الأحد أغسطس 2 2009 - Maher Al Sheikh
القدس- -واصلت اسرائيل سياسة الاستيطان اليهودي في القدس الشرقية وعمدت صباح الاحد الى طرد عائلتين فلسطينيتين من منزلين في حي الشيخ جراح العربي في القدس الشرقية، ما اثار مجددا ردود فعل دولية منددة.
وقال ماهر حنون بعد ان طرد من منزله في حي الشيخ جراح "ولدت في هذا المنزل واولادي ايضا وكنت اقيم بشكل قانوني، والان اصبحنا في الشارع عبارة عن لاجئين".
ويعتبر حي الشيخ جراح من اهم احياء القدس الشرقية التي احتلتها اسرائيل عام 1967 وضمتها، وفيه مقر قنصليات عدة دول (فرنسا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا والسويد) في فيلات تحيط بها حدائق.
وقررت السلطة الوطنية التوجه الى مجلس الامن الدولي للعمل فوراً على اعادة العائلتين الى منازلهما فيما عبرت القنصلية الاميركية عن استيائها من هذا الاجراء وقالت ان اخلاء العائلات وهدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية لا يتوافق مع الالتزامات الاسرائيلية وفق خطة خريطة الطريق
وكانت قد وقعت إشتباكات بالأيدي بين أفراد حرس الحدود والمتضامنين الفلسطينيين والأجانب وعائلة حنون أثناء محاولتهم الاقتراب من منزل هذه العائلة التي تم إخلائها منه واسكان مستوطنين مكانها .
وردد المشاركون الشعارات المنددة بإخلاء عائلتي الغاوي وحنون ، وأعلنوا عن نيتهم البقاء والنوم أمام منزل العائلة الثانية، حيث قام الجنود خلال ذلك بإعتقال أحد المتضامنين الأجانب.
وكانت القوات الاسرائيلية قد أخلت في الساعة الخامسة فجرا عائلتي حنون والغاوي بالقوة من منازلهم التسعة في حي الشيخ جراح لاسكان مستوطنين مكانهم وبالتالي تشريد نحو (70) فرداً .
فيما قام عمال إحدى الشركات الاسرائيلية بإخلاء المنازل من الأثاث ، ونقله بواسطة حافلات ووضعه في الأرض المقابلة لمدرسة عبدالله بن الحسين في الشيخ جراح .
بعد ذلك قامت القوات الاسرائيلية بإدخال العشرات من المستوطنين في منازل حنون والغاوي ، فيما قامت بإعتقال عشرين متضامنا اجنبيا بعد أن إعتدت عليهم بالضرب المبرح ، وشابين من عائلة الغاوي هما: أيمن وإسلام بعد إصابتهما برضوض .
كما قامت طواقم البلدية بهدم خيمة الصمود في حي الشيخ جراح ومصادرتها ومنعت المواطنين من الاقتراب من الأرض ، وقامت بتطويق كافة المداخل المؤدية لحي الشيخ جراح بالسواتر الحديدية والتواجد العسكري المشدد.
وكانت دائرة الإجراء والتنفيذ الاسرائيلية قد جددت الثلاثاء الماضي أمر الإخلاء لعائلتي حنون والغاوي، حيث أمهلتهما مدة عشرة أيام (من 30-7 حتى 10-8) لتنفيذ الإخلاء طوعيا، وهددت الشرطة العائلتين باستخدام القوة في حال عدم التنفيذ .
وأثناء ذلك تضامن العشرات من الشخصيات الفلسطينية وأهالي مدينة القدس والأجانب مع العائلتين بعد اخراجهما من منازلهما .
ومن بين الشخصيات الرسمية التي تواجدت لساعات بالقرب من منزل حنون الدكتور رفيق الحسيني رئيس ديوان الرئاسة ومحافظ القدس عدنان الحسيني ومسؤول ملف القدس في حركة «فتح» حاتم عبد القادر ورئيس وحدة القدس في ديوان الرئاسة أحمد الرويضي ومستشار الحركة الاسلامية لشؤون القدس والمسجد الأقصى علي أبو شيخه وغيرهم .
