكي. فمن خلال برنامج المعونة الفنية تم توجيه دفة السياسة الاقتصادية في مصر إلى إتباع سياسة التصنيع بديل الواردات الاستهلاكية وهو الشكل المعتمد لتعميق التبعية الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية، ومن خلال التعــامل مع قانــون فائـــض الحاصلات، كان إعتماد مصر – ولايزال – على القمح الأمريكي والذي شكل أحد أهم الأسلحة (حتى الآن) للضغوط على السياسة المصرية . وقد ظلت العلاقات الثقافية والتعليمية مع الولايات المتحدة دون تأثر يذكر ، بل إزدهرت البعثات التعليمية من وإلى الولايات المتحدة في كل التخصصات، وظلت الجامعة الأمريكية بالقاهرة تعمل (في ظل أي مستوى للتطورات السياسية التي شاهدتها العلاقات الأمريكية – المصرية) وكذلك مؤسسات مثل "فورد" للأبحاث ومؤسسة "فولبرايت" للتبادل العلمي. كما أزدهرت السينما الأمريكية في مصر إزدهاراً كبيراً حتى باتت السينما المفضلة لدى قطاعات كبيرة من الجماهير حيث لعبت دوراً في تشكيل وعيهم وجعل النموذج الأمريكي حلماً يراود الكثيرين . في حديثه لأعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي قال وزير الخارجية الأمريكية " دين راسك" : (الخطوط الأساسية لسياسة الرئيس جونسون تقوم على أن المساعدات الغذائية تتم مع الدول التي تهم المصالح الأمريكية وأن المساعدات تستهدف خلق حالة اعتياد لدى هذه الدول تتحول إلى حالة اعتماد، وعندما تظهر بوادر حالة الاعتماد تفرض السياسة الأمريكية شروطها بالإيحاء للدول المعنية، فإذا لم تتم الإستجابة يتم ممارسة الضغوط إعتماداً على الحاجة إلى المساعدات، كما قررت الفلسفة الجديدة أن تكون إتفاقيات المساعدات لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد حتى تستطيع أمريكا أن تحتفظ بالموقف في يدها أولاً بأول )(15).

    هكذا قدمت أمريكا شروطها التالية للموافقة عل تقديم المساعدات الاقتصادية لمصر ولإعادة تصدير القمح لها :-

    إنسحاب القوات المصرية من اليمن – عدم تأييد الحركة الوطنية في عدن – تسريح جزء من الجيش المصري – العدول عن صناعة الصواريخ – تأييد سياسة أمريكا في الشرق الأوسط – إعتراف مصر بإسرائيل .

    في إتجاه ثان ، تحركت الولايات المتحدة لتقويض نظام عبدالناصر، ففي الوقت الذي كانت القوات المصرية في اليمن جاهزة للإنسحاب، حركت القوات الملكية(عن طريق السعودية) ودعمتها لضرب القوات المصرية وعملت على إطالة الحرب في اليمن لمضاعفة الصعوبات الاقتصادية في مصر، كما ضغطت لإيقاف البرنامج النووي المصري وطالبت بالسماح لها(!) بالتفتيش الدوري على المنشآت النووية في مصر وحرية التفتيش الفجائي على أي منها، وقد نجحت المخابرات الإسرائيلية في إبعاد العلماء الألمان العاملين في أبحاث هذا البرنامج عن مصر .

    وعلى المستوى العربي فقد دعمت ملك الأردن ضد إنتفاضة الشعب على مشروع إيزنهاور ، كما قدمت له مساعدة قيمتها 10 ملايين دولار لإحتواء تلك الإنتفاضة (1957)، كما دعمت الملك سعود ودفعته لتدبير المؤامرات ضد مصر وعبدالناصر، إضافة إلى أنها دبرت المؤامرات ضد سوريا بعد صعود وزراء شيوعيين إلى الحكومة "عفيف البذري" ووجهت (1957) الأسطول السادس إلى الطرف الشرقي من المتوسط، وكانت وراء محاولة إنقلاب على حكم الرئيس شكري القوتلي، وفي عام 1962 أعلن الرئيس الأمريكي كيندي أن "إسرائيل حليف الولايات المتحدة في الشرق الأوسط". وعلى هذا فقد قادت الولايات المتحدة منظومة غربية متكاملة لتطوير القوة العسكرية الإسرائيلية وضمان تفوقها في ثلاث محاور هي :-

    -         التزود بالأسلحة المتطورة (وكان أهمها صفقة صـواريخ هــوك من الولايات المتحدة عام 1962) .

    -    بناء صناعة عسكرية في إسرائيل (أقامت الشركات الأمريكية فروعاً لها في إسرائيل مثل شركة إسترونتك كوربورشين أوف أمريكاً).

    -    بناء القوة النووية في إسرائيل (بدأ مع إنسحاب إسرائيل من غزة وشرم الشيخ عام 1957 الاتفاق مع أمريكا على تمكين إسرائيل من سلاح رادع – إضافة إلى علم الولايات المتحدة بإنشاء مفاعل ديمونة عام 1960،...) .

    هكذا حضّرت إسرائيل للإجهاز على مصر وحركة التحرر الوطنية العربية متمثلة في النظم القومية العربية وفي القلب منها النظام الناصري ، فكانت هزيمة يونيو 1967 التي كانت تمهيداً لدخول المنطقة في طور جديد للتبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية لرأس المال الدولي المهيمن بقيادة أمريكا إعتماداً على حليفتها الاستراتيجية خارج الأطلسي وكتيبتها المتقدمة في شكل " دولة " وهي إسرائيل ، وإعتماداً إيضاً على الحدود التاريخية الضيقة لقوى الداخل العربي – الممثلة في الأنظمة الجديدة بعد مرحلة تحقيق الاستقلال السياسي – في مواجهتها للإمبريالية وهي بإختصار :

    1-        غياب الديمقراطية وإبعاد الجماهير عن المشاركة السياسية وتحطيم مؤسساتها الكفاحية .

    2-        إعتماد الجيوش النظامية سبيلاً وحيداً للمواجهة مع الإمبريالية ومشروعها الصهيوني .

    3-        مغازلة رأس المال الدولي بإعتباره نموذجها في التنمية وشريكها الموضوعي في تطلعاتها الاجتماعية .


    ما بعد هزيمة يونيو 1967 وشعار إزالة آثار العدوان

     

    يتضح تماما مما سبق أن السبب الرئيسي لحرب يونيو 1967 هو سعي أمريكا لإخضاع مصر وسوريا وغيرهما من الدول العربية التي تنهج نهجا تحرريا وطنيا لمشيئتها، وأن إسرائيل شنت هذه الحرب تحديدا نيابة عن أمريكا وتحقيقا لأهدافها المباشرة. ومن هول الهزيمة التي فاقت أسوأ التوقيعات احتجبت هذه الحقيقة التي كانت واضحة تماما قبل الحرب خلف المكتسبات المباشرة وغير المباشرة الهائلة التي جنتها إسرائيل من هزيمتنا. ويعد كل ادعاء بأن الصراع العربي الإسرائيلي أو الفلسطيني الإسرائيلي كان السبب الرئيسي أو حتى المباشر لحرب يونيو ادعاء كاذبا . وليس أدل علي ذلك من وقائع العلاقات المصرية الأمريكية في الفترة السابقة للحرب ومن أنه آنذاك لم يكن عبد الناصر أو غيره من الحكام العرب يرغب أو يفكر في التعرض للكيان الصهيوني عسكريا أو حتى تأييد وتقديم العون والدعم المباشر للمقاومة الفلسطينية المسلحة التي كانت قد بدأت عملياتها في أول عام 196. والذين يبدأون تاريخ حرب يونيو بقرار عبد الناصر بإغلاق مضايق تيران وخليج العقبة أمام السفن الإسرائيلية وطلبة انسحاب قوات الأمم المتحدة يغفلون أن هذا القرار كان ردا علي الاستعداد والحشد العسكري الإسرائيلي ضد سوريا . فهذا الحشد لم يكن له من تفسير غير أنه تحرش يمهد لشن حرب عدوانية كبري، تم الأعداد والتحضير الجيد والطويل لها بالاتفاق بين أمريكا وإسرائيل، لإلحاق هزيمة ساحقة بمصر وسوريا والشعب الفلسطيني لإخضاعهم للاستعمار الأمريكي الزاحف علي المنطقة ، ولتعزيز وجود وتفوق قاعدته العسكرية الإقليمية الدائمة فيها وهي إسرائيل .

    بعد الهزيمة أيضا لعبت الولايات المتحدة الدور الرئيسي والحاسم لمنع مجلس الأمن الدولي من اعتبار الحرب عدوانا إسرائيلياً علي الدول العربية وإنما نزاعا عربيا ـ إسرائيليا . فحالت دون صدور قرار يدين العدوان أو يدعو إلي الانسحاب غير الشروط للقوات المعتدية، بل أصدرت أمريكا بيانا يحمل مصر مسئولية الحرب ، وأجبرت مجلس الأمن علي إصدار قراره الشهير 242 الذي كافأ المعتدي علي عدوانه . فعلي الرغم من أن مقدم مشروع القرار هو المندوب البريطاني فقد عبر عن مطالب الرئيس الأمريكي جونسون الخمس وهي :

    -         الحق المعترف به في حياة وطنية لكل دولة في المنطقة .

    -         حل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين .

    -         حرية المرور في قناة السويس وخليج العقبة.

    -         وضع حد لسباق التسلح في الشرق الأوسط.

    -         احترام الاستقلال السياسي وسلامة الأراضي بالنسبة للجميع.

    وقد أضاف القرار إلي مطالب جونسون ـ الحقيقة إنه أوضحها فقط ـ الانسحاب من " "أراض " احتلت في النزاع الأخير " وليس من كل " الأراضي " التي احتلت في الحرب. وبذلك أكدت أمريكا الاعتراف الدولي باغتصاب الأراضي الفلسطينية عام 1948 وبشرعية اغتصاب قدر آخر من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 تحقيقا لما يسمي الحدود الآمنة وتطبيقا لمبدأ الانسحاب من " أراض " وليس من الأراضي المحتلة وحولت القضية الفلسطينية إلي مجرد مشكلة لاجئين كما حصلت علي اعتراف مصر – والدول العربية الأخرى التي اعترفت ـ بإسرائيل والذي  مثل أول تراجع عربي استراتيجي عن الحق التاريخي للشعب الفلسطيني في أرضة .

    وما لم يقله قرار 242 وإنما يؤكده من وراء نصه أن أمريكا حققت مكاسب مباشرة وغير مباشرة لا تقل أهمية عما حققته إسرائيل نفسها ، أولا لأن مكاسب إسرائيل هي في ذات الوقت مكاسب لأمريكا طالما كانت تثبت وتدعم قاعدتها الإقليمية الدائمة في المنطقة ، ثانيا لأن هزيمة الدول العربية الساحقة في الحرب أسفرت ـ خاصة مع أتباع الاستراتيجية التي لخصها شعار " إزالة آثار العدوان " ـ عن الدخول في بداية الطريق الذي أفضي في نهاية المطاف إلي تحقيق كامل الأهداف الأمريكية للحرب وهو إخضاع المنطقة بأسرها إخضاعا تاما للاستعمار الأمريكي علي ما هي علية الآن .

    فهذا الشعار ـ وبغض النظر عن مدي دقته في التعبير عن الاستراتيجية المتبعة بالفعل يعني أن التوجه الأساسي لم يعد إزالة أو التحرر من العدوان الماثل في الكيان الصهيوني أو إزالة العدوان الماثل في الاحتلال الجديد للأراضي العربية أو الماثل في الاستعمار الأمريكي الزاحف إلي المنطقة ، وإنما بات هذا التوجه إزالة نتائج أو آثار جولة محددة من جولات العدوان الأمريكي ـ الإسرائيلي وهي عدوان يونيو 1967 .

    وحتى بهذا المعني لم يكن الشعار تعبيراً دقيقا عن الأسس المقترحة للحل طبقا لقرار 242 الذي حول عددا من " آثار العدوان" إلي مكتسبات دائمة للعدو الإسرائيلي : الاعتراف وحقه في المرور في  قناة السويس ومضايق نيران ، والتعامل مع قضية فلسطين كمسألة لاجئين فقط . والأثر الوحيد الذي  تمسك من قبلوا قرار 242 في سنة 1967 بإزالته هو احتلال إسرائيل سيناء والجولان والضفة الغربية وقطاع غزة ولكن بالاعتماد وفي المقام الأول علي ما سمي بالحل السلمي أي التفاوض والاعتماد علي مجلس الأمن ، وهو ما فتح الباب للضغوط الأمريكية لإملاء المزيد من التنازلات.  حقا رفع عبد الناصر شعار ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة وشنت حرب الاستنزاف ( 68- 1970 ) أثناء فترة إعادة بناء الجيش الذي تحطم في هزيمة يونيو، إلا أن هذه الحرب قد توقفت بقبول مبادرة روجرز( وزير الخارجية الأمريكي ) قبل وفاة عبد الناصر  كما شنت القوات المصرية والسورية في أكتوبر 1973 هجوما مفاجئا شاملا علي قوات الاحتلال الإسرائيلي في سيناء  والجولان، إلا أن السادات كان قد قام قبل الحرب بالتمهيد لـ " فك الاشتباك " السياسي مع أمريكا ( من أدلة ذلك طرد الخبراء السوفييت بطريقة مفتعلة ودعائية وبدء الحديث عن تنويع مصادر السلاح قبل الحرب وزيارة الرئيس الأمريكي نيكسون سنة  1974 وبإطلاق السادات لشعار أن 99% من أوراق اللعبة في يد أمريكا ). كما جرت إدارة الحرب ذاتها لكي تكون مجرد حرب تحريك للمفاوضات وليس تحرير للأرض المحتلة . ورغم أن حرب أكتوبر كانت أنجح الحروب التي خاضتها مصر وسوريا ضد إسرائيل (برغم انتهائها بالاختراق الإسرائيلي للدفاعات العربية في منطقة الدفرسوار ووصول قواته إلي الزيتية غرب السويس في الوقت الذي كانت قوات مصر قد حطمت واستولت علي خط بارليف شرق القناة ) ، فان المفاوضات التي حركتها كانت طويلة وعسيرة ولم تتقدم إلا بتقديم التنازلات السياسية لأمريكا والعسكرية لإسرائيل متجاوزة بصورة بعيدة ونوعية ما أظهرته نصوص المرجعيات المعلنة لهذه المفاوضات وهي قرار 242 وقرارا 338 الذي أكده ، علي نحو ما جُسِّدَ في إطاري كامب ديفيد والمعاهدة المصرية الإسرائيلية .

    لم تكن استراتيجية ما بعد هزيمة يونيو استراتيجية حرب تحرير، علما بأن استراتيجية حرب التحرير هي الإستراتيجية الوحيدة التي تحفظ لمصر والعرب القدر الذي كانوا قد حققوه من استقلالهم الوطني وتسمع بمواصلة وتطوير خط التطور السياسي والاقتصادي المستقل . وما شهدته الفترة من حرب يونيو 1967 إلي نهاية حرب أكتوبر 1973 من فترات تصادم مؤقتة بين النظام المصري وغيره من الأنظمة العربية وبين أمريكا وإسرائيل أملتها ضغوط جماهير الشعب لمقاومة الاحتلال وتحرير الأرض المحتلة من جهة ، والرغبة في استئناف التفاوض مع أمريكا وإسرائيل كلما أغلقاه في وجه النظامين المصري والسوري لحملها علي قبول المزيد من التنازلات من جهة أخري .

    لم تقتصر خطورة قبول قرار 242 وطرح شعار إزالة آثار العدوان علي ما تضمناه من تنازلات معلنة عن الحقوق العربية . فاخطر من هذه التنازلات ـ رغم بالغ خطرها ـ هــو

    أولا : التداعيات السياسية الداخلية التي لابد وأن تفرزها في أعقاب هزيمة عسكرية كبري وفي ظل وضع سياسي يفتقد إلي جماهير منظمة في أحزاب ومنظمات سياسية وطنية ثورية وديمقراطية ضرورية لتنظيم الجماهير وبناء وعيها السياسي والاحتفاظ بيقظتها الدائمة . فلقد خلقت سياسة مهادنة الولايات المتحدة الأمريكية والتنازل الفادح أمام الكيان الصهيوني في ظل هذا الوضع التربة السياسية والفكرية الملائمة في آن واحد لبعث : القوي الرجعية الداخلية الداعية للالتحاق بعجلة الاستعمار الأمريكي والاستلام للمشروع الصهيوني وإعادة تدعيم وضع ومصالح كبار الملاك الزراعيين والرأسمالية الكبيرة من جهة ، والقوي الرجعية الداعية إلي السلفية السياسية الدينية لتعصمنا ـ كما تتوهم وتدعي ـ من عجزنا من حل معضلات الحاضر خارجيا وداخليا من جهة أخرى.

    ثانياً : تعارض تنفيذ شروط قرار 242 علي الجانب العربي مع حقائق أساسية قائمة في واقعنا السياسي : وجود قوي وطنية ثورية تعمل علي انتهاج استراتيجية حرب تحرير أبرزها منظمات حركة المقاومة الفلسطينية المسلحة التي تصاعدت في أعقاب الهزيمة وبعض الجماعات والمنظمات الشيوعية المصرية والعربية ، وجود القوي الوطنية الوسطية من ناصريين وقوميين عرب وأحزاب شيوعية عربية من المدرسة السوفيتية تدعي بإمكان إزالة آثار العدوان علي أساس قرار 242 ودون الالتحاق في نهاية المطاف بركب الاستعمار الأمريكي والاستلام للصهيونية . هذا علاوة علي جماعات الإسلام السياسي من أخوان مسلمين وغيرهم من الجماعات التي ركزت مهمتها في تلك المرحلة علي تدعيم وجودها ونفوذها الجماهيري مستفيدة بمظاهر الضعف التي ألحقتها الهزيمة العسكرية بالنظام القائم . وكان من المحتم أن يؤدي هذا التعارض إلي نشوء سياق من الصراعات السياسية بين الاتجاهات المتعارضة. وحيث غابت ـ ولا تزال غائبة ـ خاصة في مصر الأحزاب والمنظمات الجماهيرية الممثلة للطبقات الشعبية التي تحملت وحدها الفواتير الاقتصادية والسياسية لهزائمنا الوطنية والقومية المتكررة فقد أدت تداعيات استراتيجية إزالة آثار العدوان ، استراتيجية مهادنة أمريكا والتراجع الاستراتيجي أمام إسرائيل ، إلي سيطرة أكثر القوي والكتل الطبقية السياسية استعدادا للانصياع للسياسة الاستعمارية الأمريكية والاستسلام للمشروع الصهيوني .

    هكذا كانت هزيمة يونيو مفتتح أو تمهيد لمرحلة من التبعية الشاملة لمصر والمنطقة العربية للإمبريالية الأمريكية ، والفضل في ذلك يعود لإسرائيل . فلماذا لا تتبنى أمريكا – ولا نقول تنحاز إلي – إسرائيل. وقد عبر الرئيس الأمريكي نيكسون عن ذلك كاشفا حقيقة العلاقة بين أمريكا وإسرائيل بقوله :

    " أن مساندة الولايات المتحدة لإسرائيل ليست من قبيل الدعاية أو لجذب أصوات اليهود بل نتيجة للاعتقاد بأنها مهددة من الاتحاد السوفيتي من ناحية ، ولأن وجودها يحقق الآمال البعيدة داخل منطقة الشرق الأوسط من ناحية أخري ".

     

     

    كامب ديفيد تحقق الآمال البعيدة

     

    كان مستحيلا إبرام اتفاقيتي كامب ديفيد ( إطار اتفاق السلام في الشرق الأوسط ،إطار الاتفاق لمعاهدة سلام بين مصر وإسرائيل ) 1978 ، المعاهدة المصرية الإسرائيلية 1979 ـ التي انسحبت بمقتضاها إسرائيل من سيناء ـ بدون قبول السلطة المصرية ثلاثة شروط تُختَبر في الإطارين وتضمنها المعاهدة وهي :

    الشرط الأول : خروج الدولة المصرية من جبهة المواجهة العربية ـ الإسرائيلية لتتفرغ إسرائيل مدعومة بأمريكا لإخضاع المشرق العربي وفي مقدمته الثورة الفلسطينية .

    وهو خروج شامل لجميع المجالات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية . ففي المجال العسكري إنهاء حالة الحرب ، الامتناع عن مساندة أي عمل عسكري ضد إسرائيل تقوم به دولة عربية أو أي قوة من داخل أو من خارج الأراضي المصرية وعدم السماح بتواجد مثل هذه القوة علي أرض مصر ، إتاحة حق مرور كافة أنواع السفن الإسرائيلية وما تحمله عبر مضايق تبران وخليج العقبة وقناة السويس . بمقتضى هذه الالتزامات التعاقدية وغيرها الكثير وقفت السلطة المصرية تنتظر نتائج عمليات تصفية الجبهة  الشرقية للإسراع بإجبار باقي الدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية للدخول في التسويات السياسية علي غرار كامب ديفيد : العدوان علي لبنان واحتلال جزء من مناطقه الحدودية 1978 ، 1981 ، واجتياح الجنوب اللبناني وحصار بيروت 1982 الذي أسفر فضلا عن ذلك عن إخراج قادة وكوادر المقاومة الفلسطينية إلي تونس واليمن، ضرب المفاعل النووي العراق 1981 . وشمل خروج مصر من جبهة المواجهة العربية ، التصدي ـ لا بل مجرد الاعتراض أو حتى الانتقاد الخجول المتأدب ـ للاعتداءات العسكرية الأمريكية علي السودان وليبيا ثم العراق 1991 ، 2003 ، أكثر من ذلك ساهمت السلطة المصرية في دعم العدوان الأمريكي علي العراق 1991 بحجة تحرير الكويت وفي 2003 بالقواعد العسكرية الأمريكية في سيناء (قاعدتين بريتين) وخليج السويس ( قاعدتين بحريتين )(16) وبمرور السفن والمعدات والقوات العسكرية الأمريكية التي غزت العراق من قناة السويس .