(التوجه الى مجلس الأمن)
وقال الدكتور رفيق الحسيني " إن الخطوة التالية بعد استيلاء المستوطنين بالقوة البوليسية على منزلي عائلتي الغاوي وحنون في حي الشيخ جراح هو التوجه إلى مجلس الأمن، ومطالبة المجتمع الدولي وفي المقدمة منه الولايات المتحدة واللجنة الرباعية، والإتحاد الأوروبي بالعمل فورا على إعادة سبع أسر من عائلتي الغاوي وحنون إلى مساكنهما. وأكد أن هناك اتصالات بدأت مع الأطراف الدولية لمطالبتها بتحمل مسؤولياتها وتحذيرها من تداعيات ما جرى في الشيخ جراح وما ستحمله الأيام القادمة من تطورات.
(الموقف الأميركي من الإخلاء)
في هذا الإطار قال المتحدث باسم القنصلية الأمريكية في القدس :» انه كما ذكرت وزيرة الخارجية هليري كلنتون في السابق ان إخلاء العائلات وهدم البيوت الفلسطينية في القدس الشرقية لا يتوافق مع الالتزامات الإسرائيلية وفق خطة (خريطة الطريق) .
واوضح المتحدث نحن نحث الحكومة الإسرائيلية ومسؤولي البلدية على الامتناع عن أي أعمال استفزازية في القدس الشرقية بما في ذلك هدم المنازل والإخلاءات .
أضاف ان أي إجراءات أحادية يتخذها أي من الجانبين لا يجب أن تؤثر على نتائج المفاوضات ولن يتم الاعتراف بها من قبل المجتمع الدولي
وقال ريتشارد مايرون المنسق الخاص للامم المتحدة لعملية السلام في بيان «نأسف كثيرا لهذه الاعمال غير المقبولة التي تقوم بها اسرائيل عبر اقتلاع فلسطينيين مسجلين لدى الاونروا في الشيخ جراح من منازلهم».
كما نددت الاونروا في بيان بهذا «القرار غير المقبول والمؤسف والذي ستكون له تداعيات كارثية».
ووصف روبرت سيري منسق الامم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط طرد الاسرتين بأنه «غير مقبول على الاطلاق» مشيرا الى ان الوسطاء الدوليين ناشدوا اسرائيل في الاونة الاخيرة وقف «الاعمال الاستفزازية» في القدس الشرقية.
من جهتها دانت القنصلية البريطانية في القدس في بيان طرد العائلتين وقالت «نشعر بالاستياء من هذا الطرد. الحجة الاسرائيلية التي تقول ان فرض توطين مستوطنين يهود متطرفين في حي عربي قديم يعود الى المحاكم الاسرائيلية او البلدية، مرفوضة».
واكدت القنصلية البريطانية ان «هذه الاعمال لا تتناسب مع الرغبة في السلام التي تعبر عنها اسرائيل.
ودعت اسرائيل الى عدم السماح للمتطرفين بفرض مواقفهم».
وصدر بيان عن المتحدث باسم القنصلية البريطانية عبر فيه عن معارضته لما جرى في الشيخ جراح .
(عريقات: التزام رسمي اسرائيلي للمستوطنين)
من جانبه أكد الدكتور صائب عريقات رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، أن الحكومة الإسرائيلية أبدت التزامها مرة أخرى للحركات الاستيطانية الإسرائيلية، وذلك عندما أقدمت على طرد وتهجير 70 مواطنا من عائلتي حنون وغاوي، بينهم 51 طفلا من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية.
وأضاف د. عريقات في رسائل عاجلة بعثها للمجتمع الدولي أمس ، أن الحكومة الإسرائيلية ترفض أي من الالتزامات المترتبة عليها من القانون الدولي، والاتفاقات الموقعة وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة وباقي مؤسسات الأمم المتحدة، وترفض ميثاق لاهاي لعام 1899، وميثاق جنيف لعام 1949، كما ترفض الالتزامات المترتبة عليها من خطة خارطة الطريق، في حين تلتزم فقط بالالتزامات التي تقطعها للحركات الاستيطانية التي تشكل جزءا لا يستهان به من الحكومة الإسرائيلية.
أكد عريقات أن القنصليات الأجنبية تقع على بعد أمتار من البيوت التي تم إخلائها، ولا يستطيع أحد في المجتمع الدولي ادعاء أو إنكار ما حدث في حي الشيخ جراح.
شدد على أن الهدف من هذه الممارسات الإسرائيلية، يكمن في تشديد الخناق على البلدة القديمة في القدس في محاولة لفرض الأمر الواقع، معتبرا كافة إجراءات الحكومة الإسرائيلية لاغيه وباطلة، وأن القدس ستبقى عربية فلسطينية وعاصمة لدولة فلسطين.
وتساءل عريقات: إلى متى سوف يستمر سلوك المجتمع الدولي تجاه مثل هذه الممارسات الإسرائيلية، حيث يتم التعامل مع إسرائيل كدولة فوق القانون؟. وهل آن الأوان لأعضاء اللجنة الرباعية للإعلان للعالم عن الطرف الذي يدمر كافة الجهود المبذولة لإطلاق عملية السلام؟.
(عبد القادر رسالة قوية لمؤتمر فتح)
من جانبه قال حاتم عبد القادر: «إن ما جرى فجراً في حي الشيخ جراح رسالة قوية لمؤتمر فتح السادس، ما يجعل قضية القدس هي الأولى والأساسية التي يجب على المؤتمر أن يضعها على رأس الأولويات»، واصفا الوضع بالخطير.
دعا عبد القادر السلطة الوطنية إلى دعوة مجلس الامن عبر المجموعة العربية في المجلس لعقد جلسة طارئة لبحث الاعتداءات على حي الشيخ جراح وارغام اسرائيل على وقف جميع اجراءتها، معتبراً أن عقد هذه الجلسة سيكون اختباراً للموقف الامريكي لما يجري في القدس.
واشار أحمد الرويضي الى أن الحكومة الاسرائيلية بدأت بسياسة التطهير العرقي في حي الشيخ جراح تمهيدا لبناء 250 وحدة سكنية للمستوطنين.
وطالب من المشاركين في مؤتمر «فتح» السادس اعادة الاعتبار للعمل الشعبي بالقدس ليكون على مستوى الهجمة التي تتعرض لها المدينة هذه الايام.
من جانبه قال ديمتري دلياني، الناطق باسم حركة فتح بالقدس، أن اخلاء منزلي عائلتي حنّون و الغاوي في حي الشيخ جرّاح لصالح مستوطنين يهود متطرفين هو تجسيد لسياسة التطهير العرقي الذي تمارسة اسرائيل بحق المقدسيين ودليل على تواطؤ وتشجيع الحكومة الاسرائيلية بأذرعها المختلفة لهذه الممارسات.
وأكد دلياني أن قوات الجيش والمستوطنون الذين شاركوا في عملية سلب المنزلين قاموا بالاعتداء بالضرب على أفراد الاسرتين البالغ عددهم 53 منهم 20 طفلاً ، كما قاموا بتكسير الابواب و الاثاث و الاجهزة الكهربائية بالرغم من أن محاكم الاحتلال، التي هي جزء لا يتجزاء من أدوات فرض التطهير العرقي، كانت قد أمهلت العائلتين حتى 10-8 لاخلاء المنزلين، الا أن الاحتلال فاجأ الجميع و لم يلتزم بقرارات المحكمة وأظهر مدى كراهيته للمقدسيين عن طريق هذا الاخلاء للمواطنين من منازلهم التي قطنوا فيها لاجئين منذ زمن النكبة.
وشدد دلياني على أن قضية الشيخ جراح ابتداءت منذ عام 1953 حين تم تشييد 28 منزلاً في المنطقة من قبل الحكومة الأردنية بالاتفاق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين على قطعة أرض مملوكة لعائلة حجازي بحسب وثائق عثمانية وأخرى تعود الى العام 1961، ليقطن بها لاجئون هجّروا قصرياً من منازلهم في مناطق مختلفة من القدس عام 1948.
وأشار دلياني الى أن أهالي الحي و من ضمنهم عائلتي حنّون و غاوي و الكرد يواجهون مخططات استيطانية لهذا الحي منذ أن ظهرت جمعية استيطانية تحمل اسم «الصديق شمعون» في 1973تدعي أن الأرض مملوكة لها بخلاف الوثائق التي تثبت بطلان هذا الادعاء.
(بداية لمشروع استيطاني)
وعبر زياد الحموري مدير المركز عن خشيته من أن يكون الاستيلاء على المنزلين في الشيخ جراح بداية تنفيذ مشروع استيطاني يبدأ من هذا الحي ولا ينتهي إلا على التخوم الجنوبية للبلدة القديمة ، مارا بأحياء واد الجوز، جبل الزيتون ، رأس العمود، وصولا إلى سلوان ، وسفوح جبل المكبر .
وأضاف: إن ما جرى يؤسس لبداية مرحلة جديدة تستكمل تهويد مدينة القدس، وتفريغها من قاطنيها وعزل البلدة القديمة عن كل ما يحيط بها من الاحياء والقرى الفلسطينية .