    أما في مجال السياسي فقد الزم إطار اتفاق السلام في الشرق الأوسط مصر بالعمل علي حمل دول المواجهة العربية الأخرى علي القبول بما قبلته السلطة المصرية وحمل الشعب الفلسطيني علي تصفية ثورته وإلغاء ميثاقه الوطني والقبول بالحكم الإداري الذاتي انتظارا لكرم أمريكا وإسرائيل فيما يسمي بالحل النهائي والدائم . كما ألزمت المعاهدة مصر بعدم التحريض ضد إسرائيل والصهيونية ، واصبح الهم الأول للسياسة العربية لمصر هو العمل علي تعميم الاعتراف بإسرائيل والصلح معها والاعتماد علي الولايات المتحدة والتفاوض وحدهما لتحقيق انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية طبقا لأسس التسوية الأمريكية التي جسدتها اتفاقيات كامب ديفيد. تبادلت الدولة المصرية التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل وعملت علي تطبيع كافة العلاقات معها في مواجهة مقاومة عنيدة من جماهير الشعب المصري والشعوب العربية . وتعمل السياسة الرسمية والدبلوماسية المصرية بنشاط ويدا بيد مع أمريكا وإسرائيل ليترك العرب كل صور مقاومة العدوان اكتفاء بالتفاوض والدبلوماسية . ويتحدث ويتصرف رموز وممثلو السلطة المصرية كوسطاء أو حاملي رسائل بين الدول العربية وبين أمريكا وإسرائيل، ويحرصون علي إعلان أن تدخلهم في قضايا الصراع العربي الإسرائيلي يتم لصالح الطرفين العربي والإسرائيلي وليس كجزء من الجبهة العربية.

    في المجال الثقافي والتربوي محت الدولة المصرية من الكتب المدرسية فكرة العدو الإسرائيلي أو رفض الصهيونية كمفهوم وحركة عنصرين استيطانيين معاديين للتحرر الوطني والديمقراطية ، وما نصت عليه المعاهدة من التوقف عن التحريض وإثارة روح الكراهية والعداء لإسرائيل يسم الموقف الرسمي المصري بسمة التهافت في أي خلاف قائم أو قد يقوم وهو ـ مثلا ـ يحول دون تحريك قضية الأسرى المصريين أمام الرأي العام العالمي وإلقاء الضوء الساطع علي الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في حقهم .

    أما في المجال الاقتصادي فقد خرجت مصر الرسمية من المقاطعة العربية لإسرائيل ، وفتحت المجال للشركات الإسرائيلية وشجعت التبادل التجاري ووردت لإسرائيل طوبا أسمنتيا وغيره من المواد المستخدمة في بناء المستوطنات في الضفة وغزه والقدس . كما أرغمت المعاهدة مصر علي تزويد إسرائيل بالبترول بعد أن نهبت ما نهبته من حقول أبورديس في سيناء .

    الشرط الثاني : ربط مصر سياسيا وعسكريا واقتصاديا برباط التبعية للإمبريالية الأمريكية . وكان الالتحاق بعجلة السياسة الأمريكية وقبول وصايتها ـ وهو ما نشهده في مواقف السلطة المصرية إزاء مخططات أمريكا الاستعمارية في المنطقة ـ شرطا مسبقا أوليا للمفاوضات وتحقيق تسوية تكفل انسحاب إسرائيل من سيناء . وكرست المعاهدة هذه الوصاية وذلك الالتحاق بما نصت علية من اعتبار أمريكا المشرف علي تنفيذها والحكم فيما قد ينشأ من خلافات حول تطبيقها بين مصر وإسرائيل ، وهي التي تشرف علي تنفيذ الترتيبات العسكرية " الأمنية " التي فرضتها المعاهدة علي مصر . وقد عبرت شعارات السادات وخلفائه عن التبعية السياسية لأمريكا كشعارات " الصديق الأمريكي " و " العلاقات الخاصة " مع أمريكا  و "علاقات الشراكة الاستراتيجية " مع أمريكا و "99 % من أوراق اللعبة في يد أمريكا " . وقد عبرت سياسة الدولة في الأحداث الكبرى علي الصعيدين العربي والدولي عن ذلك الالتحاق : تأييد الحل الأمريكي للقضية الفلسطينية وقضايا الأراضي العربية المحتلة الأخرى كمؤتمر مدريد واتفاقية أوسلو واتفاقية وادي عربة للصلح بين إسرائيل والأردن 1994 ، الترحيب بالوجود الأمريكي العسكري في الخليج والسعودية عام 1990 / 1991 بحجة تحرير الكويت بل وإرسال قوات مصرية لمساندة القوات الأمريكية ، تأييد قرارات مجلس الأمن بفرض الحصار والعقوبات علي العراق بعد طرد قواته من الكويت ، عدم معارضة التدخلات والاعتداءات العسكرية الأمريكية والأطلسية لإتمام تمزيق يوغوسلافيا وفرض الهينمة علي دولها السابقة بحجة حماية مسلمي البوسنة والهرسك وكوسوفو ، عدم معارضة السياسات العدوانية الأمريكية ضد الدول المتمردة ( المارقة ) كسياسة حظر انتشار أسلحة الدمار الشامل حفاظا علي احتكار هذه الأسلحة من قبل أمريكا وحفنة من الدول الكبرى ، وأخيرا الغزو الأمريكي للعراق وأن كان ذلك قد تم بصورة مموهة بالهجوم علي صدام حسين أو القول بأننا حاولنا منع الحرب ولم نستطيع ، وهو تمويه يكشفه استخدام القواعد العسكرية الأمريكية في مصر في حرب احتلال العراق ، هذا علاوة علي تأييد الخطط الأمريكية لجني أمريكا ثمار احتلالها للعراق مثل خطة الطريق ومشروع السوق الحرة الأمريكية ـ الشرق أوسطية .

    وفي المجال العسكري ربطت المعاهدة مصر برباط التبعية العسكرية لأمريكا بإقامة محطات الإنذار المبكر الأمريكية في سيناء وحق أمريكا في الاستطلاع الجوي والتفتيش والرقابة علي القوات المصرية المتواجدة شرق قناة السويس وفي اتخاذ الأجراء الذي تراه مناسبا لوقف أ ي انتهاك للمعاهدة من قبل مصر أو إسرائيل. وكان طبيعيا وفقا لهذا النمط من معاهدات الإذعان والوصاية علينا أن تصبح أمريكا المصدر الرئيسي لتسليح القوات العسكرية المصرية وما يرتبط بذلك من تزايد وتشعب للتدخل الأمريكي في صورة خبراء ومستشارين ونشاط مخابرات ، وأن تبدأ فور عقد المعاهدة التدريبات العسكرية المشتركة المصرية ـ الأمريكية لتستمر إلي أجل غير مسمي. ونحن وإن كنا لا نعرف ككثيرين غيرنا تاريخ إنشاء القواعد العسكرية الأمريكية في مصر التي شاركت في الاحتلال الأمريكي للعراق إلا أنها وبلا ادني شك إحدى نتائج المعاهدة ، معاهدة السادات ـ بيجين 1979 . إن مجرد التسليح الأمريكي للقوات المسلحة المصرية هو علامة  فارقة علي التبعية السياسية والعسكرية للولايات المتحدة الأمريكية وارتباط السياسة الرسمية في مصر بعجلة الاستعمار الأمريكي ، فالقانون الأمريكي ينص ويشدد علي عدم استخدام السلاح الأمريكي في غير حماية المصالح الأمريكية .

    في المجال الاقتصادي إزدادت في فترة التمهيد لعقد معاهدة الصلح مع إسرائيل وخاصة بعد عقدها تبعية الاقتصاد المصري للخارج عامة وللولايات المتحدة الأمريكية خاصة . فرغم أن مصر لم تتحرر بدرجة ملموسة من التبعية الاقتصادية للدول الرأسمالية المركزية المسيطرة علي تقسيم العمل الدولي والمتحكمة في نمو الدول المتخلفة والتابعة اقتصاديا حتى في مرحلة المد الوطني في العهد الناصري ، وذلك من جراء الوزن الكبير لصناعات بديل الواردات الاستهلاكية في خطط التصنيع ثم هزيمة يونيو وما لحق بها من نتائج سياسية واقتصادية ، إلا أن سياسة الانفتاح الاقتصادي التي أطلقت قبل انقضاء ثلاثة أشهر علي انتهاء حرب أكتوبر ، قد دفعت في اتجاه إعادة توطيد ونسج روابط تبعية الاقتصاد المصري لاقتصاديات الدول الاستعمارية . وقد تطورت سياسة الانفتاح إلي العولمة الاقتصادية بحجة كاذبة وهي أن فتح حدود الدول للانتقال الحر للسلع ورؤوس الأموال يعطي الفرص للدول المتخلفة للحاق بالدول المتقدمة . وقد كان التوجه الجديد للسياسة الاقتصادية المصرية شرطا لازما لتحقيق تسوية سياسية مع إسرائيل تقوم ابتداء علي فكرة فك الاشتباك السياسي مع أمريكا والرضا باستقلال سياسي منقوص وشكلي لا يستند إلي مقومات سياسية واقتصادية للاستقلال الوطني الحقيقي ، وقبول مبدأ النمو الاقتصادي في إطار نمط النمو الذي يسمح به تقسيم العمل الاقتصادي الدولي الذي تفرضه وتديره الدول المسيطرة أي النمو الذي يعيد إلي مالا نهاية إنتاج التخلف والتبعية . وتبعية مصر الاقتصادية الخاصة لأمريكا ـ في إطار التبعية الاقتصادية العامة لمصر لاقتصاديات الدول الاستعمارية ـ التي مهدت لعقد المعاهدة ، والتي ساهمت بدورها في تكريسها وتعميقها ـ اعتمدت علي ثلاثة ركائز أساسية . أولا : الدور السياسي المتعاظم لأمريكا في التأثير علي السياسة الرسمية المصرية بحكم الدور الذي لعبته في مفاوضات التسوية مع إسرائيل و بحكم الدور الذي شددت المعاهدة بدورها علي تكريسة لأمريكا في التأثير علي السياسة المصرية الخارجية والداخلية . ثانيا : المعونة الأمريكية ابتداء من عام 1975 تجسيدا وتأكيدا لانصياع السياسة الرسمية المصرية لتوجيهات السياسة الأمريكية في المنطقة والتي ازدادت في مقدار وعناصر أنفاقها مع المعاهدة مع إسرائيل 1979. المعونة الاقتصادية والعسكرية المصرية مكرسة لربط السياسة المصرية بعجلة السياسة الأمريكية الموجهة لمصر والمنطقة العربية واعتماد مصر علي القمح الأمريكي ، وزيادة الواردات الأمريكية لمصر ، وتكريس توجه الاقتصاد المصري للخارج ، وتحسين فرص وعوائد استثمار رؤوس الأموال الأمريكية في مصر ، ودعم القطاع الخاص علي حساب القطاع العام والخدمات المجانية أو المدعومة حكوميا لجماهير الفقراء ، ولشراء بعض الاتباع عبر استفادتهم من أموال المعونة . ثالثا: المنظمات الاقتصادية الدولية التي تملك أمريكا الكلمة الأول في سياساتها وتوجهاتها : صندوق النقد والبنك الدولي وأخيرا منظمة التجارة العالمية . قبل كامب ديفيد قبلت السلطة المصرية قيام هذه المنظمات بتوجيه سياستها الاقتصادية والمالية تحت شعار إصلاح المسار الاقتصادي ( كانت انتفاضة 18، 19 يناير 1997 أحد نتائج سوء تقدير موقف الجماهير من عدوان فج علي أبسط حقوقها : رغيف العيش والزيت والسكر ، وهو درس تعلمته السلطة لكنها لم تتراجع قيد أنملة عن أهداف سياستها التي راحت تنفذها هي نفسها علي مراحل مدروسة. وتفاقم دور هذه المنظمات بعد كامب ديفيد لترسم وتدير سياسة مصر الاقتصادية إدارة شبة تامة آخذه في الاعتبار فقط رغبة الحكومة المصرية في تجنب انتفاضة جديدة كانتفاضة 1977 ، بإبطاء سرعة تعميق الاندماج في الأسواق العالمية ، هذا الاندماج الذي يؤدي إلي نتيجتين متلازمين كوجهي العملة الواحدة:  تبعية وتخلف الاقتصاد المصري والإفقار المتزايد لجماهير الشعب الكادحة .

    الشرط الثالث : قبول مفهوم الأمن الخارجي لإسرائيل ( الحدود الآمنة لإسرائيل مع مصر هي ممرات سيناء الاستراتيجية شرق قناة السويس والدفاع عن مصر يبدأ من غرب القناة ) .

    فلكي تنسحب إسرائيل من سيناء قسمتها المعاهدة إلي ثلاثة مناطق المنطقة الأولي ( أ) بعمق 58 كيلو مترا شرق القناة يسمح فيها بعدد لا يزيد عن 22 آلف جندي مصري مزودين بأسلحة محددة علي سبيل المصر ومدي النيران . المنطقة الثانية (ب) وسط سيناء يسمح فيها بوجود أربعة كتائب فقط من حرس الحدود المصري مزودين بسيارات وطائرات هيلوكبتر والأسلحة الخفيفة فقط . الثالثة ( ج) شرق سيناء بعمق 15-40 كيلو متر يوجد بها قوات دولية شكلتها أمريكا ومجردة من أي قوات مسلحة أو أسلحة مصرية حتى الخفيفة منها ويسمح فيها ببوليس مصري . وقوات حرس الحدود والبوليس المصرية في المنطقتين ب ، ج مخصصة للأمن الداخلي فقط . أما القوات الدولية في المنطقة (ج) فهي قوات احتلال دائمة ، إذ لا يجوز سحبها إلا بالموافقة الجماعية للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن ، إي إلا بموافقة أمريكا وإسرائيل . معني كل ذلك هو مد الحدود الآمنة لإسرائيل والدفاع عنها إلي غرب ممرات سيناء الاستراتيجية وتقليص الحدود الآمنة لمصر وبدء الدفاع عنها إلي الضفة الغربية لقناه السويس ، فلا تعادل الترتيبات الأمنية التي قررتها المعاهدة في إسرائيل ( المنطقة د ) بأي قدر يذكر الترتيبات الأمنية المفروضة علي مصر فالمنطقة( د) عمقها 3 كيلو مترات فقط.

    هكذا يتضح لمن لا يعرف من الأجيال الجديدة أن جلاء إسرائيل عن سيناء لم يضعها تحت السيادة المصرية وتركها معرضة لإعادة احتلالها بسهولة ويسر قبل أن تتمكن القوات المصرية من حشد وتعبئة القوات القادرة علي الدفاع عنها ، في الوقت الذي جعلت حدود إسرائيل ( حدود فلسطين الدولية ) آمنة تماما من مباغته أي هجوم عسكري مصري ، ففترة الإنذار بعرض سيناء بآسرها . وعلاوة علي ذلك فان المعاهدة تحمل تهديدا إسرائيلياً أمريكياً صريحاً بإعادة احتلال سيناء حتى شرق القناة عند حدوث تغير سياسي وطني شعبي ، بل وربما لمجرد حدوث خلاف جدي بين السلطة المصرية أيا كان وضعها أو طبيعتها الطبقية وبين إسرائيل ، وهذا أخطر ما في هذه المعاهدة المشئومة التي تصادر المستقبل فضلا عن الحاضر.

    لقد استبدلت المعاهدة التوسع الإسرائيلي في الأراضي المصرية بمفهوم الأمن الخارجي والحدود الآمنة لإسرائيل وهو صيغة جديدة للتوسع في الأرض بالتوسع عن بعد ، وقد حققت هذه الصيغة في حينها ولا زالت تحقق نفس أهداف الاحتلال ونفس أدواره .

    والآن وبعد مضي 25 عاما علي معاهدة كامب ديفيد ، يشهد الواقع المصري والعربي أنها حققت الأغراض التي عقدت من اجلها ولا تزال تحققها وفي كافة الجبهات باستثناء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية . فالأنظمة العربية التي عارضت المعاهدة وقاطعت من جرائها السلطة المصرية عادت للاعتراف لها بريادتـهــا بقـبـــول الآمر الواقــع والتسليم بالهيمنة الأمريكية والاعتراف بإسرائيل والتعــايش معها وتصفية الثورة الفلسطينية وقبول أســس ومنهــج التسوية الأمريكية لقضية الأرض العربية المحتلة ، بل امتد تيار الاستسلام للأمر الواقع إلي عدد من قادة وأجنحة منظمــات المقاومة الفلســطينية . فكافة النظم العربية الحالية وبعض القوي الفلسطينية ممثلة لنفس الفئات الاجتماعية والمصالح التي تري أن الالتحاق بعجلة الاستعـمـــار الأمريكي ـ حتــى وأن اقتــرن بالاعــتراف بإسرائيل والاستسلام لمفاهيمها ومطالبها العدوانية –  يعود عليها بالنفع بأكثر مما تعــود به عليها مناهضـتـهما . لقد كان عقد معاهدة كامــــب ديفيد بداية لمرحلة السيطرة الاستعـمــارية الأمـريكـيـة الشاملة علي المنطقة العربية والتسلــيم بالكيان الصهيوني الذي كان ولا يزال أحد الوسائل الأساسية لفرض هذه السيطـرة. ولقد كذبت معــاهدة كامب ديفيد ـ كصور التسوية الأمريكية الأخرى  أوسلو ، ووادي عربة، وخريطة الطريق – المقولة القديمة الجديدة للطبقات السائدة ونظم حكمها بأن التقارب العربي الأمريكي أو التفاهم مع أمريكا ـ  أو مقولة البعض الآخر الأكثر فجورا أن تأكيد حرصنا علي حماية بل وخدمة المصـالـــح الأمريكية في المنطـقــة ( أي مصالح الاستعمار الأمريكي ) ومنافسة إسرائيل في الولاء لأمريكا ـ يخفف وطأه التأييد الأمريكي لإسرائيل وبخلق ويعمق تناقضا بينهما ويدفع أمريكا بعيدا عن الانحياز لإسرائيل وإلي تأييد المطالب العربية العادلة. فلا تعكس معاهدة كامب ديفيد بأي درجة كانت تراجعا في التأييد الأمريكي لإسرائيل في مواجهة مصر ولا غيرها من الدول أو قوي المقاومة العربية . فقد حققت لإسرائيل أقصي ما تطمع فيه بمصر في مرحلة الصراع التي شهدت توقيع المعاهدة ، كما حققت في ذات الوقت للولايات المتحدة الأمريكية المكسب أو الجائزة الأكبر في تاريخ التغلغل الاستعماري الأمريكي في العالم العربي وهي ربط مصر بأوثق روابط التبعية السياسية ، العسكرية الاقتصادية . وتجســد كافة صور التســويات الأخرى المنفـــذة كاتفــــاقية وادي عــربة أو التي لا زالت قيد التنفيذ كأوسلو أو خريطة الطريق نفس المكسبين المتلازمين الأمريكي والإسرائيلي . هذا فضلا عن أن المكسب الإسرائيلي هو في ذات الوقت مكسب أمريكي،   فإسرائيل هي آداه عدوانية للسياسة الأمريكية.

    أن العلاقة بين المخططات الأمريكية الاستعمارية في العالم العربي وبين المشروع الصهيوني هي علاقة ارتباط وثيقة ومباشرة ، ويخضع الثاني للأولي . ولكل مرحلة من مراحل التوسع الاستعماري الأمريكي المرحلة التي تناسبها من مراحل تطور المشروع الصهيوني . ويلتقي الاثنان حول هدف استراتيجي دائم ما بقيت الإمبريالية ، هو أن وجود دولة قوية صهيونية تجمع اكبر عدد من يهود العالم الذين أعمت الصهيونية بصيرتهم علي أرض فلسطين ، هو الضمان والملاذ الأخير لحماية المصالح الاستعمارية عندما تعجز الجيوش الأمريكية أو غيرهما من جيوش الاستعمار العالمي عن البقاء في المنطقة، تماما كما قال بلفور في مجلس العموم البريطاني عند شرحه مبررات تصريحه الشهير بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين. وهي فضلا عن ذلك ومنذ إنشائها حارس أمين للمصالح الاستعمارية وآداه عدوانية لقهر الدول العربية وإجبارها علي الخضوع للقوي الاستعمارية . وفي محاولة لرصد مراحل تطور المشروع الصهيوني في علاقته بتطور مخططات التوسع الاستعماري الأمريكي في العالم العربي نجد أن مرحلة التغلغل الأمريكي في العالم العربي منذ بداية القرن العشرين للحصول علي غنيمة البترول قد واكبها مرحلة غرس الكيان الصهيوني بالهجرة اليهودية المنظمة لاستيطان الأراضي الفلسطينية تحت الانتداب البريطاني والتي انتهت بإقامة الدولة عام 1948 ، حيث وجد الأمريكيون في المشروع تحقيقا لغاياتهم البعيدة فضلا عن بعض غاياتهم القريبة فقدموا له ولوعد بلفور أقوي مساندة سياسية . ومرحلة الحلول الاستعماري الأمريكي في المنطقة ـ وراثة للاستعمار البريطاني والفرنسي بعد الحرب العالمية الثانية –  ارتبطت وتطلبت وبصورة أساسية تثبيت وضع إسرائيل وضمان أمنها وتفوقها لتعتمد عليها أمريكا في قهر الدول والشعوب العربية بديلا عن القوات العسكرية الأمريكية . وإسرائيل هي التي حققت لأمريكا بعدوانها علي الدول العربية نظرية ملء الفراغ التي أعلنها الرئيس ايزنهاور سنه 1957 كما ذكرنا من قبل ، وتمتد هذه المرحلة من عام 1948 إلي عام 1978 ( ما قبل معاهدة كامب ديفيد ) مرورا بهزيمة يونيو 1967 . ومرحلة تحقيق السيطرة الأمريكية الشاملة علي العالم العربي ـ وهي المرحلة التي نعيشها منذ كامب ديفيد مرورا باتفاقية أوسلو وصولا للاحتلال الأمريكي للعراق وخارطة الطريق وما سيستجد ـ ارتبطت وتطلبت مرحلة جديدة في المشروع الصهيوني . هذه المرحلة الأخيرة هي مرحلة ظهور وتطبيق مفهوم الأمن الخارجي لإسرائيل باعتباره إطار للسيطرة العسكرية علي دول الطوق العربية وأداة للتوسع السياسي والاقتصادي في البلاد العربية وذلك بنزع سلاح الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة التي لم يتيسر ضمها في مواجهة المقاومة العربية لبقاء الاحتلال ، مع قضم أجزاء منها ، وبفرض التبعية السياسية والعسكرية والاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية علي الدول التي تدخل في اتفاقيات تسوية واعتراف وصلح مع إسرائيل ، وبتطبيع العلاقات السياسة والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية مع هذه الدول والدخول في اتفاقيات ومشروعات أمن وتعامل اقتصادي وتجاري إقليمي مع دول المنطقة تحقق لها دورا أساسيا ووظيفة أساسية في إطار الهيمنة الأمريكية الشاملة علي المنطقة . وفضلا عن ذلك فأن مفهوم الأمن الإسرائيلي يتطلب استمرار الهجرة اليهودية للأراضي الفلسطينية. فهي العامل الضروري الذي سيجعل التوسع الإسرائيلي آمرا ممكنا ولازما، وهي التي ستضمن في نهاية المطاف بقاء التفوق الإسرائيلي الذي يستمد قوته من اتساع القاعدة البشرية التي جاءت من بقاع العالم لبناء الدولة الصهيونية قبل استمدادها من الأسلحة المتطورة الفتاكة. وتعتبر أمريكا وإسرائيل أن تدفق الهجرة اليهودية آمرا خارج إطار أي تسوية سياسية مع الدول العربية والفلسطينيين ، الغريب أن المفاوض العربي قد لزم الصمت تماما عن ذلك وكأن الآمر لا يعنيه فاستبعد وقفها من مطالبة .

    وتعد إقامة نطاق الأمن الخارجي الإسرائيلي حلقة أو مرحلة في المشروع الصهيوني التوسعي قد تصب مباشرة في مرحلة التوسع في الأرض من النيل إلي الفرات. ويقدم الاحتلال الأمريكي وخريطة الطريق ظروفا ملائمة تماما لإسرائيل للتوسع شرقا وشمالا قبل أن تستدير نحو الجنوب الغربي ما لم يشتد ساعد المقاومة العراقية وتفقد الاحتلال الأمريكي قدرته علي الاستمرار، وما لم تتواصل وتتصاعد ضربات المقاومة الفلسطينية المسلحة لانتزاع الأراضي الفلسطينية ـ الضفة الغربية وغزة علي الأقل ـ من قبضة الاحتلال الإسرائيلي .

     


    الانتفاضة الفلسطينية تواجه نهج كامب ديفيد وآثار حرب الخليج 1991

     

    ترك خروج مصر من قوي المواجهة العربية لإسرائيل آثاره السلبية العميقة والسريعة علي الدول العربية كافة. ففضلا عن الغزو الإسرائيلي للجنوب اللبناني وحصار بيروت 1982 دون أن تحرك أي من هذه الدول ساكنا، تقاطعت مواقف جبهة " الصمود والتصدي" مع موافق حلف كامب ديفيد في إزكاء نيران الحرب العراقية الإيرانية التي حرضت أمريكا علي إشعالها . وقبل حرب الخليج 1991 كانت المقاطعة العربية للسلطة المصرية وجبهة الصمود والتصدي قد انتهتا . وسرعان ما تشجع المؤيدون في سريرتهم لكامب ديفيد  وحسم المترددون ترددهم وقبلوا الأسس الأمريكية الإلزامية لتسوية قضية الأراضي العربية المحتلة في يونيو 1967. وساقت أمريكا ، في ظلال الهزيمة العربية ـ التي مثلها تدمير أمريكا للعراق وفرض الحصار عليه وحشودها العسكرية الهائلة في المنطقة ـ الدول العربية وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلي مؤتمر مدريد 1991 . أسفر المؤتمر والأسس التي اعتمدها عن عقد اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل 1994 لكي تؤدي الدولة الأردنية دورا سافرا في خدمة التحالف الأمريكي الصهيوني وتطبيع العلاقات العربية مع العدو الإسرائيلي والدفع في اتجاه عزل الثورة الفلسطينية وتصفيتها ، كما أسفر عن عقد اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في نهاية 1993 .

    باعت أوسلو ـ كاتفاقية ـ الثورة الفلسطينية بثلاثين قطعة من الفضة وهي : إقامة سلطة حكم ذاتي فلسطيني بدلا من الحكم العسكري الإسرائيلي ولفترة انتقالية مدتها 5 سنوات في أراض الضفة الغربية وقطاع غزة ، علي أن تجري إقامتها في غزة وأريحا أولا وعلي اساس توسيعها تباعا طبقا لإجراءات وتنظيمات أمنية ينفذها الجانب الفلسطيني يقابلها إعادة انتشار ـ وليس انسحاب- القوات الإسرائيلية وتجميعها خارج المدن الفلسطينية ، علي أن تبدأ مفاوضات لما يسمي الحل النهائي وتنتهي قبل نهاية الفترة الانتقالية . وكما هو معروف تُرك لهذه المفاوضات كافة القضايا الأساسية : الحدود ، المستعمرات ، القدس، اللاجئين، طبيعة الكيان الفلسطيني . وقد ألزمت الاتفاقية الجانب الفلسطيني بإنهاء الانتفاضة الأولي ( 87-1993 ) والمقاومة المسلحة مسبقا والاعتماد علي التفاوض وحده في المطالبة بتحقيق أمانيه سواء بالنسبة لاستكمال إقامة الحكم الذاتي والفترة الانتقالية أو مطالبه الأساسية التي تركت لمفاوضات الحل الدائم والنهائي .

    كان قبول منظمة التحرير لأوسلو تراجعا حاسما في موقف القيادة التاريخية للثورة ممثلة في فتح أساساً عن أهداف ومهام أساسية للثورة ، ليس باعترافها بإسرائيل وبالتالي التسليم في الأراضي المحتلة 1948 فحسب بل وأيضا وأساسا قبول وقف الانتفاضة الأولي وإنهاء الكفاح المسلح قبل تحقيق هدفها في تحرير الأرض ، بل ودون أدني التزام سياسي لا من الطرف الأمريكي ولا من الطرف الإسرائيلي بالانسحاب إلي حدود 1967 أو بغيره من المطالب الفلسطينية الأساسية ، ودون التزام سياسي أمريكي أو إسرائيلي بالموافقة علي إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة أو مجرد وصف ما يسمي بالحل النهائي بوصف الدولة .

    ولقد انقضت عشر سنوات منذ عقد اتفاقية أوسلو دلت أحداثها بما لا يدع مجالا لأقل شك علي أن الهدف الأساسي الوحيد لها علي الجانب الإسرائيلي والأمريكي كان تصفية الانتفاضة والمقاومة وإقامة حكم أدارى ذاتي فلسطيني تحت الاحتلال يجعل القادة الفلسطينيين موظفين يأتمرون بأوامر الاحتلال الإسرائيلي ويعاونونه في السيطرة علي الشعب الفلسطيني، بل وكان الهدف المباشر هو الاقتتال الفلسطيني بين من رفضوا أوسلو وبين من وقعوها وأنصارهم من الفلسطينيين وتفجير حرب أهلية يصفي فيها الفلسطينيون أنفسهم بأنفسهم. إلا أن الشعب الفلسطيني استطاع بحكمته المستمدة من معاناته التي قل أن يوجد مثيل لها ومن تجارية المريرة لا أن يتفادى الاقتتال فقط بل وأن يتمسك رغم الاتفاقية بسلاحه واستعداده الدائم للمقاومة المسلحة ، وأن يفجر في الوقت المناسب انتفاضته الثانية 2000 ، ويجلي الحقيقة عن وجه التسوية الظالمة المدمرة والهادفة فقط إلي تصفية ثورته بل ضرب وجوده وهويته في مقتل .

    وقدمت الانتفاضة ومواكب الشهداء والحجر في مواجهة الدبابات والجنود الإسرائيليين المدججين بالسلاح والعمليات الفدائية التي أطلقتها وروح الفداء والاستشهاد العظيمة التي تملكت شباب وشابات فلسطين نموذجا فريدا لإمكانية وكيفية رفض الشعوب المظلومة المقهورة الاستسلام للأمر الواقع الظالم حتى في ظل أقسى الظروف السياسية والعسكرية والحياتية التي يمكن أن يواجها شعب من شعوب العصر الحديث .

    أفزعت الانتفاضة  والعمليات الفدائية العدو الإسرائيلي الوحشي والغاشم وألحقت به من الخسائر ما لم تلحقه به جيوش نظامية عربية ، واكتسبت احتضانا شعبيا عربيا عارما لم يسبق له مثيل وتعاطفا جماهيريا عالميا وتأييدا متزايدا بين شعوب الدول الاستعمارية نفسها لحق الشعب الفلسطيني في تحرير أراضيه وإقامة دولته الوطنية المستقلة .كما قدمت الانتفاضة الفلسطينية دليلا جديدا ثانيا ـ بعد المثل الذي ضربته المقاومة الوطنية اللبنانية التي أجبرت العدو علي الانسحاب دون شروط من الجنوب اللبناني كله عدا مزارع شبعا ـ علي أن الشعب الفلسطيني والشعوب العربية قادرة علي إيقاف طريق الاستسلام العربي الذي مهد له قرار مجلس الأمن 242 وكرسته وطبقته عمليا اتفاقيات كامب ديفيد ووادي عربة وأوسلو ، وعلي أن تنهج بدلا منه الطريق الوحيد لتحقيق النصر وهو طريق حرب التحرير الشعبية والانتفاضات الثورية.

    لذلك كان القضاء على الأثر السياسي الثوري الذي حققته الانتفاضة الثانية والمقاومة الفلسطينية ومن قبلها اللبنانية – وقيام العدوين الأمريكي والإسرائيلي بخلق أوضاع سياسية وعسكرية جديدة يتمكنان في ظلها – كما يتصوران- من وقف الانتفاضة والمقاومة وتصفية الثورة الفلسطينية أحد الأسباب الأساسية للاحتلال الأمريكي للعراق. وهو ما تجلي على نحو لا يحتاج إلى تدليل بعد سقوط بغداد ومسارعة العدو الأمريكي إلى إنذار كافة الدول العربية بالاتعاظ بما حدث للعراق ومساعدة أمريكا وإسرائيل طوعا ـ بدلا من حملها قسرا ـ علي وقف كل صور المقاومة المسلحة والسياسية لهما ، وقد توج هذا الإنذار في أول مايو الماضي بإعلان ما يسمي خريطة الطريق ـ التي أعدت في فترة التحضير للحرب ضد العراق ـ لتحقيق التصفية التي عجزت اتفاقية أوسلو عن تحقيقها للقضية الفلسطينية .

     


    احتلال العراق ؛ إسرائيل في الأسباب والنتائج

     

    أن كان دعم إسرائيل وخلق أوضاع سياسية وعسكرية جديدة في المشرق العرب أكثر مواتاة لإسرائيل في عدوانها علي الحقوق العربية أحد الأســباب الأسـاســية لاحــتلال العراق ، فإنها ستكون أيضا أحد المستفيدين الأساسيين بل المستفيد الأساسي، بعــد أمــريكا ، ما لم تقل بنفس قدر استفادة أمريكا من تحول الأخيرة إلي قوة إقليمية تحكم حكما مباشرا أكبر دول المشــرق العربي وتنشر قواعدها العسكرية في معظم دولة .

    فعلي مستوي الترتيبات الأمريكية –  المعلنة ـ للمنطقة استنادا لاحتلالها العراق فإن إسرائيل محور أساسي فيها جميعا :

    -         إخضاع سوريا ولبنان إخضاعا تاما للسيطرة السياسية والعسكرية والاقتصادية الأمريكية باعتبارهما دولتين من دول المنطقة التي قررت أمريكا احتكار السيطرة عليها ، وباعتبار سوريا مجاورة للعراق يمثل وجود سلطة غير موالية للاستعمار الأمريكي فيها سندا مباشرا أو غير مباشر للمقاومة العراقية ، وتجري عملية الإخضاع حاليا عبر إنذار سوريا ولبنان بالاتعاظ بما حدث للعراق وقراءة الواقع الجديد في المنطقة وبتهديدهما بعدوان عسكري أمريكي أو إسرائيلي أمريكي ما لم تتعاونا تعاونا تاما في تصفية منظمات المقاومة للاحتلال الإسرائيلي .

    -         إجبار الدول العربية كافة علي تغيير جوانب محددة في مناهج التعليم والخطاب الديني لتخليصهما من المفاهيم المعادية للاستعمار الجديد وإسرائيل والصهيونية .

    -         السيطرة الاقتصادية الأمريكية الشاملة علي العالم العربي والتي يجسدها ، بعد السيطرة علي البترول العربي ونهبه ، إقامة منطقة حرة أمريكية ـ شرق أوسطية تضم إسرائيل و 22 دولة من دول المنطقة وتعطي لإسرائيل دورا محوريا كشريك لأمريكا في السيطرة الاقتصادية علي البلاد العربية . ولعل في عقد منتدى دافوس الاقتصادي في شهر يونيو الماضي علي شاطئ البحر الميت في الأردن ، واتفاقية التجارة الحرة بين الأردن وأمريكا التي تدخل 30% مكونا إسرائيليا في الصادرات الأردنية لأمريكا مؤشرا وإعلانا واضحا عن التوجه الأمريكي .

    -         تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعراق المحتل ، وحضور الحاكم الأمريكي للعراق منتدى دافوس في الأردن هو تأكيد وإعلان بذلك ، هذا فضلا عن استكمال تطبيع علاقات دول الخليج وغيرها من الدول العربية بإسرائيل .

    -         حمل سوريا ولبنان علي الإذعان للأطماع الإسرائيلية في الأرض السورية واللبنانية بقبول تسويات تضم أجزاء منها لإسرائيل وتنزع سلاح أجزاء أخرى تحقيقا للحدود الآمنة لإسرائيل وفقا لمفهوم الأمن الخارجي .

    وإذا كان من الواضــح أن تحقيق الترتيبات الأمريكية المذكورة ، أو غيرها مما لم يعلن عنه بعد ، لن يمر بدون مصاعب علي الأقل تحت تأثير رفض الجماهير العربية ، فلن تكون المكاسب التي تحققها أو تزمــع أمــريكا تحقيقها لإسرائيل بلا دور تؤديه هذه الأخيرة في تذليل هذه المصاعب . والدور الموكول لإسرائيــل ـ الــذي أعدت له وتمــرست عليه ـ هو العدوان . لذلك فإن إسرائيل وعلي عكس الوهم الذي تحاول خريطة الطريق ترويـجه ستمارس ضد الشعب الفلسطيني أقصى درجات العدوان التي في حوزتها، كما قد يوكل إليها مهمة العدوان علي سوريا إن لم تنصاع دون قيد أو شرط للمطالب الأمريكية الإسرائيلية .

    وكما رأينا من قبل ليس في هذا التبني الأمريكي لإسرائيل ـ الذي يملا قلوب الشعوب العربية غضبا علي أمريكا وكراهية لها ـ أي سفه في التفكير أو السلوك السياسي للإدارات الأمريكية من منظور مصالحها العليا ، أي مصالح الرأسمالية الاحتكارية الاستعمارية الأمريكية .

    كما أن هذا التبني ليس تأثرا غير عقلاني ـ من منظور هذه المصالح ـ بمجموعات الضغط اليهودية ( اللوبي) في أمريكا. فالهيمنة الأمريكية علي العالم العربي ، بما في ذلك الأوضاع التي أغرت أمريكا بتحويل العراق إلي مستعمره أمريكية ، وهي الأوضاع الممثلة في التحاق معظم الدول العربية بعجلة الاستعمار الأمريكي ومهادنة الباقي للسياسة الأمريكية الاستعمارية في المنطقة والعالم وتراجع حركة التحرر الوطني العربية جماهيريا ، هي ـ وفي أحد أسبابها الأساسية ـ نتاج العدوان الإسرائيلي علي البلاد العربية وما ألحقه من هزائم بالجيوش العربية .

    وإذا كان الآمر كذلك ، ولان المستعمرين الأمريكيين يعرفون أيضا أن احتلالهم الدائم للعراق أو غيره من الدول العربية هو إلي زوال طال الزمن أم قصر ، وأن مصالحهم ستحميها في نهاية الأمر القوة الإقليمية المرتبطة بهم التابعة والمنتجة لهم وهي إسرائيل ، فانهم لن يتوانوا عن العمل ـ مستفيدين من احتلال العراق والترتيبات التي يجرونها في المنطقة استنادا للقوة العسكرية ـ علي تمكين الكيان الصهيوني من التوسع في أراضي الدول العربية المجاورة له ، مرورا بتصفية المقاومة الفلسطينية واستمرار الهجرة اليهودية المنظمة إلي فلسطين وتهجير الفلسطينيين إلي العراق أو إلي الأردن قبل احتياجها هي وغيرها من الأراضي في دول الطرق العربية. قد تبدو هذه المخططات الإسرائيلية والميول والآمال الأمريكية عسيرة أو بعيدة المنال . لكن ما الذي يجعلها كذلك ـ بعيدة المنال ـ غير مقاومة الشعوب العربية المظفرة ؟ في تقديرنا انه إذا ما نجح المستعمرون الأمريكيون في تثبيت احتلالهم للعراق واستقرار حكمهم له وفرض املاءاتهم علي الدول العربية والشعب الفلسطيني ، ولو لبضعة سنوات معدودة ، فان توسيع رقعة الكيان الصهيوني خارج الأراضي الفلسطينية والجولان ومزارع شيعا سيصبح قيد التنفيذ . ولما لا ؟ ألم يُحتل العراق دون أن تحرك الحكومات والجيوش العربية ساكنا ؟ ألم يساعد ويعاون ـ بصورة مباشرة ـ عدد من الدول العربية علنا أو سرا قوات الاحتلال الأمريكي للعراق ؟ وهل من المستبعد ـ مثلا ـ أن تترك أمريكا الأردن ـ المحصور الآن بين إسرائيل وقوات الاحتلال الأمريكي في العراق ـ لقمة سائغة للكيان الصهيوني ؟ ومتى كان حكم الاتباع أو العملاء والخونة ضمانا ضد الاحتلال الأجنبي ؟


    خلاصة وخاتمة

     

    توضح اللمحات السابق ذكرنا عن تاريخ أمريكا الاستعماري العالمي بالإضافة إلي الحقائق التاريخية المذكورة عن التغلغل الأمريكي في العالم العربي وعن تاريخ العلاقات الأمريكية  العربية ما يلي :

    1-      أن أمريكا ـ ككل دولة رأسمالية صناعية متقدمة تسيطر عليها الاحتكارات –  دولة استعمارية ، وانه بعكس اللغة الأخلاقية المصطنعة –  التي كثيرا ما تظهر في تصريحات وبيانات رؤساء أمريكا ووزارة خارجتها –  فان اعتمادها علي الاحتلال والعدوان العسكري قد فاق الدول الاستعمارية الأخرى الأقدم منها خاصة بالقياس علي قصر المدة بين تكون أمريكا كمركز رأسمالي صناعي وبين توسعها الاستعماري الحثيث.