وقال الشيخ علي أبو شيخة - مستشار الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني لشؤون القدس والأقصى:» ما قام به الجيش الإسرائيلي في حي الشيخ جراح يعتبر مرحلة من مراحل التطهير العرقي الذي يمارسه الإحتلال بحق أهلنا المقدسيين ، حيث قاموا بإغلاق منطقة الشيخ جراح وهجروا عشرات الاهل من بيوتهم وقاموا بالسيطرة عليها وإدخال المستوطنين اليهود مكان اصحاب البيوت ، وهذا تطهير عرقي بأبشع صوره ، ومع ذلك فإنّ ما قامت به المؤسسة الإسرائيلية لن يزيدنا وأهلنا المقدسيين إلاّ صمودا وإصراراً للبقاء في أرضنا ومدينتا المقدسة.
(الشيخ تيسير التميمي)
من جانبه جدد الشيخ تيسير رجب التميمي قاضي قضاة فلسطين رئيس الهيئة الاسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات دعوته لأبناء شعبنا باليقظة وأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر ومواصلة شد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك والرباط فيه والترقب على مدار الساعة، وذلك بعد إطلاق دعوات جديدة من قبل الجماعات والأحزاب اليهودية المتطرفة لإقتحامه الخميس المقبل، قائلا: ان مسلسل الاقتحامات والدعوات لهدم المسجد الأقصى المبارك تتعدى من كونها تعبّر عن تهديدات بقدر ما تحمل في طياتها توجهات لدى الحكومة الاسرائيلية تسعى من خلالها لقراءة ردود أفعال الشارع العربي والإسلامي ولخلق واقع احتلالي في القدس وإلغاء هويتها العربية والاسلامية، مضيفا ان المسجد الأقصى المبارك جزء من عقيدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بقرار رباني، ومسجد خالص للمسلمين بجميع مبانيه وساحاته وأسواره وأبوابه وقبابه وفضائه وأساساته ولا علاقة لليهود به من قريب أو بعيد، وان مدينة القدس هي عاصمة فلسطين الأبدية السياسية والوطنية والدينية والروحية، محملا حكومة نتنياهو المسؤولية الكاملة عن جميع العواقب والآثار وردة الفعل التي ستترتب على قيام تلك الجماعات باقتحام المسجد الأقصى المبارك وأداء الصلوات التلمودية فيه.
على صعيد آخر أدان التميمي اقتحام حي الشيخ جراح في القدس وهدم خيمة الصمود وإخلاء منزلي عائلة الغاوي وحنون وتسليمهما للمستوطنين والاعتداء على عدد من المواطنين بالضرب مما أدى إلى إصابتهم بجراح نقلوا على أثرها للمستشفى لتلقي العلاج، وموافقة سلطات الاحتلال على إقامة معهد للهيكل في حي الشرف مشيرا الى ان هذه الاعتداءات الجديدة تضاف إلى سجل اعتداءات الاحتلال لمحاولة هدم المسجد الأقصى المبارك، مشددا على ان المدينة المقدسة تحتضر بسبب حملات الاستيطان المسعورة التي تقوم بها السلطات الاسرائيلية منوها بأن هذه الهجمة الشرسة ضد القدس ومقدساتها تهدف إلى سلخ المدينة بالكامل عن محيطها الفلسطيني وتكريس الاحتلال فيها.
(النائب مصطفى البرغوثي)
الى ذلك اعرب النائب الدكتور مصطفى البرغوثي الامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية عن ادانته لعملية التطهير العرقي التي قامت بها الحكومة الاسرائيلية أمس من خلال اجلاء عائلتين مقدسيتين عن منزيليهما عنوة في الشيخ جراح في القدس.
ووصف البرغوثي الاستيلاء على المنزلين وتمليكهما للمستوطنين بقرار من الحكومة الاسرائيلية بانه اجراء عنصري فظ وخطير يؤكد على مدى التطرف والعنصرية الاسرائيلية ويكشف خطورة المخططات التي تنفذها اسرائيل في القدس بهدف تهويد المدينة وافراغها من سكانها الاصليين واستبدالهم بمستوطنين متطرفين.
وقال البرغوثي ان ما قامت به اسرائيل أمس في القدس هو خرق فاضح وانتهاك للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف يستدعي موقفا دوليا حازما مطالبا بفرض عقوبات على الحكومة الاسرائيلية لردعها ووقف اجراءاتها التعسفية والاستيطانية في القدس.