    2-      البداية المبكرة للتغلغل الاستعماري الأمريكي في العالم العربي والإعداد المبكر
    لاقتسام الغنائم والنفوذ مع الاستعمار البريطاني ، وكذلك الفرنسي ، ولوراثتهما . ويتبدى ذلك في دعمها التام لوعد بلفور ولتطبيقه وغرس المشروع الصهيوني بالهجرة والاستيطان اليهوديين وبخداع تصريحات ويلسون عن تقرير المصير، وبتقليص حصة بريطانيا في البترول وبأخذ المبادرة منها أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية لإقامة دولة إسرائيل بعد الحرب والهيمنة علي الحركة الصهيونية العالمية .

    وهي التي استدرجت القوي الوسطية التي تصدرت الحركة الوطنية في مصر والدول العربية الأخرى للتصنيع التابع بديل الواردات، وهي التي أوهمتها بأنها ضد الاحتلال البريطاني أو الفرنسي لتحل محلهما في النفوذ وتجهض حركة الاستقلال الوطني . وقد تبنت وطبقت نظرية ملء الفراغ الذي ستتركه بريطانيا ، أي تعاملت من البداية –  وحتى اليوم ـ مع الشعوب العربية كشعوب غير مؤهلة لحكم نفسها بنفسها وإنها بحاجة إلي وصى وموجه لسياستها . وحاولت إغرائها تارة والضغط عليها تارة أخري ، وإزاء المقاومة أو التردد هددت بتحريك ـ وحركت ـ إسرائيل للعدوان عليها تحقيقا لمآربها الاستعمارية ومكافأة لإسرائيل علي دورها كأداة لسياستها ومصالحها.

    3-      أن القوة الاستعمارية الرئيسية التي هددت مصر والعالم العربي وأعاقت تطورها السياسي الاقتصادي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ( تاريخ الإفول الرسمي للاستعمارين البريطاني والفرنسي ) وحتى يومنا هذا ، هو الاستعمار الأمريكي . رغم ذلك باستثناء الشيوعيين فإن أياً من القوي السياسية المختلفة ، وعلي رأسها أنظمة الحكم العربية، لم تبني استراتيجيتها السياسية علي أساس هذه الحقيقة ، وتأرجح أكثرها جذرية في مواقفها الوطنية بين المهادنة وبين العداء لأمريكا ، وحتى في ذلك كان العداء ظرفيا مؤقتا يتلمس أقرب وأقل فرصه أو حتى دون حدوث أي جديد في الموقف الأمريكي للانقلاب إلي الموقف الآخر . قد يجد البعض في المعارك الدائرة آنذاك مع الاستعمار البريطاني والفرنسي مبررا لعدم التركيز أو تناسى العدو الأكبر القادم . ولكن هذا الموقف يفقد تماما أدني مبرر سياسي استراتيجي أو مباشر له بعد العدوان الثلاثي في مصر 1956 وبعد ثورة يوليو 1958 في العراق وبعد استقلال الجزائر 1962 بعد توقيع اتفاقية افيان .

    احتفظت أمريكا من جراء هذه المواقف بقدر كبير من الشعبية إلي حد أن وصف أمريكا بالاستعمار لم يكن شعارا واسع الجماهيرية . فقد حرصت القوي النافذة حتى في ظل أكثر النظم راديكالية كالنظام الناصري علي منع تحول أي موقف متأزم في العلاقات المصرية الأمريكية إلي تيار فكري سياسي جماهيري مناهض للاستعمار الأمريكي . من أمثلة ذلك الشهيرة مقالات بصراحة في جريدة الأهرام عام 1967 قبل حرب يونيو " نحن وأمريكا ". ومن الأمثلة الأقدم والأخطر لنفس الكاتب الأشهر أوائل 1959 القول بأننا قد انتصرنا علي الاستعمار ولم يعد ثمة داع للتحالف أو السكوت علي الشيوعيين الذين كانت المعركة مع الاستعمار قد وضعتنا معهم في خندق واحد ، مبرراً فتح المعتقلات . فهذا القول لا يصدر من كاتب يعتبر أمريكا استعمارا أو عدوا ، رغم أن الصراع المباشر معها كان قد بدأ علي جميع الجبهات قبل جلاء بريطانيا عن مصر ( معركة الأحلاف العسكرية ، المعونة الأمريكية ، السد العالي ..... الخ ). بعد النكسة كان الوجه الرئيسي للخط السياسي الرسمي هو تحييد أمريكا رغم أنها المحرضة وصاحبة القرار في العدوان الإسرائيلي

    في عهد السادات وخلفائه عوملت أمريكا كــ " صديق " و"علاقة خاصة" استراتيجية . الآن يقدمون المساندة والدعم المباشر للغزو الأمريكي للعراق . هل مرد ذلك نقص في الفهم والإدراك لحقيقة أمريكا الاستعمارية وحقيقتها كالعدو والرئيسي للشعوب العربية ؟ والإجابة بالقطع لا ، فهذه الحقيقة لا تخفي علي أحد خاصة بالحد الأدنى الذي يؤهله لقيادة اتجاه سياسي أو حزب أو حكم دولة .

    أما مرد ذلك فهو أحد موقفين أو اتجاهين . الأول مهادنة الاستعمار الأمريكي وهو اتجاه يحرص علي تجنب اتخاذ موقف وطني مبدئي وثوري للنهاية ضد السياسة الاستعمارية . فمثل هذه الثورية ستدفع أصحابها .ـ من جراء القوة الهائلة التي يمثلها العدو الأمريكي ـ إلي الإتجاة للجماهير الشعبية والكادحة والاعتماد عليها لمواجهة سياسات أمريكا الاستعمارية واعتداءاتها العسكرية المحتملة سواء تمت عن طريق أداتها إسرائيل أو في صورة عدوان عسكري أمريكي مباشر ، وهو ما يتطلب بدوره تبني حقوق الجماهير الديمقراطية السياسية والنقابية ومصالحها الاقتصادية الأساسية .

    إلا أن أنظمة الحكم العربية بما فيها أكثرها التزاما بالقضايا الوطنية لم تكن ـ لا في مصر أو غيرها من الدول العربية ـ ممثلة للجماهير الشعبية والكادحة وإنما مثل أفضلها وأكثرها التزاما بقضايا التحرر الوطني والتوحد القومي الفئات الاجتماعية الوسطي الساعية في الأرياف والمدن للتحول إلي طبقة رأسمالية كبيرة . لذلك كان ميلها لمهادنة الاستعمار الأمريكي أقوي لديها من ميلها الآخر لمناهضته . أما الموقف أو الاتجاه الآخر فهو الذي لا يري له ثمة مصلحة في مقاومة الاستعمار الأمريكي خاصة إذا لم يتخذ شكل الحكم الاستعماري المباشر ، فهو يفضله من وراء ستار ، ويري علي العكس من ذلك مصالحه في علاقات التبعية الاقتصادية والسياسية والعسكرية به . وهو موقف يتمثل أساسه الاقتصادي الاجتماعي في كبار المستوردين وكبار المصدرين ووكلاء وشركاء رأس المال الاحتكاري في الدول الاستعمارية ممن يطلق عليهم في الأدب السياسي لحركة التحرر الوطني البرجوازية الكبيرة الكمبرادورية ( واللفظ مشتق من الوساطة والسمسرة). وهذه الفئة المترسبة عن عهد المستعمرات وأشباه المستعمرات أعيد إنتاجها وتكوينها بغزارة يعد حصول المستعمرات وأشباهها علي استقلالها السياسي من جراء نمط النمو الاقتصادي الذي افقد الاستقلال مضمونة .

    4-      شيوع ممارسة سياسية للطبقات المسيطرة في المجتمعات وللحكومات العربية مسكوت  عن إعلانها في أقوالها وتصريحاتها ومقالات كتابها ، وهي العمل علي مقايضة الخضوع لأمريكا والتبعية السياسية والعسكرية والاقتصادية لها بقيامها بوقايتنا من شر العدوان الإسرائيلي خاصة احتلال أراضينا .

    والتبرير الذي تفضحه هنا تهم وزلات ألسنتهم أو تنضح به تحركاتهم وعلاقاتهم بالأمريكان هي ، إما مجرد محاولة خداع الجماهير باعتبار التبعية لأمريكا هي من وراء ستار ، في حين أن الاحتلال الإسرائيلي مسألة سافرة لا مجال لإخفائها ، وأما اعتبار الاستعمار الأمريكي ـ أو غير الأمريكي ـ أقل خطرا من الاستعمار الإسرائيلي الاستيطاني وبالتالي تمثل التبعية له ( أي للاستعمار الأمريكي ) خطرا أقل أضمن في عواقبها من الدخول في حرب تحرير ضد إسرائيل .

    وقد قادت تلك الممارسة وهذه التبريرات التي لا تقال إلا في الغرف والمكاتب المغلقة إلي إلحاق بلادنا بعجلة الاستعمار الأمريكي وإبقاء الاحتلال الإسرائيلي والسيطرة العسكرية الإسرائيلية معا . فلا يتوقع من سياسة خداع الشعب غير المزيد من الكوارث الوطنية والقومية . وعلاوة علي ذلك فأن اعتبار الاستعمار الأمريكي أو التبعية لأمريكا أقل خطرا من الاحتلال الإسرائيلي بحيث نقايض الأول بالثاني هو قصر نظر سياسي فضلا عن عدم جواز استبدال استعمار باستعمار حتى ولو كان الثاني مقنعا . فمكتسبات الاستعمار الأمريكي تصب عادة بصورة مباشرة وقودا جديدا في آلة الكيان الصهيوني، ولا مستقل للاحتلال بل وللوجود الإسرائيلي دون الاستعمار الأمريكي والعالمي. ولن تقبل أمريكا بأي صورة أضعاف قوة إسرائيل أو مقدرتها علي العدوان والتوسع في البلاد العربية . فلم يضعف انسحاب إسرائيل من سيناء من قوة إسرائيل بل ضاعفها وأعطي لها فرصا لم يكن تحلم بها في التعامل مع الجبهات الأخرى، وهو فضلا عن ذلك لا يحمي سيناء من العودة لاحتلالها بسهولة ويسر في أي لحظة .

    5-      إن عداء أمريكا للشعوب العربية هو سياسة استراتيجية دائمة للسياسة الأمريكية لا يغيرها تغير رؤسائها أو تداول السلطة بين الحزبين المحتكرين للرئاسة والكونجرس. وليس هذا العداء مجرد نتاج لانحيازها لإسرائيل ، لا بل أن عدائها لنا هو ما جرها إلى تبني غرس المشروع الصهيوني وانحيازها الدائم له . وسواءً كان فريق العمل مع الرئيس الأمريكي ليبرالياً أو محافظاً أو مختلطاً من هذا وذلك فإن الخط الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية – عربياً وعالمياً – كان هو من حيث الجوهر. فليس رؤساء أمريكا أو الكونجرس هم الذين يحددون السياسة العليا الأمريكية ،لا عالمياً ولا داخلياً ، إنهم يديرونها فقط طبقاً للأوضاع العملية التي يصادفونها . تُحدد هذه السياسات طبقاً لمصالح الاحتكارات الرأسمالية ومخططات توسعها العالمي وتتولي الإدارة الأمريكية والكونجرس السلطة الرسمية والقانونية كممثلين لهذه الاحتكارات من وراء الجمل والصياغات الدستورية والقانونية الطنانة والملتبسة عن إرادة الشعب الأمريكي والانتخابات الحرة وفصل السلطات . إن تصاعد أو تراجع عدوانية السياسة الأمريكية تمليه مصالح الاحتكارات في التوسع الاستعماري العالمي والظروف والعوامل المشجعة أو المقيدة لممارسة ونجاح العدوان على البلدان محل أطماعهم . فالتكوين النفسي والفكري للرئيس بوش وفريقه ديك تشيني ورامسفيلد وكولن باول وولفويتز ورايس وغيرهم ليس هو الذي جعل السياسة الأمريكية أكثر إمعانا في العدوان وأكثر صلفاُ وفجوراً في إملاء أطماعهم الاستعمارية ، وإنما احتياجات الاحتكارات الرأسمالية للتوسع العدواني أي مصالح أمريكا العليا هي التي تستدعي وتدفع إلى ممارستها لأقصى درجات العنف والتعصب والعنصرية ضد الشعوب المضطهدة في العالم وفي مقدمتها الشعوب العربية ، وهي التي استدعت بالتالي أن يكون الرئيس الأمريكي وفريقه على مستوى المهمة القذرة المطلوبة ومُعدين لها، بان يسمح تكوينهم الفكري بارتكاب أكبر المذابح وإلحاق أفظع النكبات والكوارث بالشعوب بدم بارد ودون أدنى وازع من ضمير.

    لذلك فإن الحملة الدائرة في الأوساط السياسية والمثقفة الوطنية في مصر والبلاد العربية ضد اليمين المحافظ والصهيونية المسيحية ( التأويل الصهيوني للمسيحية أو صهينة المسيحية ) هي سلاح ذو حدين ، فهي من جانب تكشف وتفضح عدوانية وتعصب وعنصرية وأكاذيب الرئيس الأمريكي وفريقه ، لكنها قد تستثمر من الطرف الآخر بين صفوفنا الملتحق بالعدو الأمريكي أو الراغب في مهادنته والذي سيحاول – كما فعل من قبل – دائماً تعليق الآمال على الانتخابات الأمريكية وذهاب اليمين المحافظ الجديد.

    والحقيقة التي يجب ألا ينساها أو يتناساها أحد من أبناء شعوبنا العربية ، أن بلادنا بأسرها ستظل كما هي عليه الآن مطمعاً للاستعمار الأمريكي ولقمة سائغة له ولأداته إسرائيل ، ما لم تلحق شعوبنا الهزيمة الحاسمة بالاحتلال الأمريكي والإسرائيلي أو السيطرة العسكرية الأمريكية أو الإسرائيلية على بعض البلاد العربية وبعلاقات التبعية السياسة والعسكرية والاقتصادية الاستعمارية للولايات المتحدة التي فرضت من قبل والتي يُراد فرض المزيد منها اليوم على باقي هذه الدول. وإلحاق الهزيمة الحاسمة بالعدوين الأمريكي والإسرائيلي أمر ممكن ولا بديل عنه إلا العبودية الدائمة للاستعمار والصهيونية. وفي هذا يتبدى اليوم الدور التاريخي للمقاومتين البطلتين العراقية والفلسطينية طليعتا ثورة الشعوب العربية المضطهدة ضد أمريكا وإسرائيل.

    القاهرة في 7/8/2003                        اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية

     

     

     




    (1) د/ محمد دويدار – الصهيونية تلتهم العرب – كتاب سطور – 2000 .

    (2) سفير د. حسين شريف – الولايات المتحدة من الاستقلال والعزلة إلى سيادة العالم الجزء الأول – الهيئة المصرية العامة للكتاب – ص 218.

    (3) عيداروس القصير -  الاشتراكية في السياسة والتاريخ – مطابع العاصمة بالقاهرة – صـ158 - 159 .

    (4) المصدر السابق – صـ 159 .

    (5) لمزيد من التفصيل : سفير د. حسين شريف – الولايات المتحدة .......... – الجزء الأول بداية العلاقات مع الصين : صـ8 إلى صـ 232

    (6) نعوم تشومسكي – حقوق الإنسان والسياسة الخارجية الأمريكية – ترجمة عمر الأيوبي – مؤسسة الأبحاث العربية – صـ 28 ، 29.

    (7) جزء من دفاع الإمبرياليين الأمريكيين عن إجراء احتلال "الفلبين وغيرها من آسيا سفير د. حسين شريف – الولايات المتحدة .... – الجزء الأول – صـ 223.

    (*) لا شك أن رأس المال الدولي بقيادة أمريكا اعتمد على ضيق الحدود الثورية لقادة حركات التحرر الوطني في معظم بلدان العالم الثالث وكذلك على جهلهم بالدور الأيديولوجي والسياسي لخطط التنمية المصدرة من الغرب الاحتكاري عبر ما سمي بالمعونة الفنية والاقتصادية .

    (**) تحولت (الجات) في عام 1994 إلى "منظمة الجات العالمية" وهدفها كسابقتها : تحرير التجارة الدولية.

    (***) قصة صندوق النقد والبنك الدولي وإلى حد ما الجات حديثاً معروفة جيداً لمعظم المصريين نظراً لتجربتهم السوداء مع تلك المؤسسات ، والغريب أن بعض المسئولين والصحافة في مصر تشارك هذا الحس الشعبي موقفه اللهم إلا من ربط تلك المؤسسات بمن يقف ورائها كما لو كانت مؤسسات مستقلة تقف في الهواء (!).

    (*) قدرت ضحايا كوريا الشمالية في الحرب بأكثر من مليون ونصف المليون كوري .

    (**) في عام 1975 ( عهد فورد وكيسنجر) قامت القاذافات الأمريكية بقصف كمبوديا بأكثر القنابل المتوفرة لديها (زنة الواحدة 15000 باوند) في عملية باسم 25 "الماياعيز".

    (8) راجع . نعوم تشومسكي – حقوق الإنسان ........... – صـ 28 .

    (*) يميل الحزب الديمقراطي إلى زيادة تدخل الدولة قليلاً في الشئون الاقتصادية والاجتماعية ، بينما يميل الحزب الجمهوري إلى التشديد على قوة الشركات الخاصة وتخفيض الضرائب .

    (**) هذا هو الاتجاه الغالب ، لكن المجتمع الأمريكي يفرز – رغم ذلك – مفكرين مستنيرين وراديكاليين واشتراكيين، متعافين من الهيمنة الفكرية والثقافية للإعلام الأمريكي – لكن نرى أن تأثيرهم القوى مرهون بصعود حركات التحرر الوطني والاشتراكية في العالم مرة أخرى .

    (9) - مقال أمريكا والعرب – كمال خلف الطويل – الوطن العربي في السياسة الأمريكية – مركز دراسات الوحدة العربية – سلسلة كتب المستقبل العربي ( 22) .

    (*) الدولة الثيوقراطية هي الدولة الدينية والتي تزعم إنها تطبق أحكام الله (42) .

    (**) تابع قصة : أسامه بن لادن في مرحليتها ، التحالف (التوظيف) والتخاصم مع أمريكا.

    (10) د. محمد النيرب – العلاقات الأمريكية السعودية – مكتبة مدبولي – صـ 82، 97.

    (11) نعوم تشومسكي – حقوق الإنسان و ........ صـ 31 .

    (*) من الواضح أن الولايات المتحدة اتبعت منهج الإعلان عن السياسات الكبرى الحاكمة لتعاملاتها الدولية بعد تطبيقها في الواقع العملي لعدة سنوات ثم الإعلان عنها لتأكيد تنفيذها عبر الأمر الواقع، رأينا هذا في "مبدأ منرو" ومبدأ " الباب المفتوح" وكذلك في سياسة "ملء الفراغ" حيث رأت أمريكا مبكراً – أثناء الحرب العالمية الأولى – أن الإمبراطورية البريطانية آخذه في التحلل ويتوجب حلولها الاستعماري في مستعمراتها .

    (12) د. عاصم أحمد الدسوقي – الولايات المتحدة وفلسطين من التقسيم إلى إقامة إسرائيل – مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية – الأهرام – صـ 80 .

    (13) المصدر السابق – صـ 24 .

    (14) لمعرفة تفاصيل المناقشات – راجع – المصدر السابق .

    (*) لاحظ المادة (29) من المشروع التي تدعو إلى فتح باب الهجرة لليهود دون حدود خلال العامين الأولين من الوصاية ضماناً لوجود أغلبية يهودية يعتمد عليها في أي إستفتاءات تجرى فيما بعد، المادة (47) الخاصة بأجل الوصاية وكيفية انتهائها كذلك المادة (31) الخاصة بسياسة الأرضي والتي تلغي ما جاء بالكتاب الأبيض لمزيد من التفاصيل – المصدر السابق صـ 106 إلى صـ 114.

    (**) نلاحظ هنا كيف حرص العالم "الحر" ! ولازال على ا، يكون هذا الكيان – إسرائيل – دولة دينية ، أنظر تصريحات بوش في شرم الشيخ .

    (*) ندعو المفكرين العرب لدراسة تلك الظاهرة تفصيلاً لمراجعة مفهوم "المجتمع الإسرائيلي " و"الشعب الإسرائيلي " وهل هذا الكيان يمكن أن تتوافر فيه – ولو مستقبلياً – مقومات المجتمع القابل للنمو والتطور وفقاً لقوانين التطور الاجتماعي التي تخضع لها كل المجتمعات الطبيعية ؟

    (*) رأت أمريكا أنه من الأجدى أن تبقى خارج عضوية الحلف الكامل لسببين :

    1-       حتى تستطيع ممارسة نفوذها بحرية .

    2-         إخفاء وجهها الاستعماري أمام شعوب المنطقة ولإمكان الثائرة ونجاحها في احتواء حركاتها الوطنية والتغلغل.

    (**) نذكر أن هذه كانت المحاولة العربية الثانية لإقامة الدولة الفلسطينية وفقاً لقرار التقسيم، فالمحاولة الأولى كانت في محاولة إقامة "حكومة عموم فلسطين" قبل الاغتصاب في 15 مايو 1948 والتي ضغطت الولايات المتحدة لمنع إعلانها.

    (***) تعني خزن كميات كبيرة من السلاح في سفينة أمريكية تتخذ قاعدتها البحر المتوسط وتكون على استعداد للتدخل في أي دولة من دول الشرق الأوسط .

    (15) د. عاصم الدسوقي – وقائع العلاقات الأمريكية – المصرية 1952 – 190 دراسة غير منشورة .

    (16) المصدر مجلة نيوزويك الأمريكية – الطبعة العربية – عدد 1/4/2003.

    عن

    اللجنة المصرية لمناهضة الاستعمار والصهيونية

  • تونس 7 .. الأحد الرياضي .. ليس بالإمكان مزيد السكوت عن المسكوت عنه

    a7ad2hy3.jpg

    كل من تابع العدد الأخير من برنامج الأحد الرياضي لا بد وأنه لاحظ الطريقة الغريبة والغير متوازنة لتغطية الجولة الثالثة لمرحلة الذهاب لبطولة كرة القدم ..

     

    فقد قدم البرنامج تغطية شاملة ومطولة، وحتى يمكن أن نقول مملة، لمقابلة الترجي ومستقبل القصرين، تلاها حوار هاتفي هو أيضا مطول مع مدرب القصرين المنسحب .. ثم تم بث تغطية مطولة كذلك لمقابلة البنزرتي والإفريقي، والكل مرفق بتحاليل وتعليقات من "الخبراء" الذي يستعين بهم سي رازي لتأثيث البرنامج ..

     

    ثم بعد ذلك، وفي ساعة متقدمة من الليل .. تم تمرير ملخصات مختصرة لبقية المقابلات .. دون موفيولا التحكيم ولا تحاليل ولا حتى ملخصات تشمل كل اللقطات ..

     

    بالطبع الامتعاض كا ن شديد لدى كل الجماهير ال"متضررة" .. والاستياء كان أشد من غياب أي تفسير أو إعتذار من معدي ومقدمي البرنامج ..

     

    وبحكم معرفتي الشخصية بأحد المعنيين في البرنامج .. توليت إعلامه بفداحة الخطأ .. وكان رده مليئا بالأعذار التي سأترك لكم الحكم عليها :

    · المقابلات التي تم تمريرها بتغطية فقيرة انتهت في ساعات متأخرة (بين السابعة والثامنة مساءا)، وبحكم تأخر وصول التسجيلات تعذر إعداد ملخصات كافية الجودة

    · الصدفة وحدها وراء وجود فرق العاصمة ضمن الفرق التي تمتع جمهورها بتغطية مطولة

    · الإمكانيات (المادية والتقنية والبشرية) المتوفرة لفريق الأحد الرياضي لا تمكن من تغطية كافية الجودة للقاءات التي تدور داخل الجمهورية، وذلك حتى تصبح هذه المقابلات مبرمجة في أوقات مبكرة (14س)

     

    وهذا ردي الشخصي على هذه الأعذار :

    · في 2009، يصعب قبول عذر تأخر وصول التسجيلات، وذلك بالنظر للتقدم التكنولوجي الذي أصبحت عامة الشعب تتمتع به في تبادل المعطيات، خاصة وأن مقابلة النجم وباجة تمت إذاعتها مباشرة وكان من الممكن تسجيلها بمقر التلفزة.

    · من الصعب تصور تمرير ملخص لمباراة النجم الترجي أو الصفاقسي والإفريقي في مثل مستوى الملخصات التي تم تمريرها في آخر الحصة.

    · من غير المعقول أن تصر التلفزة على احتكار تغطية بطولة تونس في حين أنها تفتقر للإمكانيات اللازمة لضمان الجودة الكافية، خاصة وأن الشعب التونسي لا يزال "مجبر" على دفع معاليم لهذه المؤسسة.

     

    على أمل تحقق وعد الأخ رازي بعدم تكرار مثل هذه الهفوات

  • Histoire antique de la ville de Radès

    Radès, l'antique Maxula, est située sur les rives du golfe de Tunis, en face de Carthage, du côté sud du chenal de la Goulette.


    Dans l'Atlas archéologique de la Tunisie (feuille 23 La Goulette au 1/ 50 000), édité à Paris en 1893, Radès est signalée Colonia Maxula. Dans la notice qui lui a été réservée, nous lisons : "Traces d'un établissement romain considérable ; réservoirs, chapiteaux, fûts de colonne, débris de frise, statue. Inscriptions. Traces de pont".


    Lors de son voyage dans la régence de Tunis (1865), V. Guérin présente Radès comme suit : "un village de 800 habitants situé sur une colline qui s'élève entre le lac de Tunis d'un côté et la mer de l'autre" ; il signale, par ailleurs, la présence de plantations d'oliviers et quelques citernes antiques.


    Dans sa Géographie comparée de la Province romaine d'Afrique (1888), Ch. Tissot a écrit : " Située entre le lac et la mer, sur une colline isolée qui se relie au nord par une pente douce à l'isthme de la Goulette, Radès possède les mêmes avantages que Tunis et dû, comme elle, être toujours un centre de quelque importance.

    Au point de vue stratégique, elle est la clef de deux routes qui conduisent du littoral oriental à Carthage ; elle ferme l'isthme par lequel passe la route la plus courte et commande la plaine que traverse la plus longue, celle que suivent aujourd'hui les caravanes du Sahel. Par contre, le littoral qui s'étend à l'est de l'oued Miliane, entre Radès et Hammam el-Enf, n'offre pas un seul point qui satisfasse aux conditions essentielles d'un centre habité…Le bourg arabe de Radès a succédé à une localité antique : on y retrouve, sur le sol comme sous le sol, toutes les traces d'un établissement romain considérable, réservoirs, chapiteaux, fûts de colonnes, débris de frises… "


    Le toponyme
    Maxula est un toponyme libyque qui est, sans doute, en rapport avec les Maxitani qui est une tribu libyque.
    Quant à Maxula Prates ou Maxula Per Rates, il s'agit d'une allusion à la présence de bateaux plats et lourds qui servaient à la circulation.
    Prates serait un surnom de Maxula : P (er) rates est une expression qui signifie que la traversée du lac se faisait en bateau; par conséquent, Maxula per rates veut dire Maxula par les bacs.
    Quant au toponyme moderne, Radès est selon toute vraisemblance une altération de Prates.

    Les données de l'historiographie classique
    Aux sources classiques, nous devons des informations sur Maxula Prates ; en effet, Pline l'Ancien, Ptolémée et Victor de Vita en avaient eu à parler.
    Pline l'Ancien (23 - 79 ap. J.-C.), auteur romain d'une Histoire naturelle, nous informe que Maxula était une colonie au Ier siècle sous d'Auguste.
    Ptolémée (90 - 168 ap. J.-C.), qui est un célèbre géographe grec, nous a laissé un traité de Géographie en huit livres ; le livre huit donne les coordonnées des quatre cartes consacrées à l'Afrique. La Tunisie est concernée par la deuxième carte intitulée Africa Tabula II ; plusieurs lieux y sont mentionnés dont Maxula.
    Dans son Historia persecutionis vandalicae, Victor de Vita (Vè s. ap. J.-C.), qui était évêque en Byzacène, le Sahel actuel, nous fait savoir que Genseric, le roi vandale, demeurait à Radès. D'après cet historien, des évêques et insignes viri s'étaient rendues vers 445 au palais de Genseric à Maxula pour solliciter du souverain vandale la permission de demeurer dans leurs anciennes cités.
    Voilà un texte qui présente un état de connaissance sur Radès au temps des Vandales ; ce passage illustre d'une façon indirecte la beauté et la prospérité de Maxula : les rois vandales, la préférant à Carthage, y ont établi leurs palais.
    Par ailleurs, Victor de Vita appelle l'isthme de la goulette, c'est-à-dire la langue de terre qui unit Radès à la région de Carthage, entre le lac et le golfe de Tunis, le litus maxulitanum : la plage de Maxula.


    Cartes et itinéraires


    a - La table de Peutinger est une carte qui représente le monde au temps du Bas Empire romain datant du IIIè s. ap. J.-C. ; elle doit son nom à Konrad Peutinger (1465-1547), savant, antiquaire et homme politique allemand qui a eu le mérite de l'étudiée. Elle comporte les noms de la plupart des villes, en précisant les distances qui les séparent ainsi que les voies qui les desservent ; le voyageur de l'époque pouvait y trouver des indications utiles sur le lieu où il devait se rendre. Par ailleurs, cette carte a assuré une meilleure administration de l'empire et a permis de lever les impôts.
    La table de Peutinger offre des données topographiques sur 3300 stations et plus de 500 symboles couvrant des liaisons routières de 70 000 milles, soit plus de 100 000 km.

    Cette table se présente sous la forme d'une bande longue de 6,82 m et large de 0,34 m, répartie en douze parchemins. L'Africa, c'est-à-dire la Tunisie actuelle, occupe quatre segments de ce parchemin qui s'étendent du 4ème au 7ème segment. Les villes importantes sont signalées par des vignettes. Parmi les villes qui y ont été signalées, nous trouvons Maxula qui est placée à sept milles de Carthage. Maxula figure sur le segment VI, colonne 1 ; la vignette, qui lui est réservée, comporte deux tours et deux entrées, ce qui signifie qu'elle était colonia.


    b - L'itinéraire d'Antonin, qui date de la fin du IIIè s. ap. J.-C., est une liste indiquant les étapes sur les routes romaines et les distances entre chacune, facilitant ainsi les déplacements des troupes. Sur cet itinerarium, Maxula est placée à dix-huit milles de Carthage.


    c- Le Stadiasmus maris magni : il s'agit d'un itinéraire maritime qui date du Vè s. ap. J.-C. ; cet itinéraire comporte des indications sur les ports des côtes orientales de la Tunisie dont celui de Maxula.

    Les sources épigraphiques
    L'épigraphie latine recèle des informations sur la vie sociale, religieuse, économique, administrative et militaire de Maxula à l'époque romaine.
    La plus célèbre des inscriptions est, sans doute, celle répertoriée CIL (corpus des inscriptions latines), VIII, 24512; elle a été publiée pour la première fois en 1906 à l'Académie des Inscriptions et des Belles Lettres, à Paris.
    Quid rataris transeuntes / dare debeant: / homo caballaris f(ol)l(es) IIII; hom pedester f(ol)l(em) I ; / burdo carricatus cum burdonariu f(ol)l(es) IIII ; / burdo leuis cum burdonariu f(ol)l(es) II; camellus carricatus cum camellari(u) f(ol)l(es) V; / [came]llus leuis cum camellariu f(ol)l(es) III; / [asinus carricatus cum] asinario f(ol)l(es) IIII / [asinus leuis cum asinario f(ol)l(es) II] -------
    "Voici ce que doivent donner aux "passeurs" ceux qui traversent (le lac): un homme à cheval 4 folles; un homme à pied 1 follis; un mulet chargé accompagné de son muletier 4 folles; un mulet non chargé accompagné de son muletier 2 folles; un chameau chargé et son chamelier 5 folles; un chameau chargé et son chamelier 3 folles; un âne chargé et son ânier 4 folles------"

    Nous avons là un témoignage épigraphique d'une portée considérable: il concerne le tarif établi pour le passage du ratis entre Radès et La Goulette dans l'Antiquité. A ce propos, nous pouvons citer l'exemple de la mosaïque d'Althiburos où l'on voit un bateau large et plat au-dessous duquel est inscrit Ratis siue ratiaria. L'embarcation représentée sur la mosaïque d'Althiburos est à rapprocher du type de bateaux dont se servaient les passeurs de Maxula.
    Pour la vie religieuse, un fragment d'une plaque de marbre blanc, répertorié CIL 24328, porte une dédicace à la triade capitoline par la ville de Maxula. Dans cette inscription, nous reconnaissons le nom de Minerve qui est conservé :
    [ ? Ioui O(ptimo) M(aximo), Iunoni Reginae, Min]eruae [Aug(ustae) sacrum] / [------Max]ula d(ecreto) d(ecurionum) [------] / [------instante] P(ublio) Aelio Bru[------]
    Concernant la vie politique et administrative, nous pouvons mentionner une dédicace d'une statue du proconsul L. Aelius Dionysius dont les pouvoirs avaient été successivement renouvelés pendant trois ans: il est Proconsuli provinciae africae quatrum (il est en fonction pendant quatre ans entre 296 et 301). Cette statue a été élevée par le sénat municipal de Maxula :

    : l'ordo maxulitanus qui, en constatant ses bienfaits, l'a qualifié d'amator ordinis.
    A l'épigraphie, nous devons aussi d'autre informations relatives à l'histoire militaire de la cité. Au IIè s. ap. J.-C., deux légionnaires, originaires de Maxula, étaient dans la troisième légion auguste.
    Au milieu du IIè s. ap. J.-C., parmi les Africains qui ont servi hors d'Afrique, dans diverses garnisons de l'Empire, C. Mantius Macrinus, legi traiana fortis.
    Les données archéologiques
    * Les stèles funéraires puniques
    Des stèles funéraires puniques, de forme triangulaire ont été recueillies à Radès ; elles représentent des personnages ayant la main gauche sur la poitrine, la main droite levée, la paume en avant ; un des personnages a ses deux bras croisés sur la poitrine. Ces stèles datent du IV - IIè s. av. J.-C.
    Outre les stèles, des urnes de petites dimensions, des lampes phéniciennes et romaines, une grande amphore, etc. ont été retirés d'une nécropole punique.
    * La statuaire romaine
    Des statues ont été découvertes à Radès.

    A la fin du 19ème siècle, la compagnie des chemins de fer a fait don au musée Alaoui (l'actuel musée du Bardo) d'une statue virile colossale d'un personnage drapé de la toge. Cette statue mesure 1.90 m.
    Sur l'emplacement du forum, une statue d'un magistrat municipal a été recueillie ; cette statue a été signalée dans un rapport sur les activités de la direction des antiquités en 1903 et a été transférée au musée du Bardo.
    Enfin, une statue, représentant la déesse Vénus pudique flanquée d'un amour chevauchant un dauphin, a été découverte à l'intersection des rues Jules Ferry et Paul Cambon, face à l'aile droite de l'internat des jeunes filles.
    * La mosaïque
    Le
    dossier de Maxula comporte des tableaux de mosaïques exposés aujourd'hui au musée du Bardo. Sur une des mosaïques, sont représentés : le dieu Neptune debout sur un bige, et trois néréides sur des monstres marins dont on reconnaît un hippocampe et un dragon.
    Ces divinités marines ont été représenté avec les attributs des saisons : couronne et corbeille

    de fleurs pour l'une, suggérant le printemps, raisins et corne à boire déversant du vin rouge pour l'autre pour symboliser l'automne; la troisième néréide, dénudée et blonde comme le blé, rappelle l'été. Les grandes têtes ailées des vents sont flanquées d'une conque. En outre, nous pouvons admirer la faune marine qui y est représentée: on reconnaît des dauphins, un poulpe et des poissons.Cette mosaïque, qui date du IIIè s. ap. J.-C., aurait été trouvée dans le frigidarium (salle de bains froids) d'un grand établissement thermal.Sur une autre mosaïque, qui date du IVè s. ap. J.-C., sont représentés des animaux sauvages accompagnés de leurs noms : autruche, cerf, taureau, ours et sangliers; leur présence est inspirée par les jeux d'amphithéâtre. Cette mosaïque, qui avait orné le triclinium (salle à manger) d'une riche demeure, commémore un combat d'animaux offert par le propriétaire de la maison, à l'occasion de son accession à une magistrature. D'ailleurs, tout porte à croire que la cité de Maxula était dotée d'un amphithéâtre au IVè s. ap. J.-C .. et que les notables évergètes se distinguaient par leur munificence en offrant à leur frais des spectacles aux habitants de Maxula.
    Enfin, le sol de Maxula a livré également des mosaïques d'époque chrétienne.

    * L'architecture
    Il est évident que les trouvailles archéologiques, auxquelles nous avons fait allusion, sont en rapport avec des espaces architecturaux, qu'il s'agisse d'architecture publique ou qu'il s'agisse d'architecture privée. Les rapports et les études sur Maxula montrent que des thermes, un capitole, un forum, des maisons, des citernes, un pont, une basilique chrétienne, etc. ont été reconnus.
    * Autre mobilier
    Entre autre objets découverts à Radès, il y a lieu de signaler la présence de monnaies, d'un poids, d'un fragment d'une coupe en verre décorée de palmettes rayonnant autour d'un cercle et des lampes se trouvent aujourd'hui au musée du Bardo.
    *La cité de Maxula
    En rassemblant toutes les données de l'historiographie, de l'épigraphie et de l'archéologie, nous pouvons tracer le profil d'une cité antique de quelque importance.
    Dans l'état actuel des connaissances, nous ne disposons pas de témoignages concrets qui puissent

    nous informer sur la présence libyque à Maxula; en revanche il y a des indices qui favoriseraient l'hypothèse d'une origine libyque de cette cité: il est vraisemblable qu'il y aurait un rapport entre la tribu libyque des Maxitanis et la ville de Maxula. Il y aurait même lieu de penser que le roi Iarbas, roi de Maxitani, qui a voulu épouser la princesse Elissa, avait pour capitale ou résidence Maxula. Il est probable que Maxula, en tant qu'agglomération libyque, ait pu exister en même temps que Carthage ou du moins elle ait pu assister à la fondation de Carthage par les Phéniciens, lesquels auraient selon la tradition payé tribut aux autochtones contre le terrain qui leur a été accordé pour la fondation de leur ville. Ces autochtones, seraient-ils les Maxitanis ? C'est possible. Il ne s'agit là que d'une donnée dont la valeur historique suscite prudence et circonspection car en se référant à la mythologie, il convient de procéder à un travail d'analyse afin que l'imaginaire ne se mêle pas aux faits historiques. Quoi qu'il en soit, l'imaginaire et le mythe racontent le vécu et véhiculent une part du réel.
    Qu'en est-il de la Maxula punique ?
    La cité radésienne punique gis vraisemblablement sous une partie de la ville moderne qui est établie sur les collines. Dans l'état actuel des connaissances, il est difficile de reconnaître les emplacements de la ville, tels que ses monuments publics religieux, ses places, ses maisons, sa muraille, etc. Il est vrai qu'un lot important de stèles funéraires puniques a été trouvé à Radès et que tout laisse croire qu'une importante nécropole vraisemblablement rattachée à une agglomération punique, ait pu exister.
    Cette nécropole punique, d'après son inventeur, le capitaine Molins aurait après avoir été désaffecté, servi de nécropole romaine dont les tombes se présentent sous forme de fosses couvertes de dalles. Il convient de reconnaître que pour la période punique, l'espace funéraire est identifié sans qu'on soit parvenu à localiser l'habitat; la mise en relation des nécropoles avec leur habitat respectif s'avère difficile ; l'historien n'est pas encore en mesure de faire le lien entre les morts et les vivants. C'est là un problème irritant qui souligne l'importance des lacunes dans la trame du réseau urbain antique.
    Compte tenu de son emplacement stratégique, Maxula a dû jouer un rôle au temps de Carthage.

    Maxula fut établi pour protéger les points faibles de l'accès par la terre qu'offrait les deux cordons littoraux.
    Maxula, à l'origine une agglomération libyque a su certainement profiter des apports phénico-puniques en gardant des spécificités qui sont le résultat de la rencontre entre l'endogène et l'exogène: la Maxula punique est la rencontre entre la composante orientale véhiculée par les Phéniciens et la composante autochtone libyque.
    A l'époque romaine, sous Auguste, une colonie a été fondé sous le nom de Colonia Iulia Ind[ulgentia]ou (Ind[ustria]) Maxula. Les données archéologiques et épigraphiques, que nous avons présenté montrent bien que la cité était importante: un forum, des monuments publics, des thermes, un capitole, sans doute un amphithéâtre, etc.
    Pour l'époque chrétienne, des évêques ont été mentionné en 381, 390, 411, 416, 484, 525, et la mention d'un évêque donatiste en 411. Les rapports de fouilles signalent la présence d'une basilique chrétienne; par ailleurs, il y a lieu de noter que le thème du prophète Daniel habillé a été retrouvé sur une tablette en ivoire découverte à Maxula où figurent le pantalon, le manteau et le bonnet phrygien, sachant que parmi les épisodes bibliques populaires chez les Africains, celui de Daniel ; l'histoire de Daniel exprime pour les Chrétiens la foi dans la résurrection.
    Au Vès, les rois vandales ont établi leurs palais à Maxula; cette information nous la devons à Victor de Vita.
    De l'époque byzantine, nous disposons d'une dédicace sur un bloc de marbre blanc: Cum deo factum est omnia sine deo nihil factum est.
    A la lumière de la documentation disponible qui embrasse toutes les périodes historiques, nous avons essayé de tracer le profil de la prestigieuse cité de Radès, avant la conquête arabe. Maxula, en tant que cité et en tant que produit culturel, se rattache à un fonds africain qui a su profiter de la punicité et de la romanité sans exclure le dialogue avec les autres partenaires de la Méditerranée

    HISTORIQUE par M. Mounir FANTAR

  • طرد عائلتين فلسطينيتين من حي الشيخ جراح العربي في القدس

    الأحد أغسطس 2 2009 - Maher Al Sheikh

    القدس- -واصلت اسرائيل سياسة الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية وعمدت صباح الاحد الى طرد عائلتين فلسطينيتين من منزلين في حي الشيخ جراح العربي في القدس الشرقية، ما اثار مجددا ردود فعل دولية منددة.

    وقال ماهر حنون بعد ان طرد من منزله في حي الشيخ جراح "ولدت في هذا المنزل واولادي ايضا وكنت اقيم بشكل قانوني، والان اصبحنا في الشارع عبارة عن لاجئين".

    ويعتبر حي الشيخ جراح من اهم احياء القدس الشرقية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وضمتها، وفيه مقر قنصليات عدة دول (فرنسا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا والسويد) في فيلات تحيط بها حدائق.

    وقررت السلطة الوطنية التوجه الى مجلس الامن الدولي للعمل فوراً على اعادة العائلتين الى منازلهما فيما عبرت القنصلية الاميركية عن استيائها من هذا الاجراء وقالت ان اخلاء العائلات وهدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية لا يتوافق مع الالتزامات الاسرائيلية وفق خطة خريطة الطريق

    وكانت قد وقعت إشتباكات بالأيدي بين أفراد حرس الحدود والمتضامنين الفلسطينيين والأجانب وعائلة حنون أثناء محاولتهم الاقتراب من منزل هذه العائلة التي تم إخلائها منه واسكان مستوطنين مكانها .

    وردد المشاركون الشعارات المنددة بإخلاء عائلتي الغاوي وحنون ، وأعلنوا عن نيتهم البقاء والنوم أمام منزل العائلة الثانية، حيث قام الجنود خلال ذلك بإعتقال أحد المتضامنين الأجانب.

    وكانت القوات الاسرائيلية قد أخلت في الساعة الخامسة فجرا عائلتي حنون والغاوي بالقوة من منازلهم التسعة في حي الشيخ جراح لاسكان مستوطنين مكانهم وبالتالي تشريد نحو (70) فرداً .

    فيما قام عمال إحدى الشركات الاسرائيلية بإخلاء المنازل من الأثاث ، ونقله بواسطة حافلات ووضعه في الأرض المقابلة لمدرسة عبدالله بن الحسين في الشيخ جراح .

    بعد ذلك قامت القوات الاسرائيلية بإدخال العشرات من المستوطنين في منازل حنون والغاوي ، فيما قامت بإعتقال عشرين متضامنا اجنبيا بعد أن إعتدت عليهم بالضرب المبرح ، وشابين من عائلة الغاوي هما: أيمن وإسلام بعد إصابتهما برضوض .

    كما قامت طواقم البلدية بهدم خيمة الصمود في حي الشيخ جراح ومصادرتها ومنعت المواطنين من الاقتراب من الأرض ، وقامت بتطويق كافة المداخل المؤدية لحي الشيخ جراح بالسواتر الحديدية والتواجد العسكري المشدد.

    وكانت دائرة الإجراء والتنفيذ الاسرائيلية قد جددت الثلاثاء الماضي أمر الإخلاء لعائلتي حنون والغاوي، حيث أمهلتهما مدة عشرة أيام (من 30-7 حتى 10-8) لتنفيذ الإخلاء طوعيا، وهددت الشرطة العائلتين باستخدام القوة في حال عدم التنفيذ .

    وأثناء ذلك تضامن العشرات من الشخصيات الفلسطينية وأهالي مدينة القدس والأجانب مع العائلتين بعد اخراجهما من منازلهما .

    ومن بين الشخصيات الرسمية التي تواجدت لساعات بالقرب من منزل حنون الدكتور رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة ومحافظ القدس عدنان الحسيني ومسؤول ملف القدس في حركة «فتح» حاتم عبد القادر ورئيس وحدة القدس في ديوان الرئاسة أحمد الرويضي ومستشار الحركة الاسلامية لشؤون القدس والمسجد الأقصى علي أبو شيخه وغيرهم .

    (التوجه الى مجلس الأمن)

    وقال الدكتور رفيق الحسيني " إن الخطوة التالية بعد استيلاء المستوطنين بالقوة البوليسية على منزلي عائلتي الغاوي وحنون في حي الشيخ جراح هو التوجه إلى مجلس الأمن، ومطالبة المجتمع الدولي وفي المقدمة منه الولايات المتحدة واللجنة الرباعية، والإتحاد الأوروبي بالعمل فورا على إعادة سبع أسر من عائلتي الغاوي وحنون إلى مساكنهما. وأكد أن هناك اتصالات بدأت مع الأطراف الدولية لمطالبتها بتحمل مسؤولياتها وتحذيرها من تداعيات ما جرى في الشيخ جراح وما ستحمله الأيام القادمة من تطورات.

    (الموقف الأميركي من الإخلاء)

    في هذا الإطار قال المتحدث باسم القنصلية الأمريكية في القدس :» انه كما ذكرت وزيرة الخارجية هليري كلنتون في السابق ان إخلاء العائلات وهدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية لا يتوافق مع الالتزامات الإسرائيلية وفق خطة (خريطة الطريق) .

    واوضح المتحدث نحن نحث الحكومة الإسرائيلية ومسؤولي البلدية على الامتناع عن أي أعمال استفزازية في القدس الشرقية بما في ذلك هدم المنازل والإخلاءات .

    أضاف ان أي إجراءات أحادية يتخذها أي من الجانبين لا يجب أن تؤثر على نتائج المفاوضات ولن يتم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي

    وقال ريتشارد مايرون المنسق الخاص للامم المتحدة لعملية السلام في بيان «نأسف كثيرا لهذه الاعمال غير المقبولة التي تقوم بها اسرائيل عبر اقتلاع فلسطينيين مسجلين لدى الاونروا في الشيخ جراح من منازلهم».

    كما نددت الاونروا في بيان بهذا «القرار غير المقبول والمؤسف والذي ستكون له تداعيات كارثية».

    ووصف روبرت سيري منسق الامم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط طرد الاسرتين بأنه «غير مقبول على الاطلاق» مشيرا الى ان الوسطاء الدوليين ناشدوا اسرائيل في الاونة الاخيرة وقف «الاعمال الاستفزازية» في القدس الشرقية.

    من جهتها دانت القنصلية البريطانية في القدس في بيان طرد العائلتين وقالت «نشعر بالاستياء من هذا الطرد. الحجة الاسرائيلية التي تقول ان فرض توطين مستوطنين يهود متطرفين في حي عربي قديم يعود الى المحاكم الاسرائيلية او البلدية، مرفوضة».

    واكدت القنصلية البريطانية ان «هذه الاعمال لا تتناسب مع الرغبة في السلام التي تعبر عنها اسرائيل.

    ودعت اسرائيل الى عدم السماح للمتطرفين بفرض مواقفهم».

    وصدر بيان عن المتحدث باسم القنصلية البريطانية عبر فيه عن معارضته لما جرى في الشيخ جراح .

    (عريقات: التزام رسمي اسرائيلي للمستوطنين)

    من جانبه أكد الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، أن الحكومة الإسرائيلية أبدت التزامها مرة أخرى للحركات الاستيطانية الإسرائيلية، وذلك عندما أقدمت على طرد وتهجير 70 مواطنا من عائلتي حنون وغاوي، بينهم 51 طفلا من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.

    وأضاف د. عريقات في رسائل عاجلة بعثها للمجتمع الدولي أمس ، أن الحكومة الإسرائيلية ترفض أي من الالتزامات المترتبة عليها من القانون الدولي، والاتفاقات الموقعة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وباقي مؤسسات الأمم المتحدة، وترفض ميثاق لاهاي لعام 1899، وميثاق جنيف لعام 1949، كما ترفض الالتزامات المترتبة عليها من خطة خارطة الطريق، في حين تلتزم فقط بالالتزامات التي تقطعها للحركات الاستيطانية التي تشكل جزءا لا يستهان به من الحكومة الإسرائيلية.

    أكد عريقات أن القنصليات الأجنبية تقع على بعد أمتار من البيوت التي تم إخلائها، ولا يستطيع أحد في المجتمع الدولي ادعاء أو إنكار ما حدث في حي الشيخ جراح.

    شدد على أن الهدف من هذه الممارسات الإسرائيلية، يكمن في تشديد الخناق على البلدة القديمة في القدس في محاولة لفرض الأمر الواقع، معتبرا كافة إجراءات الحكومة الإسرائيلية لاغيه وباطلة، وأن القدس ستبقى عربية فلسطينية وعاصمة لدولة فلسطين.

    وتساءل عريقات: إلى متى سوف يستمر سلوك المجتمع الدولي تجاه مثل هذه الممارسات الإسرائيلية، حيث يتم التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون؟. وهل آن الأوان لأعضاء اللجنة الرباعية للإعلان للعالم عن الطرف الذي يدمر كافة الجهود المبذولة لإطلاق عملية السلام؟.

    (عبد القادر رسالة قوية لمؤتمر فتح)

    من جانبه قال حاتم عبد القادر: «إن ما جرى فجراً في حي الشيخ جراح رسالة قوية لمؤتمر فتح السادس، ما يجعل قضية القدس هي الأولى والأساسية التي يجب على المؤتمر أن يضعها على رأس الأولويات»، واصفا الوضع بالخطير.

    دعا عبد القادر السلطة الوطنية إلى دعوة مجلس الامن عبر المجموعة العربية في المجلس لعقد جلسة طارئة لبحث الاعتداءات على حي الشيخ جراح وارغام اسرائيل على وقف جميع اجراءتها، معتبراً أن عقد هذه الجلسة سيكون اختباراً للموقف الامريكي لما يجري في القدس.

    واشار أحمد الرويضي الى أن الحكومة الاسرائيلية بدأت بسياسة التطهير العرقي في حي الشيخ جراح تمهيدا لبناء 250 وحدة سكنية للمستوطنين.

    وطالب من المشاركين في مؤتمر «فتح» السادس اعادة الاعتبار للعمل الشعبي بالقدس ليكون على مستوى الهجمة التي تتعرض لها المدينة هذه الايام.

    من جانبه قال ديمتري دلياني، الناطق باسم حركة فتح بالقدس، أن اخلاء منزلي عائلتي حنّون و الغاوي في حي الشيخ جرّاح لصالح مستوطنين يهود متطرفين هو تجسيد لسياسة التطهير العرقي الذي تمارسة اسرائيل بحق المقدسيين ودليل على تواطؤ وتشجيع الحكومة الاسرائيلية بأذرعها المختلفة لهذه الممارسات.

    وأكد دلياني أن قوات الجيش والمستوطنون الذين شاركوا في عملية سلب المنزلين قاموا بالاعتداء بالضرب على أفراد الاسرتين البالغ عددهم 53 منهم 20 طفلاً ، كما قاموا بتكسير الابواب و الاثاث و الاجهزة الكهربائية بالرغم من أن محاكم الاحتلال، التي هي جزء لا يتجزاء من أدوات فرض التطهير العرقي، كانت قد أمهلت العائلتين حتى 10-8 لاخلاء المنزلين، الا أن الاحتلال فاجأ الجميع و لم يلتزم بقرارات المحكمة وأظهر مدى كراهيته للمقدسيين عن طريق هذا الاخلاء للمواطنين من منازلهم التي قطنوا فيها لاجئين منذ زمن النكبة.

    وشدد دلياني على أن قضية الشيخ جراح ابتداءت منذ عام 1953 حين تم تشييد 28 منزلاً في المنطقة من قبل الحكومة الأردنية بالاتفاق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين على قطعة أرض مملوكة لعائلة حجازي بحسب وثائق عثمانية وأخرى تعود الى العام 1961، ليقطن بها لاجئون هجّروا قصرياً من منازلهم في مناطق مختلفة من القدس عام 1948.

    وأشار دلياني الى أن أهالي الحي و من ضمنهم عائلتي حنّون و غاوي و الكرد يواجهون مخططات استيطانية لهذا الحي منذ أن ظهرت جمعية استيطانية تحمل اسم «الصديق شمعون» في 1973تدعي أن الأرض مملوكة لها بخلاف الوثائق التي تثبت بطلان هذا الادعاء.

    (بداية لمشروع استيطاني)

    وعبر زياد الحموري مدير المركز عن خشيته من أن يكون الاستيلاء على المنزلين في الشيخ جراح بداية تنفيذ مشروع استيطاني يبدأ من هذا الحي ولا ينتهي إلا على التخوم الجنوبية للبلدة القديمة ، مارا بأحياء واد الجوز، جبل الزيتون ، رأس العمود، وصولا إلى سلوان ، وسفوح جبل المكبر .

    وأضاف: إن ما جرى يؤسس لبداية مرحلة جديدة تستكمل تهويد مدينة القدس، وتفريغها من قاطنيها وعزل البلدة القديمة عن كل ما يحيط بها من الاحياء والقرى الفلسطينية .

    وقال الشيخ علي أبو شيخة - مستشار الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني لشؤون القدس والأقصى:» ما قام به الجيش الإسرائيلي في حي الشيخ جراح يعتبر مرحلة من مراحل التطهير العرقي الذي يمارسه الإحتلال بحق أهلنا المقدسيين ، حيث قاموا بإغلاق منطقة الشيخ جراح وهجروا عشرات الاهل من بيوتهم وقاموا بالسيطرة عليها وإدخال المستوطنين اليهود مكان اصحاب البيوت ، وهذا تطهير عرقي بأبشع صوره ، ومع ذلك فإنّ ما قامت به المؤسسة الإسرائيلية لن يزيدنا وأهلنا المقدسيين إلاّ صمودا وإصراراً للبقاء في أرضنا ومدينتا المقدسة.

    (الشيخ تيسير التميمي)

    من جانبه جدد الشيخ تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين رئيس الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات دعوته لأبناء شعبنا باليقظة وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر ومواصلة شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك والرباط فيه والترقب على مدار الساعة، وذلك بعد إطلاق دعوات جديدة من قبل الجماعات والأحزاب اليهودية المتطرفة لإقتحامه الخميس المقبل، قائلا: ان مسلسل الاقتحامات والدعوات لهدم المسجد الأقصى المبارك تتعدى من كونها تعبّر عن تهديدات بقدر ما تحمل في طياتها توجهات لدى الحكومة الاسرائيلية تسعى من خلالها لقراءة ردود أفعال الشارع العربي والإسلامي ولخلق واقع احتلالي في القدس وإلغاء هويتها العربية والاسلامية، مضيفا ان المسجد الأقصى المبارك جزء من عقيدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بقرار رباني، ومسجد خالص للمسلمين بجميع مبانيه وساحاته وأسواره وأبوابه وقبابه وفضائه وأساساته ولا علاقة لليهود به من قريب أو بعيد، وان مدينة القدس هي عاصمة فلسطين الأبدية السياسية والوطنية والدينية والروحية، محملا حكومة نتنياهو المسؤولية الكاملة عن جميع العواقب والآثار وردة الفعل التي ستترتب على قيام تلك الجماعات باقتحام المسجد الأقصى المبارك وأداء الصلوات التلمودية فيه.

    على صعيد آخر أدان التميمي اقتحام حي الشيخ جراح في القدس وهدم خيمة الصمود وإخلاء منزلي عائلة الغاوي وحنون وتسليمهما للمستوطنين والاعتداء على عدد من المواطنين بالضرب مما أدى إلى إصابتهم بجراح نقلوا على أثرها للمستشفى لتلقي العلاج، وموافقة سلطات الاحتلال على إقامة معهد للهيكل في حي الشرف مشيرا الى ان هذه الاعتداءات الجديدة تضاف إلى سجل اعتداءات الاحتلال لمحاولة هدم المسجد الأقصى المبارك، مشددا على ان المدينة المقدسة تحتضر بسبب حملات الاستيطان المسعورة التي تقوم بها السلطات الاسرائيلية منوها بأن هذه الهجمة الشرسة ضد القدس ومقدساتها تهدف إلى سلخ المدينة بالكامل عن محيطها الفلسطيني وتكريس الاحتلال فيها.

    (النائب مصطفى البرغوثي)

    الى ذلك اعرب النائب الدكتور مصطفى البرغوثي الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية عن ادانته لعملية التطهير العرقي التي قامت بها الحكومة الاسرائيلية أمس من خلال اجلاء عائلتين مقدسيتين عن منزيليهما عنوة في الشيخ جراح في القدس.

    ووصف البرغوثي الاستيلاء على المنزلين وتمليكهما للمستوطنين بقرار من الحكومة الاسرائيلية بانه اجراء عنصري فظ وخطير يؤكد على مدى التطرف والعنصرية الاسرائيلية ويكشف خطورة المخططات التي تنفذها اسرائيل في القدس بهدف تهويد المدينة وافراغها من سكانها الاصليين واستبدالهم بمستوطنين متطرفين.

    وقال البرغوثي ان ما قامت به اسرائيل أمس في القدس هو خرق فاضح وانتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف يستدعي موقفا دوليا حازما مطالبا بفرض عقوبات على الحكومة الاسرائيلية لردعها ووقف اجراءاتها التعسفية والاستيطانية في القدس.

  • 4 espions pour le compte de la France coincés en Algérie !


    Selon El-Khabar d'aujourd'hui, 4 personnes ont été arretées par le DRS à cause de leur activités d'espionnage pour le compte du consulat de France à Annaba.

    Âgés entre 25 et 35 ans, parmi les arrêtés figurent une femme et un ancien militaire blessé par les terroristes, tous les quatre ont admis devant le juge leur dite activité. En faite, ils avaient des photos numériques d'infrastructures administratives et militaires et d'usine pétrochimiques et même des correspondances écrites avec le consulat de France à Annaba. ils ont aussi affirmé que leur missions étaient d'espionner le centre nucléaire de Ain Ouessara (Djelfa) et les plates-formes d'industries pétrochimiques à Skikda outre les infrastructures militaires et sécuritaires. L'affaire n'est pas encore terminée et sera poursuivi par tout le corps sécuritaire de la Wilaya d'El-Taref.


    voici le lien pour l'article original


    http://www.elkhabar.com/quotidien/?ida=165618&idc=67&date_insert=20090720


    نطلق نشاطهم من سكيكدة وانكشف أمرهم بالطارف
    القبض على أربعة جواسيس يشتبه في تعاملهم مع القنصلية الفرنسية بعنابة

    أوقفت المصالح الأمنية الاستخباراتية بولاية الطارف، أول أمس، أربعة أشخاص من بينهم امرأة وضبطت بحوزتهم مراسلات رسمية، صورا رقمية لمنشآت إدارية، أمنية، صناعية بيتروكيماوية وأخرى عسكرية بولايات سكيكدة، عنابة والطارف.
    علمت ''الخبر'' من مصادر موثوقة أن المخابرات الجزائرية تمكنت من توقيف شبكة للتجسس تعمل لحساب القنصلية الفرنسية بعنابة، حيث عثـرت مصالح الأمن، خلال إلقاء القبض على الشبكة المتكونة من 4 أشخاص من بينهم امرأة، على مراسلات رسمية بينهم وبين نائب القنصلية الفرنسية بعنابة، إضافة لصور منشآت عسكرية، وإدارية وحتى مصانع بيتروكيماوية.
    وقد أحالت المصالح المختصة لأمن ولاية الطارف، في ذات اليوم، المتهمين الأربعة على السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة الطارف، ومنه إلى قاضي التحقيق بذات المحكمة، والذي وجه لهم تهمة التجسس المخابراتي لفائدة جهة أجنبية، وأمر بإيداع 3 منهم الحبس ووضع رابعتهم تحت الرقابة القضائية. وحسب مصادر أمنية مؤكدة، فإن جميع المتهمين ينحدرون من بلدية البسباس 60 كلم غربي عاصمة الولاية، تتراوح أعمارهم ما بين 25 و35 سنة، أحدهم عسكري سابق ضحية عملية إرهابية. وفي اعترافاتهم أمام قاضي التحقيق، أقروا بمهامهم التجسسية لفائدة القنصلية الفرنسية بعنابة. ومن أهم أهدافهم التجسسية، حسب اعترافاتهم، المفاعل النووي بعين وسارة بولاية الجلفة والمنشآت الصناعية البيتروكيماوية بولاية سكيكدة، إلى جانب المنشآت الأمنية والعسكرية للولايات الساحلية الشرقية. وكان توقيف المتهمين أول أمس إثـر قيامهم بتصوير منشآت إدارية وأمنية في قلب النسيج العمراني بولاية الطارف، بطريقة تمويهية على أساس أنهم يلتقطون صورا تذكارية. ولاستكمال التحقيق والتحريات في هذا الملف الحساس، تكفلت جميع المصالح الأمنية بالولاية، كل حسب اختصاصها، بالكشف عن ملابسات القضية.

    

    المصدر :الطارف: أ. ملوك
    2009-07-21

  • hypocrisie occidentale ... 7amiha 7aramiha

    hier j'ai vu un documentaire sur les musées en europe ...

    j'ai été frappé par le nombre de trésors égyptiens dans le musée du Louvre par exemple ...

    je me suis dit que ces occidentaux qui prétendent nous apprendre la liberté, la démocratie et presque l'humanité .. ils sont d'une hypocrésie grave

    comment se fait il que ces pays n'ont jamais restitué les trésors qu'ils avaient volé aux pays jadis colonisés et pillés par eux ?

    que font les trésors de l'Egypte en France ?

    de quel droit ?

    jusqu'à quand une bonne partie de notre peuple va-t elle suivre aveuglément les civilisations occidentales soit-disant développées ?

    quand allons nous réaliser l'ampleur de leurs mensonges et comment ils nous sont hypocrites ..

    dans leurs cas .. il est trés vrai que lorsque le doigt montre la lune, l'imbécile regarde le doigt ...


  • تونس التي أحلم بها1



    أحيانا أبحر في التأمل في شؤون بلادنا العزيزة ...


    ومع أنه من المسلم به وأنه من الصعب تحقيق مكاسب اقتصادية أكبر مما تم تحقيقه، وذلك بالنظر إلى موارد البلاد بصفة عامة ..


    لكن هناك حقيقة تؤرقني، كما أتصورها تؤرق كل من أحب هذه البلاد العزيزة .. وهي تدني المستوى الأخلاقي وتفاقم المشاكل الإجتماعية ...


    وبما أنه بقدر ما كان النقد سهلا، فإن إيجاد الحلول يبقى أصعب بكثير ...


    وهو ما جعلني لا أكتفي بالتأمل والتأسف على ما وصل إليه الوضع ...


    حسب رأيي .. السبب الأساسي لتقهقر المبادئ الأخلاقية وتزايد الجرائم والحوادث يتمثل في حركة انتقال السكان من مدنهم وقراهم إلى العاصمة بالخصوص، والمدن الرئيسية في داخل البلاد بدرجة أقل ...


    حيث أن انتقال المواطنين إلى مدن يفتقرون إلى الإحساس بالانتماء إليها، أثمر مجتمعا مدنيا كله أغراب .. وهو ما يشجع على تكاثر الجرائم .. فمن المعروف أن تصرف الشخص في محيط غريب يمنحه جرأة على تخطي الحواجز والمبادئ


    ومن الحلول الممكنة :

    1. فعل كل ما يمكن فعله حتى تتوفر نفس الفرص في كل الولايات .. نفس فرص الشغل، مسارح، أندية رياضية، كليات ... بحيث يمكن الحد من فكرة التنقل للعيش في العاصمة ..

    2. فرض خطة ضد النزوح السلبي : بمعنى وضع مخطط (مثلا مراقبة التنقل بين المدن) للقضاء على ظاهرة حزم الأمتعة والتنقل إلى المدن الكبرى دون أي عقد عمل و/أو دون موطئ قدم .. وهذا من أهم أسباب الانحراف والتسكع وإقلاق راحة المواطنين ... فالغريب الذي يجد نفسه دون مسكن ودون مورد رزق ينحرف بسهولة ..


    في اعتقادي المسألة لا تقل أهمية عن مسألة البطالة .. ولا بد من التفكير فيها وفي سبل إعادة الأمن والأمان إلى مدننا من جهة، وحماية الشباب داخل الجمهورية من الارتماء في نار الإنحراف في أحواز المدن الكبرى ...



    Tunis by night.jpg


  • Vivement le « traditionnel » mégaphone !

    Pour les anciens combattants comme moi, le résultat des années de fac’ s’annonçaient par le biais d’un mégaphone puis par simple affichage ..

     

    megaphone.jpg

    Certes le suspens était lourd et les bousculades étaient désagréables, mais à en juger l’histoire d’une collègue, c’est rien à comparer avec la nouvelle méthode ..

    En effet, aujourd’hui, tout résultat d’études étant devenu une source d’argent .. même les résultats de passages d’années en études supérieures sont cédés à des fournisseurs de contenu, qui se chargent d’en faire le dispatching par « sms » exceptionnellement chers..

    Notre collègue vient justement de nous raconter leur mésaventure, avec le résultat de son fil étudiant dans une Faculté à Tunis : le fils convaincu qu’il avait assez bien passé ses épreuves, s’est vu annoncé par sms, bien sur après plusieurs tentatives et donc à un prix assez important, qu’il était refusé et que sa moyenne était de 0,63 !!!!!!

    imaginez dans quel état lui et sa famille ils avaient passé la nuit ..

    heureusement que finalement, après son passage à la Fac’ il a finalement appris qu’il avait bien réussi son année ..

    ainsi, un simple résultat à couté plusieurs dinars et a détruit les nerfs de toute une famille ..

    la même collègue nous a raconté qu’il y avait même pire .. une camarade à son fils, félicitée par sms lui annonçant sa réussite, a été tristement surprise en apprenant à la Fac’ qu’elle était en fait refusée .. imaginez son état aujourd’hui ..

    Alors mes amis, et sans hésitation aucune, vivement le mégaphone du bon vieux temps ..

  • Lu pour vous : Mieux vaut garder une relation extraconjugale loin de la technologie !

    Reuters :

     

    Mieux vaut garder une relation extraconjugale loin de la technologie, selon une étude de l'opérateur téléphonique australien Telstra qui s'est penché sur les rapports entre l'infidélité et l'usage de sms.

    Un quart des utilisateurs de téléphones portables ont découvert grâce au sms que leur conjoint les trompait ou ont entendu parler par ce biais d'un cas d'infidélité, révèle cette étude. Une personne sur cinq aurait envoyé un message destiné à son partenaire ou amant en se trompant de destinataire.

    Selon ce sondage effectué le mois dernier auprès de plus de 1.200 utilisateurs, le sms est la méthode de communication préférée de 30% des Australiens, révélant ainsi leur dépendance.

    "Envoyer des sms est devenu indispensable au quotidien", dit Glenice MacLellan, directrice des abonnements de Telstra. "C'est une illustration intéressante de l'évolution du mode de vie des Australiens", confirme le sociologue Mark McCrindle dans une préface à ce rapport.

    Quarante pour cent des utilisateurs envoient au moins sept sms par jour, en particulier des femmes qui l'utilisent pour garder le contact avec leur compagnon. Un Australien sur quatre utilise ce moyen de communication pour annoncer une naissance, et un sur cinq environ pour informer ses proches d'une promotion professionnelle.

    Quinze pour cent des sondés avouent qu'ils pourraient envoyer des sms lors d'un enterrement, un mariage ou un baptême et 14% disent avoir déjà envoyé un sms d'une église.

    Pauline Askin, version française Etienne Tailpied, édité par Henri-Pierre André

    source : http://fr.news.yahoo.com/4/20090624/tod-australie-infidelite-technologie-cb1d00a.html

  • Bulletin Hebdo de la CELLULE DE VEILLE REGIONALE Grippe A(H1N1) en Tunisie

    CELLULE DE VEILLE REGIONALE

    Grippe A(H1N1)



    BULLETIN

    D’INFORMATION

    HEBDOMADAIRE

    N°26

    Lundi 22 juin 2009

    Contacts au : Tel : 71.289.630/71.289.271 – Fax : 71.793.015

    CELLULE DE VEILLE REGIONALE

    :Emails : belgacem.brahim@rns.tn / abdelkader.garbouj@rns.tn

    (N°VERT 80 100 340


    Médecin Directeur Régional

    Dr Mohamed DAGHSEN


    Médecin Coordinateur :

    Dr Brahim BELGACEM

    (GSM 22312644)


    Membres :

    Dr Jalel KOOLI

    Dr Lilia TABIB

    Mme Cherifa LAOUANI

    Dr Hayet LAJILI

    Dr Monia ASKRI

    Dr Ahlem GZARA

    Dr Mohamed Naji DALY

    Dr Elhem ZINE

    Dr Houda KHEDIM

    Dr Abdelkader GARBOUJ

    Dr Kamel CHABIR

    Dr Dalila TRIKI

    Dr Hajer KARRAY

    Dr Ali BENNOUR

    Dr Mounir SBOUAI


    Mr Mongi HADJ SALAH


    Sécrétariat :


    Mlle Henda MEHDI


    Introduction

    Suite au passage à la phase 6 du niveau d’alerte à la pandémie de grippe A(H1N1), chaque pays doit préparer sa stratégie pour limiter au maximum la propagation de la maladie. Cette stratégie tiendra compte des données scientifiques mais aussi culturelles et civiques de chaque pays.

    Situation épidémiologique

    Les pays où existe une transmission interhumaine dans la communauté sont les suivants : Argentine, Australie, Canada, Chili, Colombie, Costa-Rica, Guatemala, Honduras, Japon, Mexique, Nicaragua, Nouvelle Zélande, Panama, Pérou, Les Philippines, République Dominicaine, Royaume-Uni, Le Salvador, Thaïlande, Trinidad-et-Tobago et les USA.

    1. Dans le monde :

    Selon le bulletin n°52 de l’OMS du Lundi 22 juin 2009 à 07H00 GMT : 99 pays ont confirmé 52160 cas de grippe A(H1N1) dont 231 décès :

    Répartition des cas de Grippe A (H1N1) / décès

    Afrique du Sud (1 cas)

    Cuba (15 cas)

    Jamaïque (19 cas)

    Portugal (6 cas)

    Algérie (1 cas)

    Danemark (23 cas)

    Japon (850 cas)

    Qatar (8 cas)

    Allemagne (275 cas)

    Dominique (1 cas)

    Jersey (1 cas)

    Rép.Dominic. (93 cas/1décès)

    Antilles curaçao (3 cas)

    EAU (2 cas)

    Jordanie (13 cas)

    Rép. Tchèque (7 cas)

    Antilles sint maarten (1 cas)

    Egypte (39 cas)

    Koweït (26 cas)

    Rép. du Corée (105 cas)

    Arabie Saoudite (35 cas)

    Equateur (95 cas)

    Laos (2 cas)

    Roumanie (18 cas)

    Argentine (1010 cas/7 décès)

    Espagne (522 cas)

    Le Salvador (160 cas)

    Royaume Uni (2506 cas/1décès)

    Australie (2436 cas/1 décès)

    Estonie (5 cas)

    Liban (12 cas)

    Russie (3 cas)

    Autriche (9 cas)

    Fidji (1 cas)

    Luxembourg (3 cas)

    Singapour (142 cas)

    Bahamas (2 cas)

    Finlande (13 cas)

    Malaisie (23 cas)

    Slovaquie (3 cas)

    Bahrain (15 cas)

    France (147 cas)

    Maroc (6 cas)

    Slovénie (1 cas)

    Bangladesh (1 cas)

    Gaza (8 cas)

    Martinique française (1 cas)

    Sri Lanka (4 cas)

    Barbades (4 cas)

    Grèce (48 cas)

    Mexique (7624 cas/113 décès)

    Suède (48 cas)

    Belgique (29 cas)

    Guatemala (208 cas/1 décès)

    Nicaragua (189 cas)

    Suisse (31 cas)

    Barmudes, UKOT (1 cas)

    Honduras (108 cas)

    Norvège (17 cas)

    Suriname (11 cas)

    Bolivie (25 cas)

    Hongrie (7 cas)

    Nouvelle Zélande (258 cas)

    Thaïlande (589 cas)

    Brésil (131 cas)

    Ile de Man (1 cas)

    Oman (3 cas)

    Trinidad et Tobago (18 cas)

    Brunéi Darussalam (1 cas)

    Iles cayman (4 cas)

    Panama (330 cas)

    Turquie (20 cas)

    Bulgarie (2 cas)

    Iles de Samoa (1 cas)

    Papuasie Nlle Guinée (1 cas)

    Ukraine (1 cas)

    Canada (5710 cas/13 décès)

    Iles vierges britaniques (1 cas)

    Paraguay (48 cas)

    Urugay (36 cas)

    Chili (4315 cas/4 décès)

    Inde (44 cas)

    Pays bas (91 cas)

    USA (21449 cas/87 décès)

    Chine (739 cas)

    Irlande (23 cas)

    Pérou (185 cas)

    Venezuela (71 cas)

    Chypre (4 cas)

    Islande (4 cas)

    Philippines (344 cas)

    Viet Nam (35 cas)

    Colombie (71 cas/1 décès)

    Israël (291 cas)

    Pologne (13 cas)

    Yémen (5 cas)

    Costa Rica (149 cas/1 décès)

    Italie (88 cas)

    Polynésie française (1 cas)

























    ( N ° VERT :

    80 100 340









    2. En Tunisie :


    La Tunisie a déclaré aujourd’hui la détection de 2 cas importés de grippe A(H1N1).


    La situation épidémiologique durant la semaine du 15 au 20 juin 2009 de la grippe saisonnière selon le recueil de données des structures de première ligne est habituelle.



    L’évolution hebdomadaire de la grippe saisonnière et des IRA dans les structures de première ligne de Tunis





























    ( N ° VERT :

    80 100 340






















    Virus A (H1N1) de la grippe porcine




















    ( N ° VERT :

    80 100 340



    Le nombre de cas de grippe notifié chaque semaine par les structures de première ligne est en perpétuelle régression.




    Stratégie de riposte contre une pandémie :


    La prévention primaire de la grippe AH1N1 passera probablement par la vaccination de masse de la population à condition qu’un vaccin efficace avec peu d’effets indésirables soit disponible et en quantité suffisante, d’autant plus qu’une double dose serait nécessaire et qu’actuellement on n’a pas encore définit la population qui sera ciblée par cette vaccination.

    La prévention secondaire et tertiaire requiert la mise en place d’une stratégie d’intervention précoce qui nécessite de :

    * Mettre en place un protocole de confinement rapide pour enrayer la propagation de la pandémie de la grippe AH1N1 dès qu’elle est détectée et avant que le virus en cause ne puisse se répandre. Cela consiste à définir une zone autour des cas initiaux dans laquelle seront effectués des traitements antiviraux et des interventions non pharmaceutiques afin d’empêcher le virus de se propager. Il faut établir autour de la zone de confinement une zone tampon qui fera l’objet d’une surveillance intensive pour vérifier si la pandémie est enrayée ou non ;

    * se concentrer sur le traitement précoce des personnes atteintes de grippe et non sur la prophylaxie post-exposition des contacts proches de ces personnes ;



    * assurer un accès rapide aux antiviraux et un traitement rapide aux travailleurs des infrastructures essentielles afin de réduire au minimum les perturbations sociales ;

    * ne pas utiliser d’antiviraux à des fins de prophylaxie pré-exposition (effets indésirables, apparition de souches résistantes, …) ;

    * utiliser les antiviraux pour lutter contre les éclosions en traitant les personnes atteintes le plutôt possible dans les établissements de soins de santé fermés (maisons de retraite, orphelinats…).

    Les règles d’hygiène aussi simples soient-elles restent utiles efficaces et nécessaires pour limiter la propagation de la maladie.

    L’Australie et la Nouvelle Zélande qui ont adopté une stratégie « PROTECT » pourraient être un exemple à suivre ; leur stratégie préconise que « seuls les patients fragiles ainsi que les cas graves avec difficultés respiratoires recevront des antiviraux. Quelques jours après, les mises en quarantaine et le contrôle de fièvre dans les aéroports cesseront, et les écoles ne fermeront plus. Le plan incite les malades peu graves à rester chez eux, sans avoir besoin de se signaler aux autorités sanitaires. Très clairement, il n’est plus question de tester toutes les personnes malades, puisque les symptômes sont généralement modérés ».







    Les actions entreprises par la cellule de veille régionale, la semaine du 15 au 20 juin :


    * Formation et information du personnel médical et paramédical des circonscriptions du Kram et Bardo.


    * 4 visites de suivi ont été effectuées les 15, 17 et 19 juin 2009 par l’équipe régionale d’hygiène à l’Aéroport de Tunis-Carthage, au Port de La Goulette et au Port de Plaisance de Sidi Bou Saïd.
















    TABLEAUX DE GARDE DES EQUIPES MEDICALES ET PARAMEDICALES AU PORT LA GOULETTE DU 1er AU 30 JUIN 2009 (MISE A JOUR) :

    Arrivées entre

    20H00 et 20H00

    Personnel paramédical

    Médecins

    Date

    14H00 – 20H00

    08H00 – 14H00

    14H00 – 20H00

    08H00 –14H00






    Hédi Oueslati

    Soumaya El Euchi




    Abelaziz Abd El Melek

    98332847

    Fadhel Belhassen




    Walid Zaghdoudi

    22651763

    Hassen Laabidi

    Saba Makhlouf

    97428990

    Ferida Bouazzi

    21232655

    Lundi 1/6/2009

    Ferida Riahi

    98693524

    Saloua Nsira

    22527877

    Mardi 2/6/2009

    Sihem Ben Miled

    98341010

    Jalila Bouaziz

    22788711

    Mercredi 3/6/2009

    Samia Badreddine

    21536190

    Sonia Laajimi

    23345118

    Jeudi 4/6/2009

    Ferjania Shili

    98539251

    Emna Ben Jemaa

    21069339

    Vendredi 5/6/2009

    Bochra Ben Youssef

    20260767

    Wassila Romdhani

    98338109

    Samedi 6/6/2009

    Hajer Karray

    98356609

    Raja Mahfoudh

    23549619

    Dimanche 7/6/2009



    Hédi Oueslati

    Soumaya El Euchi



    Walid Zaghdoudi

    22651763

    Hassen Laabidi



    Abelaziz Abd El Melek

    98332847

    Abderrazek Belaïd

    98283186

    Lilia Bouguira

    20345377

    Leila Klibi

    21420449

    Lundi 8/6/2009

    Meriem Hadded

    98426550

    Eya Soudani

    97494291

    Mardi 9/6/2009

    Bousaid Akkari

    25058517

    Hela Kchir

    98244694

    Mercredi 10/6/2009

    Mariem Bahrini

    98356609

    Khedija Najahi

    25464410

    Jeudi 11/6/2009

    Memia Kacem

    98464038

    Samia Bouhouch

    23603607

    Vendredi 12/6/2009

    Samia Bouhouch

    23603607

    Monia Bostangi

    23215572

    Samedi 13/6/2009

    Leila Terzi

    98344106

    Kaouther Bennani

    98317194

    Dimanche 14/6/2009





    Hédi Oueslati

    Soumaya El Euchi





    Abelaziz Abd El Melek

    98332847

    Abderrazek Belaïd

    98283186





    Walid Zaghdoudi

    22651763

    Jalel Ben Sassi

    22705742

    Rachida Rebeh

    98337844

    Lotfi El Kamel

    98674388

    Lundi 15/6/2009

    Souad Zlitni

    98362813

    Zohra Saidane

    95449713

    Mardi 16/6/2009

    Hasna Ameur

    95990148

    Adnane Mouaffek

    98268731

    Mercredi 17/6/2009

    Ferida Bouazzi

    21232655

    Insaf Jammoussi

    98317856

    Jeudi 18/6/2009

    Saloua Nsira

    22527877

    Saba Makhlouf

    97428990

    Vendredi 19/6/2009

    Ferjania Shili

    98539251

    Ferida Riahi

    98693524

    Samedi 20/6/2009

    Jalila Bouaziz

    22788711

    Sihem Ben Miled

    98341010

    Dimanche 21/6/2009




    Hédi Oueslati

    Soumaya El Euchi





    Walid Zaghdoudi

    22651763

    Jalel Ben Sassi

    22705742





    Abelaziz Abd El Melek

    98332847

    Abderrazek Belaïd

    98283186

    Sonia Laajimi

    23345118

    Samia Badreddine

    21536190

    Lundi 22/6/2009

    Emna Ben Jemaa

    21069339

    Bochra Ben Youssef

    20260767

    Mardi 23/6/2009

    Wassila Romdhani

    98338109

    Leila Khiari

    98633193

    Mercredi 24/6/2009

    Raja Mahfoudh

    23549619

    Lilia Bouguira

    20345377

    Jeudi 25/6/2009

    Leila Klibi

    21420449

    Meriem Hadded

    98426550

    Vendredi 26/6/2009

    Hela Kchir

    98244694

    Mariem Bahrini

    98356609

    Samedi 27/6/2009

    Khedija Najahi

    25464410

    Memia Kacem

    98464038

    Dimanche 28/6/2009

    Hédi Oueslati

    Soumaya El Euchi

    Abelaziz Abd El Melek

    Abderrazek Belaïd

    98283186

    Walid Zaghdoudi

    22651763

    Jalel Ben Sassi

    22705742

    Hela Saffar

    98464410

    Hela Saffar

    98464410

    Lundi 29/6/2009

    Monia Bostangi

    23215572

    Leila Terzi

    98344106

    Mardi 30/6/2009


    Très important :

    - La présence de l’équipe médicale et paramédicale est obligatoire lors de la 1ère vacation de 8h00 à 14h00.

    - Pour la 2ème vacation, de 14h00 à 20h00 et en l’absence de l’arrivée de navires, l’équipe peut quitter mais après autorisation du Dr Belgacem (contacter au 22 312 644) avant le départ.



    L’équipe de la cellule de veille régionale reste sensible à toute suggestion en vue d’améliorer le présent bulletin.


  • متابعة لتدوينة "المدونات المشبوهة"


     

    ردا على تدوينتي المتعلقة ب"المدونات المشبوهة"، ثمة مدونة علقت على اللي كتبته كما يلي : " حين يصاب مدون ما بنوبة هستيرية راجيا ربه أن لا يآخذه بما فعله السفهاء لأنه مقتنع أن ربه ظالم يهلك قرية كاملة بصغارها ليعاقب بعض أهلها فقط فإن ذلك أيضا دليل لا على فساد هذه العقيدة فحسب بل على مدى استعداد البعض في تونس لتكوين ميليشيات باساسيج لقتل السفهاء المتآمرين على مستقبلهم كما قتلت ندى و مئات غيرها ، و الاختيار أصلا بين سيئ و أسوأ"

    يعني كفر وتطاول على الجلالة من غير حتى احترام لمعتقدات الآخرين .. وهو في النهاية دليل آخر على ما قلته من أن المدونة هذه مهمتها في الوجود هي محاربة الإسلام ..

    وهاي قائمة في المقالات متاعها في الشهر الجاري بركة :

    * ندا أو الديمقراطية على الطريقة الإسلامية
    * الفرق بين المسلمين وبين اليهود بالأرقام
    * جنود الله في تونستان
    * و الي بنى تونس كان في الأصل ..
    * خير الكلام
    * كيف تشوّه العقيدة الفاسدة عقول أتباعها كلما عادوا ...
    * النصوص التي تقطر إرهابا .. و كذبا..
    * الكذب الكذب و لا شيئ غير الكذب
    * ضد تعدد الزوجات
    * العقيدة الفاسدة و "المسلم الفاسد" !! و عودة للإسلا...
    * رأي ما لعلي عزّت بيجوفيتش
    * مات الذين .. يختشون
    * إسلاموفوبيا أم خوف مرضي من الحرية؟
    * معا من أجل أسبوع وطني للتدوين ضد عاشور الناجي
    * أمثلة من أخلاق بعض المدوّنين التونسيين
    * دافعوا عن بلدنا تونس ضد خطر الوهّابية
    * حديث الورد
    * العقيدة الفاسدة : حرّية المعتقد كمثال

    وآخر تدوينة تندرج في هذه الحرب المعلنة على الإسلام باستخدام تطبيقات محرفة والا أمثلة موجهة، كيف الجريمة المؤسفة اللي تقتلت في إيران بتصرف أحادي في إطار نزاع سياسي ..
    علاش الجهد هذا ما يمشيش في حاجة بناءة .. كيف نقد الإفلاس الأخلاقي في البلاد والا الفساد الإداري ؟
    على كل حال كل حد يعرف شنوة مهمته ووين يحب يوصل ..

    وربي يهدي ما خلق

  • إيران .. موش كان كل واحد يكنس قدام داره خير ؟

    في ما يخص اللي صاير في إيران ..

     

    elections_iran.jpg

     

    كيفكم تفرجت شوية في التلافز الغربية وفي التلافز العربية .. وقريت شوية مدونات، ولاحظت اللي الناس ماخذة مواقف ظهرتلي غريبة برشة ..

     

    وقداش الناس تحب تمارس سلطتها المجانية في الحكم على كل شيء وكل حد ..

     

    تي بربي كيفاش الناس الكل في ديارها وتتدعي أنها تعرف آش صاير في إيران في الواقع ..

     

    والله أنا بالنسبة ليا .. ما دام الإعلام موجه ومصنصر من الشيرتين .. اعتبرت اللي ما انجمش نعمل رأي موضوعي ..

     

    الوضعية اللي نرا فيها : رئيس مفدد العالم على خاطر ما ركحش لأماريكيا، لأنه في الواقع بربي آش عملت إيران لأمريكيا وإلا أوروبا ؟ حتى شي يخليهم حاطين عليها وحاصرينها ..

     

    photo_1243257286978-1-0.jpg

     

    ومن شيرة أخرى مترشح مساندته أمريكيا وأوروبا وفدوا كيفاش ما نجحش ..

     

    Mir-Hossein-Mousavi.jpg

     

    كيفاش صارت الحكاية ؟ حتى حد ما يعرف .. وفي النهاية ما هي إلا أمور داخلية إيرانية .. العالم آش مدخله ؟ موش كان كل واحد يكنس قدام داره خير ... على خاطر البلدان الغربية ماهيش ناقصة خرم وخور من عنصرية ومشاكل أخلاقية واقتصادية وحتى صحية وغيره ..

     

    وربي يهدي ما خلق

  • عن بعض المدونات المشبوهة

    مرة أخرى نلقى نفسي باش نحكي على بعض البلوغات اللي مصنفة "تونسية"، واللي من خلال محتواها تطرح أكثر من سؤال ..


    مبدئيا اللي يحل مدونة، القصد متاعه أنه يعبر على أفكاره وإلا الحاجات اللي تعجبه ..


    لكن ثمة بعض المدونات، من خلال الخط اللي تتبع فيه في مقالاتها، والأفكار اللي تصر عليها، تخلينا نتساءل على أهدافها ..


    كيف يجي واحد، ويجعل من مدونته، موقع رسمي للتنبير على الإسلام، ولمكافحة كل مظاهر الإسلام في تونس .. هنا الواحد من الطبيعي أنه يتساءل على الأسباب اللي وراء حاجة كيف هكة ...


    هذا الكل السيد هذا قضيته في الحياة أنه تونس عربية مسلمة ؟


    وإلا ثمة أيادي أخرى تحب تستغل الأنترنات باش تبث أفكار مسمومة تتعلق بتشويه صورة الإسلام في تونس .. وتدعوا إلى مواقف إلحادية حب من حب وكره من كره تعتبر دخيلة على الشعب التونسي .. لأنه الشاذ يحسب ولكن لا يقاس عليه ..


    بكل صفة أنا نعتقد اللي مشكلة تونس اليوم ما هيش في أنها بلد مسلم، وإنما الحاجة إلى نهضة أخلاقية وثقافية .. كيف اللي كان الإسلام سبب فيها في العالم الكل في زمن هيمنته على العالم .. واللي غابت علينا كيف ضيعنا ديننا ..


    يا سبحان الله، بعد ما كان المبدأ أنه المرأة تستر روحها وتتميز بمناقبها المعنوية، ولات بعض الأصوات تنادي بحق المرأة في العراء، وولات المرا تتمثل أساسا في جسد .. وزيد من فوق اللي تختار أنها تستر روحها تولي تحس روحها عاملة عملة ...


    ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا،

    ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا،

    ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.


    آمين.



    1.gif


  • Tunisie ya Tunisie...

     

    émouvant

  • قواعد السعادة السبع



    لا تكره أحدا مهما أخطأ في حقك(1)

    لا تقلق أبدا(2)

    عش في بساطة مهما علا  شأنك(3)

    توقع خيرا مهما كثر البلاء(4)

    أعطي كثيرا و لو حرمت(5)

    ابتسم  ولو القلب يقطر دما (6)

    لا تقطع دعاءك لأخيك بظهر الغيب(7)

  • les 10 sites les plus visités dans le monde juin 2009

    Voilà la liste des 10 sites les plus visités dans le monde actuellement :

    1. yahoo.com

    2. google.com

    3. youtube.com

    4. live.com

    5. msn.com

    6. myspace.com

    7. wikipedia.org

    8. facebook.com

    9. Blogger.com

    10. yahoo.com Japon

  • الأنترنات هي أيضا جنة الجبناء والمرضى النفسيين

    من المسلم به أن لكل شيء إيجابياته وسلبياته، والأنترنات لم تشذ أبدا عن هذه القاعدة ..

    فبالرغم من كل ما توفره الأنترنات للناس من فرص للتعبير عن آرائهم والإطلاع على ما يجري في العالم بأسره، فإن البعض لم يجد أفضل من استعمالها لأغراض غريبة وغير قانونية وأحيانا لا أخلاقية ..

    وأخص بالذكر في هذا السياق، ما يعمد إليه بعض "المرضى النفسيين" من انتحال صفات أشخاص آخرين على الشبكات الاجتماعية، مثل "الفايس بوك"، مع ما يتسبب فيه ذلك من مغالطة للناس من جهة، ومن تشويه لسمعة الأشخاص التي تنتحل صفاتهم.

    وعلى سبيل المثال، أذكر حالتين تسنى لي الإطلاع عليهما ..

    الحالة الأولى تتعلق باللاعب ياسين الشيخاوي، حيث أنه كلما كان في تونس وتواجد في مكان عمومي، مطعم أو إحدى قاعات الشاي، إلا وتعرض للنقد واللوم لأنه رفض إضافة أحد المعجبين أو الأصدقاء إلى قائمة أصدقائه على الشبكة الاجتماعية المذكورة، والحال أن اللاعب المعني بالأمر غير متواجد على "الفايس بوك"، ولم يسبق له أن التحق بهذه الشبكة بالمرة !!!!!!!

    _2604200936_20090427_2011456863.jpg


    الحالة الثانية أكثر خطورة، بالنظر لما سببته من إحراج للمتضرر، وتخص اللاعب السابق زبير بية، حيث أنه اضطر مؤخرا إلى التقدم بشكوى عدلية ضد أحد "المرضى" الذي انتحل صفته على نفس الشبكة الاجتماعية، ويقوم بترويج مواقف وآراء تخص بالخصوص تسيير النجم الساحلي ورئيس النجم الساحلي، ليست في الحقيقة سوى مواقف شخصية لهذا المريض، وهو ما أساء إلى اللاعب المتضرر حيث أصبح مجبرا على التعليق على ما يكتب على لسانه في "الفايس بوك" وعلى التأكيد على أنه لا علاقة له بها.

     

    BH ZB.JPG

    مثل هذه الحالات كثيرة وعديدة، وقد يكون تفسيرها هو أن الجبناء والمرض النفسيين، المتعطشين للشعبية أو المصطادين في الماء العكر، وجدوا في الأنترنات جنة لهم للقيام بمثل هذه الممارسات الوضيعة ..

    ربي يهدي، وإن شاء الله هذاكة حد الباس

     

  • La nouvelle mode vestimentaire en Israël

    Montrer la réalité sur la mentalité du "seul pays démocratique du Moyen-Orient"...



    L'image choc :

    La nouvelle mode vestimentaire en Israël : " I shot, two kills ! "
    Incitation à tuer les femmes palestiniennes enceintes !!!!



    Piero, groupe Mecanopolis
    Mode vestimentaire de très mauvais goût !





    En Israël,on peut maintenant porter des t-shirt avec l’impression de l’image d’une femme palestinienne enceinte dans un viseur de fusil portant la mention « I shot two kills. »



    Imaginons un peu les réactions si, en Occident, dans le même genre d’idée nauséabonde, on faisait imprimer des t-shirt a l’effigie d’une femme juive enceinte dans le ghetto de Varsovie, avec la mention « D‘une balle j’ai buté deux juifs »…
    Mais nous avons l'esprit sain. JAMAIS nous nous permettrons d'être raciste. Face à ceci, aucun ne peut se permettre de défendre l'état d'Israel! L'état le plus raciste du Moyen Orient et du monde!!
    Comment pourrions-nous nous permettre de penser à attaquer une femme enceinte?!
    Où est la 4e puissance mondiale ?!
    Au lieu de combattre les hommes du Hamas, qui résistent, les sionistes visent les femmes enceintes, quel courage!
    Voyez donc l'intelligence satanique des sionsites, viser une femme enceinte pour diminuer le nombre des palestiniens deux fois plus vite!!!!
    Assoumeh


    Sans commentaire.

    Envoyé par Piero, Groupe Mecanopolis
    D’après un article d’Haaretz


    http://www.mecanopo lis.org/? p=4800&type=1
    D'autres "models"



    voici donc la réalité sur la mentalité du "seul pays démocratique du Moyen-Orient"
  • يا شباب العلى !!!!!!!

    يا شباب العلى !!!!!!!

     

    شوفوا المشهد المؤسف اللي تصدمت بيه وانا مروح لداري نهار السبت

    الوليدات الصغار اللي في الكولاج، ما لقاوش كيفاش يحتفلوا بجمعة الامتحانات المغلقة أحسن من أنهم يقطعوا ويفتفتوا الكرارس والكتب متاع المواد اللي عداوها !!!!!!

     

    BH 500.jpg

     

    BH 501.jpg

     

    بجاه ربي آشنوة ذنب هاك المسكين اللي يكنس في المنطقة هذيكه ؟

     

    توة هذا شباب الواحد يستنى منهم نهار آخر حويجة باهية تفيدهم وتفيدنا وتفيد البلاد ؟

     

    يالله يا شباب العلى !!!!!!!

  • Agir comme on peut .. ce n'est jamais peu de chose

    « Tu peux serrer une abeille dans ton poing jusqu'à ce qu'elle étouffe.

    Elle ne mourra pas sans t'avoir piqué.

    C'est peu de chose, sans doute, mais si elle ne le faisait pas il y a longtemps qu'il n'y aurait plus d'abeilles ! »

  • علي .. من غزة هاشم

    1580-2.jpg


    ,
    اقتربت الساعة من منتصف النهار

    فارتدى علي معطفه الأزرق, وحمل جرابا ثم وقف بباب المنزل برهة من الزمن

    تمعن في الأفق, أصغى جيدا .. ثم انطلق عدوا يطوي الأرض طيا 
    كما تعود عليه منذ أسبوعين, عليه أن يبلغ دكان العم أحمد ليتزود بقليل من السميد والزيت ..
    لم يبق بالبيت الا الفتات,
    وقلبه يتمزق كلما ألقى بصره على وجوه اخوته وهم يكتمون جوعهم وخوفهم ..
    أما هو, فلم يعد صبيا, 
    اليوم وقد تجاوز الرابعة عشر عليه أن يوفر كل ما تحتاجه عائلته .. كما وعد أباه بذلك ..
    انتزعه من خواطره انفجار عنيف في الشارع الموازي .. 
    فزاد في سرعته .. 
    ولكن خيبته كانت كبيرة عند المنعطف ..
    لم يبقى أي أثر للبناية التي كان بها دكان العم أحمد .. لقد دكها قصف الليلة الماضية دكا ...
    وقف هنيهة يفكر ... مالعمل الآن ؟
    .. لا يمكن أن يعود إلى المنزل دون قليل من المؤونة .. 
    أجال بصره في الشارع .. أو بالأحرى فيما تبقى منه .. 
    أبصر بعض الأشخاص يقلبون الركام .. يبحثون عن بعض الأثاث أو ربما عن فقيد عزيز ..
    وتفطن الى أنه لم يشعر بالحزن أبدا على العم أحمد ..
    .. بل لم يفكر حتى في السؤال عنه .. ربما لم يصبه القصف .. 
    شعر بالخجل قليلا .. لكن سرعان ما تذكر المأزق الذي هو فيه .. 
    أخيرا قرر أن يبحث في الشوارع المحيطة بالمدرسة التابعة لمنظمة الأمم المتحدة .. 
    الطريق خطيرة ولكن حظوظه أوفر للحصول على المؤونة ...
    في الطريق اخترق شوارعا ملأها الدمار .. 
    وصمتا ثقيلا .. يقطعه بين الحين والآخر صوت انفجار أو أزيز طائرة أو صاروخ .. 
    ولكنه لم يكترث لذلك
    ولم يمنعه كل ذلك من الشعور بالراحة وهو عائد إلى البيت وقد فاز بمؤونة قد تكفيهم عدة أيام ..
    استلقى علي على الأريكة التي أصبحت فراشه منذ بدء العدوان, 
    ومنذ أن دمرت إحدى الغارات الأولى منزلهم, 
    وأبحر مع خواطره .. 
    انه لا يفهم لماذا تهدم قوات الاحتلال مدينته, 
    ولا يفهم لماذا كل هذا الدمار .. 
    ولكنه تذكر وعده لأبيه .. 
    بأنهم لم يستسلموا أبدا لليأس ..
    فهم رغم كل ما يجري ..
    يحبون الحياة ...

    بهاء الدين الحجري
    ,

  • le "zonnar" interdit au stade !

    le zonnar est le nom que nous donnons au fameux foulard ou keffieh .. 


    il s'agit d'une simple coiffe traditionnelle des paysans et des Bédouins arabes .. devenue célèbre car elle est portée par les palestiniens ..

    un tissu trés "inoffensif" qui ne risque pas d'exploser ni de blesser quiconque

    en ce moment, à titre de solidarité j'en mettait souvent un, bien adapté à nos couleurs .. car il était rouge et jaune .. et que 'jia acheté de tunis ville ..

    à mon énorme surprise hier à l'entrée du stade "on" me l'a arraché ! pour entrer au stade il fallait l'enlever ... j'ia demandé pourquoi ? on m'a répondu : le zonnar est interdit au stade !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

    le cache col lui c'est ok .. le chapeau papa noel aussi .. 

    franchement j'ai longumement réfléchi à la raison de cette interdiction .. j'ai trouvé plusieurs explications possible .. 

    mais j'ia opté à la suivante : mon zonnar "lui " a plu et avait voulu le garder pour lui même

    bien sur aprés le match j'ai cherché le "type" pour récupérer mon précieux zonnar . mais il avait disparu ..

    maintenant en me rendons au stade il faudra que je devine ce qui pourrait être interdit là bas ..

  • ماذا بعد الغضب ؟

    بالأمس

    قال لي أحد زملائي : أراك كثير الانشغال بما يحدث في غزة

    قلت له : إنني مؤمن بأنا لنا مسؤولية في ذلك .. وأن الله لابد أن يسائلنا عما يحدث

    فرد بأنه مقتنع بأنه هناك أمور أكثر أهمية من الاهتمام بهذه المسألة, ثم في الآخر ما العمل ؟

    هكذا, ومن منطلق احترام كل الآراء, انصرفت مفكرا في مدى وجاهة رأيه ..

    في الحقيقة السؤال المطروح اليوم على كامل الأمة الإسلامية: ماذا بعد الغضب ؟ ماذا بعد الاستنكار ؟ ماذا بعد إرسال المساعدات والتبرعات ؟

    أنا أعتقد أن الغضب أضعف الأيمان ... ولكنني مقتنع كذلك بأنه حان الوقت للنهوض بأمتنا, بشعوبنا وبأوطاننا .

    إذن بعد الغضب عمل كبير ينتظرنا ..

    هل يعقل أن يتقدم كل العالم ونقبع نحن في المؤخرة ؟

    كيف يمكن أن نظل مجرد مستهلكين لما ينتج في بقية العالم ؟

    البداية مرتبطة حتما بوجوب إدراك مدى تخلفنا العلمي والاقتصادي بالخصوص

    لا بد أن نعي جيدا أن العمل هو السبيل الوحيد للنهضة ..

    الغد يجب إعداده من اليوم .. وبالتالي من لم يعد شيئا اليوم .. فلن يكون له غد مشرق ..

    .حان الوقت لتحرير الشعوب من وطأة الانقسامات المذهبية والطائفية

    حان الوقت الاتحاد والتعاون والتبادل ...

    كيف تتحد دول لها أعراق مختلفة ولغات مختلفة ومذاهب مختلفة وتاريخ مختلف ولا تتحد دول لها نفس الدين والتاريخ واللغة ؟

    الوحدة المقصودة ليست سياسية .. فلا معنى لإنشاء دولة قد تسمى الولايات المتحدة الإسلامية.

    إنما المقصود وحدة اقتصادية وعلمية ..

    المقصود ليس الانغلاق والعدائية تجاه الغرب .. إنما الوعي بأن مصالح الدول الإسلامية المشتركة تقتضي العمل معا ..

    فلا حرية مع اقتصاد هش لا يفي بحاجيات الشعب, ولا سلام إذا ما أطعمتنا الدول الغربية .

    لا بد من الإيمان بأنه حان الوقت لانتفاضة علمية, ولثورة اقتصادية حتى نلتحق بمصاف الدول الحرة والمستقلة

    اليوم وأكثر من أي وقت مضى, تتجلى أمامنا معاني الآية الكريمة : " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" صدق الله العظيم.

  • Personne n'a et n'aura le droit d'imposer sa petite pensée à un peuple

    j'ai accouru à un groupe avec un intitulé "Tunisie : Pour le changement des mentalité : EVOLUONS ! !"

    .. je me suis dit :"génial un groupe pour dénoncer les mal élevés, les gros mots, les ivrognes dans la rue, les canettes de bière sur les bas côtés, les putes à deux balles aux coins des rues des cités huppées ... le vice, les nattaras, les braqueurs ... la corruption .. etc .."

    ma surprise fut énorme lorsque j'ai découvert que ce groupe était créé pour promouvoir : l'homosexualité, le mariage d'une tunisienne avec les non musulmans, le concubinage, les rapports sexuels hors mariage ... en priorité !

    j'ai fait un tour sur les sujets de discussion .. et j'ai découvert des injures, des expressions super extrémistes à l'encontre des voilées .. et j'en passe ..

    à mon humble avis, les premiers qui devraient évoluer .. c'est ceux qui pensent que tous les tunisiens sont comme eux ..

    celui qui a créé ce groupe pour promouvoir ces .. je ne sais comment qualifier ces choses .. doit le premier comprendre que ce qui nous manque le plus en Tunisie c'est la tolérance .. dans le sens opposé ..

    car, chez nous, on tolère bien plus les putes que les voilées, les pédés que les barbus ..

    chacun est libre de faire ce qu'il veut de sa vie ..

    personne n'a et n'aura le droit d'imposer sa petite pensée à un peuple ..

  • une soirée pas comme les autres

    Il était 20H00
    Je me suis isolé au salon
    Avec mon café arabe, et non pas turc comme le prétendent les occidentaux, et mon « After 8 »
    J’ai allumé ma radio, et j’ai pris ma place sur notre plus confortable divan
    Les trois heures à venir étaient les miennes …
    Trois heures passées dans les bras de mon club de cœur, l’Etoile,
    A travers la riche et glorieuse carrière de « Si Othmane » .. et ses intersections avec celles de « Si Majid », yassine chikhaoui et Zied Jaziri .. entre autres ..

    n740585623_4716144_7102.jpg


    C’était une soirée pas comme les autres ..
    Une soirée trempée dans l’essence de l’amour de l’Etoile …
    J’ai pu remémoré des moments intenses de joies .. d’autres moins joyeux ..
    Une fois de plus .. plus que jamais .. je me suis couché très fier d’être étoiliste …